الصحافة المغربية وخفافيش الظلام
نعود في هذه السطور للحديث عن الواقع البئيس للصحافة الوطنية بكل فروعها المكتوبة والمسموعة والمرئية والالكترونية، وعن عجز كل المتدخلين في هذا القطاع الموسوم ب”صاحبة الجلالة” و”السلطة الرابعة” وهلم جرا من الأسماء الرنانة والمقتبسة من تجارب وعوالم دول وأمم بيننا و بينهم سنوات ضوئية على كل المستويات..
إن العمل الصحفي في المغرب لا يحظى بأي اعتبار يذكر.. مجرد طوابير من الأقلام المأجورة التي تُستكتب وتستدعى ساعة الضرورة لتلميع صورة هؤلاء وتلطيخ صورة أولئك.. !! مقابل دريهمات تصرف تارة من فوق الطاولة تحت مسمى الدعم العمومي وتارة أخرى من تحت الطاولة تحت مسميات الاعلانات والاشهارات وتغطية الأحداث…!!!
إن الأوضاع الاجتماعية والنفسية لمعظم الصحفيين والعاملين بالمؤسسات الإعلامية الوطنية، تدمي القلب، وتدعو إلى دق أجراس الخطر أمام عشوائية وفوضوية جل المقاولات الصحفية التي تفيض بالعاملين بدون عقود شغل وعدم احترام الحد الأدنى للأجور، والتأخر في صرفها، وعدم احترام مدة الشغل والساعات الإضافية وأيام العطل وقائمة الاختلالات طويلة.. نتساءل للمرة الألف إلى متى سيستمر هذا العبث المتكرر كل شهر وكل سنة والمسمى بمناقشة القوانين المنظمة للمهنة!!! وإلى متى سنظل نرتق ونفتق ما يسمى بقانون الصحفي المهني!!! وإلى متى سنستمر في خداع أنفسنا و الدوران حول قانون الصحافة والنشر أو القانون المحدث للمجلس الوطني للصحافة..
هل تكمن اختلالات وأزمات هذا الواقع المتردي في بضعة قوانين ومجالس أم أن مكمن الداء في غياب الإرادة السياسية لإصلاح القطاع وتطويره و الاحترام الحق لاخلاقيات المهنة وإنزال الصحفي منزلته المستحقة!!؟
أم أن الجهات المعنية والمستفيدة من الأوضاع الراهنة لا تريد ان ينعم الصحفي بالاستقلال والاستقرار وحق تقرير مصيره وأن يظل تابعا ذليلا يستجدي الحقوق ويكتب فوق البيض ويخشى آذان الجدران ويتسول الأعطيات والصدقات.
ألم تستحيي بعد خفافيش الظلام من استمرار جرهم للصحفيين والمدونين والمصورين الى المحاكم ومساومتهم سرا وعلنا وعدم تمكينهم من بطائقهم وباقي ادوات اشتغالهم بدعوى عدم التوفر على الشروط المطلوبة، أي تقديم طقوس الطاعة والولاء واحترام الخطوط الحمراء والخضراء والصفراء، ووضع مصالح الشركات وأصحاب المحفظات المشبوهة فوق مصالح الوطن والشعب.. هل يمكن لأصحاب الضمائر الحية من البقية الباقية من الصحفيين الاستمرار في مهنة المتاعب في الوقت الذي يُسبح فيه السواد الاعظم من زملاءهم وأقرانهم بحمد أصحاب الكراسي والمناصب!!!؟
هل ستصل رسالتنا هذه لمن يهمهم الأمر أم أن أميتهم الفاضحة ستجعلهم عاجزين عن قراءتها او مستغربين لجرأتنا على مخاطبتهم بهكذا كلمات.. أو لعلهم الآن في ذروة انشغالهم بصفقات بيع أصول الدولة والتوقيع على قروض جديدة وإعادة جدولة أخرى الى آجال تقبر مستقبل أجيال المغرب الى يوم الدين.. “ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ” وللحديث بقية….
بقلم مصطفى شكري.