يحتفل العالم اليوم باليوم العالمي للمرأة. وهي مناسبة تذكّرنا بأهمية النضال المتواصل من أجل ضمان حقوق النساء بشكل كامل غير منقوص. وهي محطة أساسية لتسليط الضوء على المتحقق من المساواة الفعلية بين النساء والرجال في الحقوق والواجبات. وبين استمرار مسافاة القهر والغبن والتحقير والتنمر ضد كل ما هو أنثوي في الشارع كما في مقرات العمل.
بالرجوع للتاريخ، شكل الحدث منصة للنساء للترافع والنضال من أجل تحقيق مطالبهن وحقوقهن. حيث رفعن الصوت عاليا ضد كل أدوات القتل المتحرك للحقوق والهذر الأعمى للكرامة باسم التعالي الذكوري. وممارسة كل أشكال التمييز باسم الطبيعة. والعنف باسم الفحولة وهلم من أدوات الجر والقهر والتحنيط الماذي والمعنوي للحقوق كما للكرامة.
وترى العديد من النساء والتنظيمات النسائية في هذا اليوم فرصة للتعبير عن الرفض للواقع التمييزي القائم وللمطالبة بتحقيق المساواة الفعلية في جميع المجالات. الاقتصادية منها والاجتماعية والسياسية.
فالاحتفال بهذا اليوم العالمي للمرأة يجب أن يتحول إلى التزام دولي ومؤسساتي وطني ضامن لتمكين النساء من مطالبهن وتعزيز حقوقهن. وهي العناوين التي تعد المدخل الفعلي لتحقيق التنمية المستدامة.
والاحتفال بهذا اليوم في الدول المتخلفة والنامية يحمل أبعادا أكبر. لأنه يسلط الضوء على واقع قاهر تعيشه النساء بهاته الدول متسم بالقهر الاقتصادي وأيضا الجنسي. مما يجعل قضايا تمكين النساء من حقوقهن وضمان مساواتهن فعليا مع الرجال من المعارك الكبرى التي تخوضها النساء، ومعهن القوى الحية والديمقراطية. لكسر جدار طابوهات التحنيط والتملك والقهر باسم المحافظة على القيم.
فالاحتفال لا يخلو من دلالات هامة تعكس التحديات الكبيرة التي تواجه النساء. خاصة في الدول السائرة في طريق النمو، مثل المغرب.
والأمر هنا يجعلنا نفتح ابوابا أوسع لواقع مر متسم بالقمع اليومي والقهر المتحرك للنساء القرويات في المغرب. والذي يعدّ من أكثر الأوضاع قسوة، حيث يعاني الكثير منهن من قهر جنسي باعتبارهن منصات للإنجاب والتربية والمتعة. واقتصادي من خلال عملهن من السادسة صباحا وحتى الليل بمختلف مواقع البيت الإسطبل أو الزريبة أو الأراضي الفلاحية فجلب الماء والحطب وإعداد الخبز والأكل. وهلم جرا من الأشغال الشاقة التي تقوم بها المرأة والتي لا تنال عليها حتى جزاء الاعتراف والشكر. في مجتمع لا يزال يعنون علامات علاقاته بالمرأة حتى في وجود علاقة زوجية بعنوان “مراتي حشاك”.
وما يعمق المشهد اكثر هو تفاقم مشكلات الفقر والتهميش الذي تعيشه بعض المناطق من بلادنا. وما يستصحب كل ذلك من تفشي الأمية والإقصاء الاجتماعي. حيث تواجه النساء في القرى صعوبات كبيرة للوصول إلى التعليم والرعاية الصحية. إضافة إلى فقدان الفرص الوظيفية.
ومن هاته المعاناة المتحركة يكون الاحتفال باليوم العالمي للمرأة فرصة لإعادة النظر في الجهود المبذولة من قبل الحكومات والمنظمات غير الحكومية. وذلك من أجل تعزيز حقوق النساء. والعمل على إيجاد حلول شاملة لمواجهة هذه التحديات التي تعوق تحقيق هاته الأهداف. ودعم البرامج التي تهدف إلى تمكين النساء في مختلف المجتمعات. مع كسر جميع الطابوهات التي تعطل التنمية والبناء الذي مدخله المرأة كأم وكأخت وكزوجة وكحبيبة وكصديقة وزميلة تستحق منا كل التقدير والاحترام والسمو والعرفان. فألف تحية لكن سيادتي في هذا اليوم المحطة مع آلاف باقات الورد والمحبة التي لا تجف.