يتّجه مجلس النواب إلى إدخال تعديلات جديدة على مسطرة تقديم ملتمس الرقابة، في سياق خطواته نحو إقرار مراجعة شاملة لنظامه الداخلي، بعد تعثر ترتيب الآثار القانونية على قرار المحكمة الدستورية التي أسقطت تعديلات سابقة للنواب، وتأتي مبادرة الغرفة الثانية التي تمخضت عن مشاورات أجراها رئيس المجلس راشيد الطالبي العلمي مع رؤساء الفرق والمجموعة النيابية، على إثار “إجهاض”، ملتمس الرقابة الذي اقترحه الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في مسعاه لإسقاط حكومة أخنوش بعد انتصاف الولاية التشريعية الحادية عشر.
ووفق مسودة “فهرسة جديدة للنظام الداخلي لمجلس النواب”، فإن المراجعة المرتقبة على النظام الداخلي لمجلس النواب، تهم المقتضيات المنظمة لتحريك ملتمس الرقابة المنصوص عليها في المواد من 286 إلى 292، مع إدراج تعديلات تهم اقتراح مراجعة الدستور ودراسة مشاريع ومراسيم القوانين. كما تهم التعديلات النيابية المرتقبة، عرض البرنامج الحكومي ومناقشته والتصويت عليه والتصريحات والبيانات أمام مجلس النواب وطلب منح الثقة من مجلس النواب، والأسئلة الشفهية المتعلقة بالسياسة العامة الموجهة إلى رئيس الحكومة.
وتُلفح المعارضة الاتحادية في حشْد دعم قوى المعارضة لتحريك ملتمس الرقابة الذي أشعل فتيل توتر بين مكوناتها نجم عنه تبادل الاتهامات بين الاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية بـ”التواطؤ” مع الحكومة لوأد هذه الآلية الرقابية التي تتيح للمعارضة تحريك المساءلة السياسية للحكومة.وبررت أطراف في صفوف المعارضة رفضها لخطوة “الاتحاد”، أن ملتمس الرقابة له شروط موضوعية وليس مجرد “فرقعة إعلامية أو مزايدات”، موضحة أن الأمر يتعلق بآلية رقابية منحها الدستور لممثلي الأمة لكن اللجوء إلى إليها يظل مرهونا بمدى توفر دواعي تحريكها بعيدا عن دغدغة العواطف وتوظيف الحسابات السياسية الضيقة لقضاء أغراض “انتهازية”.
ولم يفصح مجلس النواب لحد الساعة حول الصيغة التي سيلجأ إليها لمراجعة المقتضيات المؤطرة لتحريك ملتمس الرقابة، ولم يتسن للجريدة معرفة ما إذا كان المجلس سيعمد إلى مراجعة الشروط المتعلقة المتلمس في اتجاه التقليص من النصاب القانوني لتحريكه، لكن مصادر برلمانية متطابقة من الأغلبية والمعارضة أن النقاش لم يفتح بعد حول هذه الخطوة لتحديد طبيعة التعديلات المرتقبة، مستعبدة في الآن ذاته أن تطرأ أي مراجعة على النصاب القانوني المؤطرة بموجب الدستور الذي يؤكد في فصله الـ105 أنه “لا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من قبل مجلس النواب، إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم. ”
وحسب المعطيات التي حصلت عليها “العمق المغربي”، فقد قرر مكتب مجلس النواب، قرر توسيع الاستشارة مع رؤساء الفرق والمجموعة النيابية حول التعديلات الجديدة على النظام الداخلي، وذلك قبل تشكيل لجنة النظام الداخلي كما هي منصوص عليها في المادة 367 من النظام الداخلي للمجلس وفق صيغته النافذة، حيث يرتقب أن تبدأ اللجنة المذكورة عملها في غضون الأيام المقبلة.
وتطبيقا لأحكام الفصل 105 من الدستور يمكن لمجلس النواب أن يعارض في مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها وذلك بالموافقة على متلمس الرقابة وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 252 بعده. ووفق المادة 252 من النظام الداخلي لمجلس النواب “يودع ملتمس الرقابة لدى رئيس المجلس في شكل مذكرة مفصلة يسلمها له أحد الموقعين على الملتمس مرفقة بقائمة تضم أسماء أصحاب الملتمس وتوقيعاتهم والفرق والمجموعات النيابية التي ينتمون أو ينتسبون إليها وعند الاقتضاء إذا كانوا من الأعضاء غير المنتسبين يأمر الرئيس بنشر ملتمس الرقابة وأسماء الموقعين في المحضر ونشرة المجلس الداخلية وموقعه الالكتروني”.
وحسب أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب وفق صيغته النافذة، لا يجوز لنائبة أو نائب واحد أن يوقع أكثر من ملتمس رقابة واحد في الوقت نفسه ولا يمكن أن يضاف إلى ملتمس الرقابة أو يسحب منه أي توقيع بعد ايداعه. وتنص المقتضيات ذاتها، على أنه طبقا لأحكام الفصل 105 من الدستور لا يقبل ملتمس الرقابة المقدم للمجلس إلا إذا وقعه على الأقل خمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ويحدد مكتب المجلس تاريخ مناقشة ملتمس الرقابة التي يجب أن تتم خلال أجل سبعة أيام على أبعد تقدير من تاريخ إيداع الملتمس لدى رئيس المجلس.
وتؤكد المادة 257 من النظام الداخلي الحالي للغرفة الأولى، على أنه “لا تصح الموافقة على ملتمس الرقابة من لدن مجلس النواب إلا بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. ولا يقع التصويت إلا بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداع الملتمس ولا تحتسب إلا الأصوات المؤيدة لمتلمس الرقابة وتؤدي الموافقة على ملتمس الرقابة إلى استقالة الحكومة استقالة جماعية وإذا وقعت موافقة مجلس النواب على ملتمس الرقابة فلا يقبل بعد ذلك تقديم أي ملتمس رقابة أمامه طيلة سنة وفقا لأحكام الفصل 105 من الدستور”.
من جانب آخر، تشمل المراجعة المقترحة من طرف رئاسة مجلس النواب بالاتفاق مع رؤساء الفرق والمجموعة النيابية، حسب نص “مسودة فهرسة جديدة للنظام الداخلي لمجلس النواب”، تعديل المقتضيات المتعلقة بالأسئلة الشفهية والكتابية والآنية وتعهدات الحكومة خلال أجوبتها على الأسئلة الشفهية.وتهم المراجعة وفق الوثيقة الباب الأول المتعلق بتقييم السياسات العمومية ومراقبة المالية العامة، وتعديل الباب العاشر المنظم لعلاقة مجلس النواب مع المؤسسات الدستورية
كما تستهدف التعديلات الجديدة، مراجعة مواد تؤطر مبادرات النواب لتشكيل لجن تقصي الحقائق ولجن مراقبة تنفيذ ميزانية المجلس ومجموعة العمل الموضوعايتة المؤقتة ومجموعة المساواة والمناصفة ومجموعة الشؤون الافريقية ومجموعات الشؤون الوطنية والدولية والقانون الدولي الإنساني وندوة الرؤساء، إلى جانب تعديل المقتضيات المتعلقة بالعمل الدبلوماسي البرلماني، من خلال تعديل المواد المتعلقة بالشعب الوطنية الدائمة والتعيينات الشخصية لتمثيل مجلس النواب، ومجموعات الأخوة والصداقة البرلمانية.