ثلاثة أسئلة للسيد عبد الودود خرباش، مدير الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية

العدالة اليوم : أخبار المملكة

يشكل اليوم الوطني لمحاربة الأمية مناسبة للوقوف عند وضعية الأمية في المغرب والتدابير التي تتخذها الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بتنسيق مع مختلف الفاعلين في المجال لوضع مقاربة تشاركية لبرامج محاربة الأمية وملاءمتها حسب حاجيات المستفيدين.

 

في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم الوطني لمحاربة الأمية (13 أكتوبر)، يسلط  مدير الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، عبد الودود خربوش الضوء على عمل الوكالة والإنجازات التي حققتها من أجل تسريع وتيرة الإنجاز لبلوغ الهدف العام الذي تتضمنه خارطة الطريق الجديدة للوكالة، والمتمثل في خفض معدل الأمية إلى مستوى يسمح بالقضاء عليها بحلول عام 2029. 

 

1- هل يمكن القول إن نتائج برامج الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بتنسيق مع الشركاء والفاعليين في المجال تجعل المغرب قريبا من كسب رهان محو الأمية ؟

يعتبر ورش محاربة الأمية مسؤولية جماعية والتزاما وطنيا يستوجب تعزيز التنسيق وتقوية تعبئة جميع الفاعلين من أجل تحقيق الأهداف المسطرة، وكذا الحرص على الانسجام في تحديد أولويات التدخل والعمل على أن تكون محاربة الأمية وتأهيل الموارد البشرية محور الالتقائية بين مختلف المبادرات التنموية.

فقد تمكنت الوكالة، بفضل تظافر جهود جميع المتدخلين من توسيع قاعدة المستفيدين من خلال تنويع العرض في مجال محاربة الأمية وتنفيذ برامج تلبي احتياجات مختلف المستفيدين. فعدد المستفيدين من برامج محو الأمية تجاوز خلال السنوات الخمس الماضية عتبة المليون مستفيد سنويا، ويندرج هذا الإنجاز في سياق تحقيق هدف القضاء على الأمية في أفق سنة 2029.

وبلغ العدد التراكمي لمجموع المستفيدين حوالي 9,1 ملايين مستفيد، وبمتوسط زيادة سنوية في الالتحاق تقدر ب 8 في المائة، وأعتقد أن هذا التقدم تحقق بفضل تظافر جهود جميع المتدخلين التي مكنت من توسيع قاعدة المستفيدين من خلال تنويع العرض في مجال محاربة الأمية وتنفيذ برامج تلبي احتياجات مختلف المستفيدين.

وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم إعطاء الأولوية لفئات النساء والفتيات وسكان العالم القروي والشباب، ففيما يتعلق بالنساء والفتيات، فقد استمرت جهود توسيع استهداف هذه الفئة ببرامج محاربة الأمية، مما انعكس جليا على حصتهم من مجموع المستفيدين التي بلغت معدلا متوسطا يقدر ب90 في المائة بمعدل زيادة سنوي بلغت 7 في المائة.

أما بالنسبة لسكان العالم القروي، فقد بلغت نسبة استفادتهم خلال السنوات العشر الماضية معدل 55 في المائة من مجموع المستفيدين من برامج محاربة الأمية، في حين تشمل فئة الشباب 27 في المائة من المستفيدين.

وبالرغم من الإنجازات المهمة التي تم تحقيقها في هذا المجال، إلا أنه لابد من تكثيف جهود جميع المتدخلين من أجل تسريع وتيرة العمل للاقتراب من الهدف المسطر في القانون الإطار 51.17 والذي يرمي إلى القضاء على الأمية في أفق سنة 2029. مع التركيز على جودة وتنوع عروض برامج محاربة الأمية.

وتعتبر الشراكات المبرمة على المستويين الوطني والترابي والتي تفوق 70 اتفاقية شراكة، وسيلة أساسية لضمان ملاءمة أكبر وفعالية أكثر لبرامج محاربة الأمية. لذلك وجب تعزيزها لتعبئة جميع الفاعلين من داخل المجتمع، وتشجيع الأشخاص المستهدفين على الانخراط في مسار تكويني متسم بالاستدامة.

