المغرب يحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان بخطوة جريئة نحو إلغاء عقوبة الإعدام
العدالة اليوم
قال حقوقيون إن المغرب يستقبل اليوم العالمي لحقوق الإنسان، الذي يحتفل به العالم كل 10 دجنبر، بخطوة جريئة مرتبطة بالتصويت أخيرا لفائدة قرار الأمم المتحدة العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام المزمع التصويت عليه خلال الجمع العام المقبل للأمم المتحدة في 15 من دجنبر الجاري، معتبرين أنه “حدث ينضاف إلى حدثين بارزين طيلة السنة التي شارفت على الانتهاء”.
الحدثان البارزان، وفق الحقوقيين الذين تحدثوالمصدر اعلامي ، يتعلقان برئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان الأممي وكذا العفو الملكي عن معتقلين سياسيين وعن مزارعي القنب الهندي، مستدركين بالقول إن هذه الأحداث المُشرقة ما زالت تصطدم بمجموعة من التحديات التي تشوش على مسار المغرب في ما يتعلق بحقوق الإنسان والدفاع عن الكرامة الإنسانية والعدالة والمساواة لجميع الأفراد”.
إنجازات وتحديات
عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية لحقوق الإنسان، قال إن “سنة 2024 لم تكن سنة عادية من حيث الوقائع الحقوقية؛ بل كانت سنة تميزت بعدد من الأحداث التي لا يمكن تجاوزها لجسامتها أو لعظمتها”، من قبيل إعلان المملكة أنها ستصوت لصالح إلغاء الإعدام، مشيرا إلى “أبرز حدثين آخرين”، حسبه، سيحتفظ سجل تاريخ حقوق الإنسان بذكرهما: العفو الملكي الأخير عن الصحافيين والمزارعين ورئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان.
وسجل تشيكيطو، في تصريح لذات المصدر، أنه “هذه الأحداث، فما تبقى مقلق ومخجل نتمنى عدم تكرارها في السنوات المقبلة”، موضحا أنه “استمر فرض القيود على حرية التعبير والصحافة، إذ شهد المغرب قضايا متعددة أدين فيها صحافيون ونشطاء بتهم مثل التشهير؛ كما استمرت السلطات في عرقلة عمل الجمعيات الحقوقية عبر منعها من الحق في التجمع والحق في التنظيم، مما أثر على قدرتها في أداء أدوارها المتعلقة بالمتابعة والرصد فبالأحرى التوعية والتثقيف”.
ووضح المتحدث عينه أنه “على الرغم من توجيه الملك محمد السادس بإصلاح مدونة الأسرة، فإن المساواة بين الجنسين ما زالت تواجه تحديات قانونية، خاصة في ما يتعلق بالميراث والوصاية على الأطفال وزواج القاصرات. كما تواجه بلادنا بتقارير أممية تشير إلى بعض النواقص، مثل عدم التصديق على عدد من الاتفاقيات الدولية”، وزاد: “تمت الإشادة ببعض الجهود مثل التفاعل الإيجابي مع توصيات الاستعراض الدوري الشامل، إلا أن هناك مطالب مستمرة لتعزيز حماية الحقوق الأساسية”.
وخلص الحقوقي عينه إلى وجود “بعض التحديات التي تعيق تقدم المغرب في مجال حقوق الإنسان، رغم الإصلاحات المتبناة”، مبرزا أن “تقارير المنظمات الحقوقية تؤكد الحاجة إلى تعزيز الحريات الأساسية، وإصلاح الإطار القانوني، ومعالجة القضايا الاجتماعية بشكل أكثر شمولية لضمان الوفاء بالتزامات المغرب الدولية”، داعيا الحكومة إلى “التركيز بشكل أكبر خلال السنة المقبلة على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كجزء لا يتجزأ من كرامة الإنسان”.
نهاية سعيدة
عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، تحدث بدوره عن “التقدم الذي أحرزناه”؛ مثل العفو الملكي الذي شمل عددا من المعتقلين على خلفية مواقفهم وآرائهم وغيرهم وإعلان التصويت لوقف تنفيذ العقوبة السالبة للحياة. مستدركا بالقول بأن “هناك العديد من المؤشرات التي تعكس التحديات المستمرة التي تواجه حقوق الإنسان في المغرب؛ من أبرزها استمرار السياسات التي تستهدف تكميم الأفواه، حيث شهدنا تصعيدا في المتابعات القضائية ضد صحافيين ونشطاء حقوقيين”.
وناقش الخضري، في حديثه، ما وصفه بـ”التباعد” بين “السياسات العمومية واحتياجات المواطنين وطموحاتهم، مما عمق الأزمة الاقتصادية لدى شرائح واسعة من المجتمع، إضافة إلى تفشي مظاهر الفساد، رغم الجهود التي تبذل لمكافحة نهب المال العام”. وقال إن “النهج السياسي الذي تبنته الحكومة المغربية لم ينجح في تحقيق توازن في الفوائد الاقتصادية، إذ إنه نفع نخبة معينة على حساب الفاعلين الاقتصاديين الصغار، خاصة المقاولات الصغيرة جدا والصغرى”.
ومن أبرز السياسات التي طغت على هذه السنة، حسب المتحدث، توجد “تداعيات إدارة فاجعة زلزال الحوز، حيث شابتها العديد من الاختلالات، مثل غياب المساءلة والمحاسبة في عملية تعويض المتضررين وإعادة الإعمار”. مشيرا إلى “استمرار معاناة ضحايا الزلزال مستمرة. خاصة بعد الإقصاء الذي تعرض له عدد منهم في عملية التعويض؛ مما أدى إلى تنظيم العديد من المواطنين لمسيرات مشيا على الأقدام إلى المقرات الإقليمية احتجاجا على هذا الوضع”.
وتابع شارحا: “إن ضعف البنيات التحتية والغياب شبه التام للجنة اليقظة أدى إلى تفاقم الوضع بالنسبة لضحايا الفيضانات التي ضربت الصحراء الشرقية”. مبرزا أنه “من ناحية أخرى. ساهم الحياد السلبي للحكومة تجاه ارتفاع أسعار المحروقات وجشع شركات التوزيع في القطاع في تفاقم التضخم وتقويض القدرة الشرائية لشرائح واسعة من المجتمع؛ مما أدى إلى توسيع رقعة الفقر بشكل ملحوظ على حساب الطبقة المتوسطة”.
أما في قطاعي الصحة والتعليم، فقال المتحدث إن “الوضع ما زال الوضع مترديا رغم بعض المحاولات الإصلاحية التي تبذلها الحكومة”. موضحا أن “الاختلالات البنيوية في هذين القطاعين الحيويين تؤثر سلبا على الحياة اليومية للمواطنين. كما أن الحق في السكن لا يزال بعيد المنال لدى شرائح عريضة من المواطنين بسبب تعقيدات منح تراخيص البناء وفرص المواطنين لتمويل اقتناء سكن، بما في ذلك برامج الدعم ذات المردودية الضعيفة”.