فشل المغرب في تحقيق تقدم في مؤشر السعادة العالمي الصادر عن شبكة حلول للتنمية المستدامة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، حيث تراجع إلى المركز 107 عالميا من المركز 100 السنة الماضية، وذلك بعد أن حصل على إجمالي 4.975 نقطة.
وما بدا مُلفتا في هذا التقرير، وفقا لمتتبعين، هو حلول المغرب خلف دول تتخبط وسط أزمات اقتصادية واجتماعية وما تزال غارقة في وحل “عدم الاستقرار السياسي”، في وقت يحاول المغرب تطبيق مفهوم الدولة الاجتماعية على أرض الواقع من خلال المشروع الملكي للحماية الاجتماعية.
وبيّن باحثون سوسيولوجيون أن “الربط بين الترتيب المتراجع للمغرب وطبيعة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمملكة أمر ممكن وطبيعي، في وقت يحضر فيه نوعٌ من المفارقة في تصنيف هذا المؤشر لعدد من الدول، على اعتبار أن هنالك اختلافا في تمثل السعادة بين الأفراد من مجتمع إلى آخر”.
تراكم الأزمات
محسن بنزاكور، أخصائي في علم النفس الاجتماعي، قال إن “تمثل السعادة علميا يرتبط أساسا بتوفير المرء ما يحتاجه خلال فترة عيشه، غير أنه يختلف من فرد إلى آخر ومن طبقة اجتماعية إلى أخرى، حيث إن كل طرف لا يطابق في تصوراته للسعادة الطرف الآخر، فالسياسي يرغب في تقلد المناصب والبسيط في الارتقاء اجتماعيا”.
وأوضح بنزاكور، أن “تمثل السعادة لا يمكن أن يكون موحدا، على اعتبار أنه يرتبط بوضعيات معينة اقتصادية واجتماعية، غير أن ذلك لا يمنع من ربط مخرجات التقرير سالف الذكر بشعور المغاربة بنوع من القنط واليأس جراء موجة الغلاء التي باتت مؤثرة على قدرتهم الشرائية في التبضع، فضلا عن تراجع ثقتهم في النخبة السياسية وفي المؤسسات كذلك”.
بنزاكور أكد أيضا أنه “يمكن ربط هذا الترتيب من جهة بتداعيات زلزال الحوز الأخير، إلى جانب تراكم الأخبار غير المبشرة بالخير على المستوى العالمي، بما فيها المتعلقة بالحرب في غزة وأوكرانيا؛ فهذه المعطيات لا تساعد على تمثل السعادة بشكل أفضل”، مشيرا إلى أن “حلول المغرب خلف ليبيا يبرز التفاوت في تقديرات السعادة لدى المواطنين بالبلدين”، وفق تعبيره.
تفاوت التمثلات
زكرياء أكضيض، باحث في السوسيولوجيا، قال إن “السعادة هي نوع من الرضا التام عن الذات بأبعادها الفردية والجماعية، وترتبط أساسا بالنمط الثقافي السائد داخل كل مجتمع على حدة. وفي المغرب لا يمكن فصل السعادة عن الأسرة والعيش الكريم والشغل اللائق، فهذا العنصر يرتبط بنسق ثقافي ومجتمعي يحدد لنا طبيعة الرضا عن هذه الذات”.
وأوضح أكضيض، أن “ترتيب المغرب المسجل دوليا يمكن أن تعزوه الجهات المعدة للتقرير إلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، شأنه في ذلك شأن مؤشر التنمية البشرية الذي يعتمد على هذه العناصر التقنية والموضوعية، حيث يظل المغرب متأخرا بخصوصها إلى يومنا هذا، ولا يمكن أن ننكر ذلك، في وقت تؤكده التقارير الوطنية والدولية”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “المفارقة التي يمكن أن يشير إليها التقرير هي أن ما يرضي المغاربة ليس ما يرضي الصينيين والليبيين. وبالتالي، فهذا التفاوت يجب أن يُؤخذ كذلك بعين الاعتبار من أجل الحكم على دقة التقرير من عدمها، غير أن ما يمكن تأكيده هو تحكم النسق الثقافي والمجتمعي في منسوب السعادة وتحديدها بشكل واضح”.