تعيش العلاقات الجزائرية الفرنسية أقسى فتراتها الحالكة. المتسمة بتصاعد التوثرات بين الجانبين بما يؤشر للوصول لمرحلة القطيعة الشاملة. حيث أن التباعد السياسي والدبلوماسي يزداد يومًا بعد يوم.
واقع جديد ساهمت عدة عوامل في إنضاجه. وأهمها غلبة النفعية البراغماتية على مخططات برامج علاقات الدولتين. مع تسجيل غياب الحوار الفعّال، والذي أسهم بشكل كبير في إطالة أمد الأزمة وتعقيد فرص الحل.
فالعلاقات بين البلدين تمر بأسوأ فتراتها لما طالها من جمود غير مسبوق. على الرغم من محاولات لاحت من هنا أو هناك من أجل التهدئة. إلا أنها فشلت في تقريب وجهات النظر بين الطرفين نتيجة سيادة هاته البراغماتية المعتمدة في تدبير الأزمة القائمة بين الجانبين.
قد يتم تبويب عناوين رئيسية تقارب الأزمة القائمة التي تؤثر في علاقات البلدين من بوابة المهاجرين الجزائريين الذين رفضت الجزائر استقبالهم. إضافة إلى متورطين في قضايا إرهابية على التراب الفرنسي. إلا أن الإشكال أعمق من هذا التصريف التسويقي في وجهة نظر الجزائر وباريس.
فالجزائر لن تقبل بأي حال من الاحوال التقارب المغربي الفرنسي. وتوجه باريس نحو الرباط ودعم وحدة المغرب الترابية على حساب أطماعها. وحالة العداء التي تعبر عنها جهارا للمملكة المغربية ولسيادتها على أراضيها.
وفرنسا التي فقدت العديد من وجودها في أفريقيا لصالح حضور قوي لروسيا والصين وتركيا والولايات المتحدة تحاول استعادة هذا الحضور بتجاوز منطق الدبلوماسية القديم المتآكل المنتهج. والاهتمام بتنويع الحضور في القارة ومن بوابة المغرب تحديدا. وهو ما جعلها تراجع حساباتها بمنطق الربح والخسارة فتقرر العدودة للقارة السمراء من بوابة المملكة المغربية.
وعلى الرغم من حاجة باريس للجزائر وأيضا حاجة الجزائر لباريس. إلا ان الواقع القائم مطبوع بغلبه منطق العداوات وأدلجة المواقف. وهو ما يمكن أن يشجع بالمطلق على التقارب بين الجانبين. بل سيعمل على المزيد من تعميق الازمات القائمة. ويدفع بالتالي وبالسرعة القصوى لتوثير الاجواء في ظل هيمنة العسكر على نظام الحكم في الجزائر.
واقع عكسه شعور مجموعة من الشركات الاستثمارية الفرنسية العاملة في الجزائر بالقلق من تأثيرات سلبية على استثماراتها. على الرغم من كون فرنسا أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للجزائر. إلا أن واقع العلاقات القائمة لا يبشر بمستقبل وردي لهاته العلاقات القائمة.
حيث يبدو أن باريس حسمت موقفها وجمعت حقائبها في اتجاه الرباط ومصالحها. وهو الامر الذي لم تستوعبه الجزائر الباحثة عن حلم العودة لمحاصرة المغرب. وهي من مخلفات الزهايمر القاتل لتقدم الجزائر وازدهارها. وهي التي استثمرت ملايير الدولارات في عدائها للمغرب بدل إسعاد شعبها وتحقيق التنمية والإقلاع المنشودين في أجواء من السلمك والتعايش بل إشعال الفثن وخلق التوثرات.