ممارسة الإضراب بين تمرير المصالح والرفض المدافع عن الوجود والحق في رفض الظلم
محمد حميمداني
محمد حميمداني
الحريات العامة/ المغرب – يبدو أن المغرب مقبل على المزيد من التصعيد بين الحكومة والمركزيات النقابية والمدافعين عن حقوق الإنسان والقوى الوطنية الديمقراطية. وذلك في مسعى من الحكومة تمرير قانون تقدمه على أنه تنظيم للعلاقة بين العمال والباطرونا. ولكنه في العمق يحمل خطر هدم مسار تاريخي من التضحيات التي قدمتها القوى الوطنية الديمقراطية من أجل ترسيخه كحق دستوري.
الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، المجتمعة رفقة فريقها البرلماني بمجلس المستشارين وأعضاء لجنته التشريعية، يوم الأربعاء. للتداول بشأن آخر المستجدات المتعلقة بمشروع القانون التنظيمي رقم 15-97 لتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. دقت ناقوس خطر اعتداء الحكومة على حق دستوري ومصادرة حق المضطهدين في التصدي لأدوات اضطهادهم.
الأكيد أن وقت إبداء الرأي ومقاطعة الاجتماع مع الوزير “السكوري” يحمل أكثر من دلالة. لأنه يتزامن مع عزم حكومة “أخنوش” عرض المشروع المثير للجدل على مجلس المستشارين اليوم الخميس 9 يناير 2025.
وما يجب التنبيه إليه أن الأمر هنا لا يتعلق بجمل إنشائية يجب تليين حمولتها. بل بنص قانوني يقتل الحقوق والحريات ويعيد المغرب سنوات إلى الوراء. ويضرب بالتالي التزامات المغرب المجتمعية والدولية من خلال قتل ما تم التصديق عليه من عهود واتفاقيات.
فموقف “الاتحاد المغربي للشغل” المقاطع والرافض لأشكال تدجين الطبقة العاملة. وتقييد حرية ممارسة الإضراب. اعتبره بواقعية مشروعا “تكبيلياً” لممارسة الحقوق والحريات. وبالتالي فهو يقع في تعارض مع الحقوق الدستورية المكفولة للعمال وللمجتمع. مع ما رافق هذا التمرير من إقصاء للمجتمع ومؤسساته ومركزياته في صياغته.
فالأمر لا يتعلق بنص معزول عن المجتمع بل بنص ينغرس في جسم المجتمع. وبالتالي فأي قرار انفرادي في تمريره سيقود لمزيد من خلق أجواء التوثرات الاجتماعية والتي ستنعكس لا محالة على الاستقرار السياسي. في وقت ما أحوج بلدنا لوحدة داخلية للدفاع عن قضايانا الكبرى المصيرية. وبالتالي استثمار هاته الوحدة في تعزيز المكاسب الدبلوماسية التي تم تحقيقها تحت قيادة صاحب الجلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله.
الاتحاد المغربي للشغل اعتبر اللقاء الذي دعت إليه الحكومة، مساء الأربعاء. هو لقاء “للاستهلاك الإعلامي” ليس إلا. مضيفا أنه لا يحمل أي نية صادقة لحوار جاد ومسؤول من أجل تحسين الصيغة الحالية للمشروع بما يضمن حقوق العمال.
ومن هذا المنطلق قرر”الاتحاد” مقاطعة لقاء وزير الشغل لغياب جدول أعمال واضح. وأيضا لعدم وجود نية صادقة للحوار الجاد. مطالبا الحكومة بفتح حوار مسؤول حول المشروع. وذلك بما يحترم الدستور وحقوق العمال المكفولة بموجب المواثيق الدولية.
فالأمر هنا يتعلق بحق المجتمع ككل، وبالتزامات دولية للمغرب تتجلى في تصديق بلدنا على مجموعة من الحقوق الأساسية. سواء تلك المضمنة في الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والعهود ذات الصلة. أو توصيات منظمة العمل الدولية. وهو ما يجعل هذا التمرير في خصام مكشوف مع دستور 2011 وأيضا المواثيق الدولية. وهو ما يلزم الحكومة باحترام الأدوات الدستورية التي تنظم الحقوق والحريات العامة. والتي تم خوض العديد من المعارك في من أجل ترسيخها.
فأي مساس بحق الإضراب هو مساسا بالدستور وبالمواثيق الدولية وبحق المجتمع في التعبير عن رفض الظلم والقهر بطرق حضارية وإلا على المؤسسات السلام.