2- اعتمدت الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية مؤخرا خارطة طريق جديدة لخفض معدل الأمية بحلول 2029، كيف سيتم توظيف هذه الخارطة لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحو الأمية ؟

من المعلوم أن الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية اعتمدت وفقا لمقاربة تشاركية، خارطة طريق جديدة للفترة الممتدة ما بين 2023 و2027، وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، التي تحث على إصلاح منظومة التربية والتكوين والقضاء على الأمية بشكل نهائي، ومواكبة تطور الأوراش التنموية في مجال محاربة الأمية ارتباطا بمبدأ التعلم مدى الحياة.

وتروم خارطة الطريق هذه توجيه جهود جميع الفاعلين لخفض معدل الأمية إلى مستوى يسمح بالقضاء عليها بحلول عام 2029، وتتمحور حول مجموعة من الأهداف، منها الوصول العادل والدامج للتعلم وتعزيز التقائية جهود المتدخلين على المستوى الوطني والإقليمي وتحسين جودة التعلمات، وتعزيز آليات حكامة استراتيجية، وذلك بهدف إعداد وتنفيذ مسار خاص بمحاربة الأمية الوالدية يستهدف بالأساس أولياء التلاميذ وتعزيز محاربة الأمية لدى الشباب والنساء، بالإضافة إلى سكان العالم القروي والأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز محاربة الأمية داخل الأوساط المهنية.

ويخص أحد محاور خارطة الطريق تحقيق الالتقائية عن طريق تعبئة جميع المتدخلين وطنيا وجهويا وتعزيز الشراكات، فضلا عن تحيين مناهج محاربة الأمية وتكييفها مع احتياجات الفئات المستهدفة، والسعي إلى تحقيق الاعتراف بشهادات محاربة الأمية بشكل مؤسساتي، مما سيتيح وضع جسور مع قطاع التكوين المهني، إلى جانب اعتماد حكامة استراتيجية بوضع نظام لتصنيف الجمعيات الشريكة وتفعيله.

وباعتبار التنمية الجهوية مدخلا أساسيا لضمان التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحد من الفوارق المجالية والتأهيل الترابي وتحسين الجاذبية الاقتصادية للجهات، عملت الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية على بلورة مخططات عمل جهوية يشارك فيها جميع المتدخلين، وذلك من خلال إعداد وتنزيل برامج واضحة تتوخى تحقيق التنمية المستدامة، وفق منهج تشاركي ينبني على مبدأ التعاقد.

3- يشكل محو الأمية بالنسبة للمغرب أحد مكونات تعليم الكبار والتعليم مدى الحياة، ما هي التدابير التي تقوم بها الوكالة من أجل تسريع وتيرة الإنجاز، والتتبع، وطنيا، وجهويا؟

يعد محو الأمية مكونا أساسيا لتعليم الكبار وأساس التعلم مدى الحياة، كما يعتبر عنصرا أساسيا للحق في التعليم، ويشكل إحدى الأدوات الرئيسية لتحقيق التنمية، كما أن تعلم وإتقان القراءة والكتابة والحساب مهارات أساسية تمكن النساء والرجال من الوصول إلى المعلومات، واكتساب الثقة اللازمة لتولي المسؤولية في حياتهم الشخصية والمهنية والاجتماعية والمساهمة في تطوير ذواتهم ومجتمعاتهم.

وعلى غرار ما يقوم به المجتمع الدولي، يسعى المغرب وفقا لأهداف التنمية المستدامة لعام 2030 التي اعتمدتها الأمم المتحدة، إلى تحقيق توجيهات الهدف الرابع من هذه الأهداف من خلال العمل على توفير التعليم الجيد والمنصف والشامل وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع.

