تقرير “سي إن إن” بين الاعتراف بعجز “إسرائيل” وغياب الوضوح الاستراتيجي المؤمن للنجاح

محمد حميمداني

محمد حميمداني

أفاد تقرير حديث لشبكة “سي إن إن” الأمريكية بأن “حزب الله” اللبناني لن يتعرض لهزيمة في الصراع الحالي. رغم محاولات استهدافه المستمرة من قبل “إسرائيل”. وذلك استنادا لتقييمات ميدانية وأمنية. وهو ما يعكس خواء أي بعد استراتيجي لدى الكيان المحتل وهو ما تعكسه همجية الاحتلال واستهدافه للمدنيين والأطقم الصحية والإنقاذية والصحافيين والمستشفيات.

فالتقرير تحدث عن صمود “حزب الله” أمام الهجمات الجوية الإسرائيلية في جنوب لبنان. مبرزا أن التنظيم لا يزال يحتفظ بقدراته العسكرية واللوجستية، ويواصل إطلاق الصواريخ. بل ويشكل غطاء ناريا قويا في مواجهة الكيان المحتل الذي يستهدف كافة ربوع فلسطين المحتلة.

 

تقرير سي إن إن: لا هزيمة ل"حزب الله" في هذه الحرب ولا نجاح إلا بوضوح استراتيجي
الجيش الإسرائيلي

 

هاته الحقائق التي قدمها التقرير تقدم خلاصة مفادها أن لا نجاح في أي معركة عسكرية إلا بوضوح استراتيجي. وهو ما تفتقده “إسرائيل” في هاته المعركة الظالمة الهمجية التي تخوضها. والتي تكتفي فيها باستهداف المدنيين. خاصة الأطفال والنساء منهم. والأطقم الصحية والإنقاذية. والمستشفيات والأطقم الصحافية… في حرب همجية لم تعشها الإنسانية خلال تاريخها الطويل.

فالنجاح في المعارك، سواء كانت سياسية أو عسكرية، يتطلب وضوحًا استراتيجيًا، وفقًا لخبراء عسكريين واستراتيجيين. فيما تقود الفوضى إلى الفشل. وهو المآل الذي تسير إليه إسرائيل. التي راهنت على أن قتل قادة “حماس” و”حزب الله” سيمكن من تكسير معنويات المقاومة. وبالتالي فرض عليها واقع الإرهاب من خلال نار الاغتيالات. لكن الوقائع أثبتت فشل هاته السياسة الفاقدة لأي بعد.

يقول الخبراء إن وضوح الأهداف هو أولى خطوات النجاح. بدون تحديد واضح لما يراد تحقيقه، تصبح الموارد والجهود مهدرة. وتزيد فرص الهزيمة. وهو ما نرصده في هاته الحرب الظالمة الهمجية لجيش الاحتلال الذي يتباهى بقتل الاطفال والنساء. ويفشل في أول احتكاك أرضي بلنان. وأيضا في “غزة” على الرغم من صغر المساحة وأيضا مرور عام كامل على العدوان. إلا ان النتيجة فشل ذريع على كافة الأصعدة. 

 

التقرير أوضح أن “حزب الله” استفاد من خبراته القتالية السابقة في سوريا. وهو ما ساعده في تعزيز تحصيناته الدفاعية ومواجهة الطائرات الإسرائيلية دون خسائر كبيرة في صفوفه.

ويرى محللون أن غياب هزيمة واضحة ل”حزب الله” يضع “إسرائيل” في موقف محرج. إذ لم تحقق أهدافها العسكرية رغم استهداف البنية التحتية والقيادات الميدانية للحزب. ونفس الفشل سبق أن تلقته في غزة من جانب فشلها في استعادة الأسرى لدى “حماس” ولا في هزيمة الحركة. والتي حسب محللين عسكريين لا زالت في كامل قوتها وقدرتها على استهداف “إسرائيل” حتى في قلب “تل أبيب”.

