دعا حزب الجمهوريين الفرنسي (يمين) الجزائر لاستعادة ” الممتلكات والشر بما في ذلك المجرمين، المخالفين للقانون، المهاجرين غير الشرعيين، وأولئك الذين صدرت بحقهم أوامر بالطرد”، وذلك ردا على طلب توجهت به الحكومة الجزائرية لنظيرتها الفرنسية بشأن استعادة العديد من المقتنيات التاريخية في سياق عمل اللجنة المشتركة للذاكرة بين البلدين، وعقب ذلك نشر رئيس الحزب اليميني الفرنسي، إريك سيوتي، تدوينه تضمنت نفس المعنى، في رسالة مباشرة أكد فيها موافقته على مضمون الموقف الرسمي لحزبه المعروف بتشدده اتجاه المهاجرين.
وما إن خفت حدة هذا النقاش حتى عاد جدل آخر على خلفية تقدم الجزائر بقائمة من الممتلكات التي تحتفظ بها فرنسا منذ الحقبة الاستعمارية من أجل استعادتها في إطار عمل لجنة مشتركة للذاكرة، وفق بيان صادر الإثنين الماضي عن اللجنة المشتركة للذاكرة التي أنشئت بقرار من ال ” تبون ” والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في غشت 2022.
وتعرف العلاقات الجزائرية الفرنسية تجاذبات سياسية مرتبطة بملف التاريخ والذاكرة، تغذيها الإصرار القوي لليمين الفرنسي الذي يجنح نحو إثارة قضايا الهجرة والامتيازات التي تمنحها اتفاقية تنقل الرعايا الموقعة بين البلدين سنة 1968، والتي طالب بإلغائها.
وحسب المتتبعين لهذا الملف أن موقف حزب الجمهوريين بشكله الجديد، قد لا يكون الأخير، اذ من المتوقع الضغط على الدوائر الفرنسية للكشف عن الحقائق التاريخية بخصوص قضية الصحراء الشرقية، حيث تعالت الأصوات، من اجل الكشف على الوقائع المرتبطة ببنود معاهدات وثيقة الاستقلال التي وقعتها فرنسا مع المملكة المغربية الشريفة والجزائر، فيما يخص الأراضي التي اقتطعتها فرنسا من المغرب لصالح الجزائر….
هذا وتزامن هذا الحدث، مع تنظيم مظاهرات عارمة في اسبانيا والبرتغال من اجل طرد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين الذين عاثوا في الأرض فسادا، وشكلوا مليشيات مسلحة في قلب اوروبا…
ويرى مراقبون ان الأمور ستزداد تعقيدا بخصوص مستقبل العلاقات الثنائية بين فرنسا والجزائر، بعد الفوز الكاسح الذي حققه اليمين المتطرف أمس الاحد 9 يونيو، بانتخابات البرلمان الأوربي في فرنسا بحصوله على أكثر من 30% من الأصوات، وحصل اليمين المتطرف الفرنسي بقيادة جوردان بارديلا على نسبة تراوح بين 31 و32% من الأصوات في الانتخابات البرلمانية الأوروبية بفرنسا…
وتشكل هذه النتائج فشلا ذريعا لحزب الرئيس الفرنسي الذي كان التجمع الوطني اليميني المتطرف يتقدم عليه بفارق بسيط خلال الانتخابات الرئاسية الفرنسية في عام 2019، وهذا ما سيكون له انعكاسات سلبية على العلاقات السياسية التي تربط الجزائر و ” ماما فرنسا” علما ان مطالب نواب “التجمع الوطني” وهو الحزب اليميني المتطرف الأبرز في فرنسا، من حكومة بلادهم لا زالت قائمة حول أحداث الثورة الجزائرية، وما وقع من نكسة كبرى للأقدام السوداء (المستوطنين الفرنسيين)، والذين تم ذبحهم بشكل جماعي من 19 مارس 1962 حتى نهاية عام 1963 من قبل جبهة التحرير الوطني…