سيدي سليمان، المغرب – كما سبق ان وعدنا متابعينا نقف اليوم على بعض من الحقائق وراء قرار إعفاء كل من مدير ديوان عامل عمالة إقليم “سيدي سليمان” وأيضا رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والتنسيق بها من مهامهما من طرف عامل الإقليم، “ادريس روبيو”. وهي ذات صلة بقضايا أكبر من مستوى سوء التدبير أو البراغماتية في التدبير. بل تصل حد الكشف عن معطيات داخلية وتسليمها لجهات خارجية من أجل ممارسة الابتزاز على مسؤولين كبار ورؤساء المجالس الجماعية وغيرهم.
وهو القرار الذي يتصدر المشهد الإداري بإقليم “سيدي سليمان”، إلى جانب إلحاق الكاتب العام للعمالة بالمصالح المركزية وتعيين بديل عنه.
وهكذا فإعلان عامل الإقليم، “إدريس روبيو”. إعفاء كل من مدير ديوانه ورئيس قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والتنسيق من مهامهما، في خطوة غير مسبوقة. لم يكن قرارا اعتباطيا. بل مفتوحا على آلاف الأسئلة ذات الصلة بالتدبير الإداري والتنموي. ولتسليط الضوء على هذا القرار، يجب أن ننظر أولاً في التفاصيل التي تتعلق بالمعنيين بالأمر.
يعتبر مدير ديوان العامل، الذي يشغل منصبه منذ عام 2010، ورئيس قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والتنسيق المعفى من منصبه، من الشخصيات البارزة في الإدارة المحلية. وقد أثار قرار إعفائهما العديد من التساؤلات حول دوافع اتخاذه. وأيضا العلاقة بين الاثنين و”جلال كني”، المقيم في فرنسا، والذي يُعرف بانتقاداته الابتزازية للمؤسسات المغربية ورجالاتها بالإقليم.
فالسر المهني وضرورة المحافظة عليه يعد من اساسيات ضمان استدامة الإدارة وحسن أدائها. فهو أحد أعمدة أخلاقيات الوظيفة العمومية. فهو لا يُعد فقط التزامًا أخلاقيًا، بل واجب قانوني تترتب على خرقه مسؤوليات تأديبية وجنائية، بحسب ما ينص عليه التشريع المغربي.
حيث يجرم الفصل 446 من القانون الجنائي المغربي صراحة كل من أفشى سرًّا اطلع عليه بحكم مهنته. سواء تعلق الأمر بالأطباء، المحامين، العدول، أو حتى الموظفين الإداريين الذين يتمتعون بصلاحيات الاطلاع على معلومات حساسة.
وفي هذا الشأن ينص الفصل على أن: “الأشخاص الذين، بحكم مهنتهم أو وظائفهم أو وضعيتهم. يكونون مؤتمنين على أسرار، ويكشفون عنها دون مبرر قانوني، يعاقبون بالحبس من شهر إلى ستة أشهر وغرامة”.
أما في حال ترتب عن إفشاء السر ضرر للأمن العام أو مصالح الدولة، فإن الأمر يتجاوز العقوبة التأديبية إلى جناية، بحسب الفصل 193 وما يليه من القانون الجنائي، الذي يجرّم كل إفشاء من شأنه الإضرار بسيادة الدولة أو أمنها الداخلي والخارجي.
وهكذا، وفي سابقة خطيرة فقد تم تسريب مجموعة من المستندات الداخلية. ضمنها القرار العاملي رقم 935 ق ح ت / م م م، المؤرخ بتاريخ 14 مارس 2025. لجهات خارجية. وعلى رأسها المدعو “جلال كني”، المقيم بفرنسا، والمعروف بهجماته المتكررة على رجال السلطة والسياسة في الإقليم باستثناء المسؤولَين المعفيان من مهامهما.
تسريبات تمت بغاية تشويه سمعة المؤسسات الوطنية ضمن سلسلة متحركة من الحملات يقودها “جراندو” بكندا” وجلال كني” بفرنسا و”ادريس فرحان” بإيطاليا في علاقة تلازمية متحركة بمشروع ممول جزائريا لاستهداف المغرب ومؤسساته والمغاربة ومسؤوليها. وذلك عبر نشر الأكاديب أو تحوير مضامين مذكرات توجيهية وتسخيرها بالتالي لخدمة قضايا خبيثة. وأيضا بغاية استخدامها في ممارسة الابتزاز والتهديد ضد بعض الشخصيات العامة. فضلا عن تشويه صورة المؤسسات الوطنية. وهي ممارسات تعد في حكم القانون خطيرة جدا. تستوجب بالتالي المتابعة القانونية لأنها وفق التنصيص القانوني تصنف ضمن الجرائم الخطيرة.
فالمؤكد وفق ما توصلت إليه جريدة “العدالة اليوم”، هو وجود علاقة مشبوهة بين المعفيين من مهامهما و”جمال كني”. تمت ترجمتها إلى تسريبات لوثائق إدارية رسمية. لاستخدامها لاحقًا في مهاجمة مؤسسات وطنية بغرض ممارسة الابتزاز والتشهير.
هذه التطورات تسلط الضوء على واقع التسيب الإداري وغياب الانضباط في بعض المصالح الترابية. مما قد يُشكّل جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي باعتبارها جناية قائمة على الإضرار بمصالح الدولة.