إن المهمة الأساسية للوكالة تكمن في محاربة الأمية في أفق القضاء عليها، فضلا عن الانخراط في التعلم مدى الحياة، باعتماد رؤية استراتيجية تتجسد في ثلاث مراحل، ترتكز الأولى على ضبط منظومة محاربة الأمية وتجويدها كمدخل للانخراط في ورش التعلم مدى الحياة، وتتمثل الثانية في إطلاق مجموعة من العمليات والأوراش المرتبطة بمجال التعلم مدى الحياة، فيما تتحدد الثالثة في الانتقال إلى أجرأة مفهوم التعلم مدى الحياة بشكل مندمج وبتنسيق مع جميع الشركاء المعنيين.

وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الرامية لتعزيز قنوات التعليم والتكوين مدى الحياة، قامت الوكالة بمعية مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين بإطلاق مبادرات متعددة للمساهمة في تفعيل أوراش التعلم مدى الحياة وذلك لتشجيع المستفيدين على طلب العلم والاستمرارية في التكوين، من بينها المساهمة في إنشاء المعهد الإفريقي للتعلم مدى الحياة وفي تنفيذ توصيات إطار عمل مراكش، وتقديم الدعم لبروز مدن تعلم مغربية جديدة والمساهمة في إحداث مرصد التعلم مدى الحياة، وتطوير التعلم عن بعد، وتجويد وتنويع المناهج التعليمية.

ويتمثل الهدف من مشروع مواكبة إنشاء وتفعيل مراكز التعلم مدى الحياة في تحسين الاستهداف والوصـول إلى جميع الفئات الهشة على اعتبار هذه الفضاءات بمثابة إحدى الصيغ التي أثبتت نجاعتها في الربط المحكم بين التعلم والتأهيل في إطار تشاركي منفتح ومنسجم مـع الثقافة المحلية. 

وتواصل الوكالة، تطوير مشروع التعلم عن بعد، بالتعاون مع مختلف الشركاء الوطنيين والدوليين، بهدف توسيع تغطية المستفيدين، بعد أن أصبح استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مجال محاربة الأمية يفرض نفسه كوسيلة أساسية لتطوير مهارات المستفيدين وتقليل مخاطر الهدر والارتداد إلى الأمية.

وفي هذا الاطار تتوفر الوكالة على عدة رقمية مهمة ومتنوعة تتضمن دروسا مصورة وبرنامجا تلفزيا وتطبيقات رقمية لبرامج محاربة الأمية، بالإضافة إلى منصة لتكوين المكونين والمؤطرين العاملين في مجال محاربة الأمية، كما تعمل من أجل تقوية عرض محاربة الأمية عبر إعداد مناهج جديدة تلائم خصوصيات مختلف الفئات المستهدفة وتضمن الولوج العادل والدامج إلى التعلم، ومن بينها برنامج يستهدف العاملين بالقطاع الخاص من مستخدمي الفنادق والوحدات السياحية والعاملين بالبناء، وفئة الحرفيين ومستخدمي القطاع الخاص وفئة التجار، بالإضافة إلى برنامج خاص بمحاربة الأمية الوالدية، وبالمؤسسات السجنية، ومحو أمية المهاجرين واللاجئين المقيمين بالمغرب.

ويعد إنشاء معهد للتكوين في مهن محو الأمية أحد أهم آليات تحقيق مهننة منظومة التكوين في مهن محاربة الأمية، كما یشكل فرصة سانحة لتعزیز تموقع تعلیم الكبار في المنظومة التربویة على المستوى الوطني. ویمتد ھذا المشروع، الذي تعتبر الوكالة الوطنیة لمحاربة الأمیة حاملة له، على مدى سنتین 2023- 2021، ویتم تنفیذه من طرف الیونسكو بتمویل من الاتحاد الأوروبي، في إطار برنامج ألفا 3 الرامي لدعم الإستراتیجیة الوطنیة لمحاربة الأمیة، بتنسيق مع المركز الوطني للتجديد التربوي والتجريب والمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين التابعة لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.