تشير التجارب السابقة إلى أن الانتصارات التي تحققت جاءت نتيجة خطط واضحة المعالم. واستراتيجيات محددة ومدروسة  حيث يتم تحديد الأهداف. ووضع الوسائل الكفيلة بتحقيق هاته الأهداف، وتوقعات النتائج بدقة.

كما أن الوضوح الاستراتيجي يساعد في اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة على أرض المعركة. ما يقلل الوقت الضائع ويسرّع من تحقيق الأهداف.

 

الجيش الإسرائيلي

 

التقرير لفت إلى أن “حزب الله” هو من نجح في وضع استراتيجية قتالية جد محكمة. من خلال اعتماد تكيكات تقوم على التخفي والتحصين في المناطق الوعرة. مما يعقّد جهود القضاء عليه بشكل كامل في الحرب الجارية. فيما عجزت “إسرائيل” عن تحقيق أي من أهدافها والتقدم داخل الاراضي اللبنانية وفرض “نهر الليطاني” الذي تؤكد على أنه الخيار المطلوب لديها. بل وتتكبد الخسائر الكبرى في هاته الحرب القذرة التي تخوضها. 

يرى الخبراء أن سوء الفهم الاستراتيجي يؤدي إلى تشتت الجهود وتضارب المصالح. وهو ما يعيق تقدم العمليات العسكرية ويطيل أمد النزاعات بشكل غير ضروري. وهو ما أكده العدوان الصهيوني الذي فشل فشلا ذريعا في حسم المعركة في غزة. وتلقى ضربات موجعة في هاته الأمكنة. وكل ما نجح فيه هو القتل العشوائي للمدنيين ولكل شيء يمت بصلة للحياة.

الوضع يعكس أزمة قيادة. ونتنياهو المأزوم. ليس له من خيار سوى السير في العشوائية ونقلها للبنان دون حسم غزة. وهو ما يبرز فشلا في اعتماد القيادة الحازمة. المدعومة برؤية استراتيجية واضحة، قادرة على توجيه القوات والمجتمع نحو النصر. حتى في أصعب الظروف، وفقًا لآراء الخبراء.

وما يزيد المشهد تعقيدا بالنسبة للصهاينة هو عجزهم عن إيقاف سلاسل الدعم الميداني من قبل المقاومة اليمنية والعراقية. كما أن “حزب الله” يتمتع بدعم لوجستي إيراني كبير. وهو ما يضمن له استمرارية في التزود بالأسلحة والمعدات. مما يطيل أمد النزاع ويقلل من فرص إنهائه بسرعة.

والخلاصة التي سجلها التقرير أن “إسرائيل” لم تستطع ولن تستطيع تحقيق أي انتصار حاسم ضد “حزب الله”. مما يشير إلى تعقيدات المشهد العسكري والسياسي في المنطقة.

كما فشلت “إسرائيل” حتى في ضمان دعم دولي والحفاظ على وحدة الجبهة الداخلية، ما يعزز فرص تحقيق الأهداف المرسومة. إذ خلقت بسلسلة جرائمها رأيا معارضا لها وعزلة دولية قاتلة. بل وصل الفشل حد استهداف قوات الأمم المتحدة في لبنان “اليونيفيل”. وهو ما زاد من سلسلة العزل التي يعانيها الكيان. سواء من إيطاليا وفرنسا اللتان أدانتا استهداف جنودهما داخل “اليونيفيل”. الأمر الذي زاد من شدة الطوق المطوق لعنقها. وهو ما يعكس فشلا استراتيجيا قاتلا. خال من أية أهداف واضحة وآليات داخلية ودولية داعمة لتحديد هاته الأهداف. الأمر الذي يجعل الكيان المحتل يعيش عزلة داخلية تفجرت تظاهرات في “تل أبيب” وخارجية من خلال العزلة التي يعيشها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.