#منسيات في زمن الحرب المنشورة بجريدة “أصوات” تفوز بجائزة الاتحاد العربي للإعلام

#العدالة اليوم

#العدالة اليوم

 

#اليمن – حاز المقال المنشور ب”جريدة أصوات” بعنوان “منسيات في زمن الحرب” للزميل الصحافي من اليمن “صلاح الطاهري”. بجائزة أفضل مقال سياحي ضمن جوائز الاتحاد العربي للإعلام السياحي لهذا العام.

وبهاته المناسبة نهنئ الزميل “صلاح الطاهري” بهذا التتويج. ونهنئ الزميل الإعلامي “الأستاذ محمد عيدني” المدير لمجموعة الأمل الصحفية بهذا التتويج، الذي هو عرفان بمدى الجهد والإخلاص الإعلامي الذي ما فتئ يقدمه خدمة للإعلام الهادف ولكافة القضايا في بعدها الوطني والإقليمي والقومي والإنساني.

وبهذا التتويج نعيد نشر المقالة لتقريب متابعينا الاعزاء من الجهد العطاء الذي لا ينضب. وتفاني الطاقم المشرف وهيئة التحرير لتقديم كوكتيل إعلامي مميز ونوعي شكلا ومحتوى.

منسيات في زمن الحرب

منسيات في زمن الحرب

صلاح الطاهري

حين سافرت مُجبراً ودعتها قبل سنوات وتركت نفسي هناك؟. وها انا هنا أستلهم جمالها وأصالتها وكل ما حواها. وهي المنسية المعرضة للخطر والضياع في زمن القطيعة والحرب. وغُيرها كُثر من الفاتنات العريقات المنسيات.

هل زرتها؟ وارتقيت أحد مرتفعاتها الطبيعية السياحية!

تصور معي كيف ستغدوا نزهتك وأنت مُطل علي مناظر الطبيعة الخلابة. تتنفس رئتيك الهوى النقي وتحتضن روحك روعة المكان وعراقته. بخُضرة الأرض ونقاء السماء وحيثما يجتمع الماء والخضرة والوجه الحسن والحضارة التي لا تشيب ولا تأفل.

هناك لا يضيق صدرك بل يتفتح إنشراحاً وتتشافي روحك العليلة فلا تمل ولا تكل وأنت تتأمل وتنظر بدهشة وإنبهار لصور ومشاهد حية من مفاتن الصنع الرباني البديع!. بجمال الطبيعة وسحرها وكذا عراقة ما خلدته يد الإنسان قديماً من حضارة وتأريخ حاضراً أمامك بكل عراقته وتفاصيله.

بكل تأكيد وأنت علي أبواب هذه المدينة. ومن أي أبوابها ومداخلها الاربعة سلكت. سُتدرك واقعية إسطورة الزمان في الحضارة والتأريخ والطبيعة مشهداً ونقلاً مباشراً مستمرا ومتجددا. خاصة وأن هذه المدينة تملك العديد من المقومات السياحية والتأريخية. فمن على بساط التجوال والاكتشاف ستطوف طواف الدهشة والجمال لتستقبلك منازلها ودورها القديمة المتعانقة والمرصوصة كعقدٍ من ألماس علي صدر فاتنة غيداء ذات حسب ونسب. وتاريخ ضارب في عمق الحضارات اليمنية والإسلامية القديمة وقباب ومآذن مساجدها الأثرية الشامخة التي تعانق زرقة السماء بطرازها المعماري الاسلامي الجميل.

حيث ستلاحظ تميز عماراتها الفريدة التي جمعت بين الطراز الإسلامي والطراز اليمني الأصيل. مما جعلها تحفة معمارية فريدة.

مروراً بأسواقها الشعبية القديمة التي تُعرض فيها الحرف اليدوية والمنتجات الزراعية المحلية. وستكتشف وأنت في هذه المدينة الخالدة التاريخ تأريخ اليمن العريق والتعرف علي حضاراته المتعاقبة.

 كم هي المساءات دافئة وجميلة. ففي أحياء هذه المدينة التاريخية تفوح من جنبات سواقيها ووديانها رائحة (الكاذي) الطري. ويتسرب إليك البخور من منازلها العتيقة كعاشق تسلل خلسة لينتشر طيباً وعطراً ودفئاً على حاراتها وأزقتها وكل من حل فيها وامسي.

وفي صباحاتها المنعشة وعلى إمتداد مدارب السيل لا يمكن أن تغفل مشهد اخضرار مدرجاتها وسفوح وديانها الزراعية وتمايل سنابل الذرة بتواضع خير ثمارها المتناغم مع أصوات الصبايا حاملات الشريم والدنياء تُبزغ شمسها وتودع غبشها في البكور.

هل عرفتها؟ إنها مدينة (النهرين) _مدينة “جبلة” التاريخية إحدي المدن التاريخية والسياحية اليمنية القديمة وتقع ضمن مديريات محافطة “إب” التي تُعد المحافظة السياحية الاولي في اليمن.

الحديث سيطول إن أنا أبحرت في ذكر وشرح ما تحتويه وتتميز به مدينة “جبلة” من مقومات سياحية ومواقع وديور ومساجد وجسور أثرية قديمة.

لكن الأنكى والطعنة القاتلة التي لا ترحم هي كيف تحول هذا الحب وهذا الجمال إلى إهمال وقسوة!. كيف تحولت هذه المدينة وكثير من المدن اليمنية السياحية التاريخية إلى مدن منسية. وضحايا للإهمال والعبث والاندثار في زمن الصراعات والحروب.

حين تستباح وتُهدر كل مقومات السياحة وتتحول المواقع والأماكن الأثرية إلى متاريس للموت وأسري للحروب والقوالب الاسمنتية القبيحة المستحدثة.

وكم هو موجع ومحزن جداً حين تندثر مدننا التاريخية ويذبل جمالها وعراقتها تحت أنقاض الاعتداء والتشوية والنسيان الجاحد. طمساً للهوية الوطنية والحضارية والتاريخية.

وكم هي الحروب والصراعات قاسية وبشعة حين تجعل الإنسان يؤذي ماضية ويعرض تراثه وحضارته للخطر المحدق. ويسحق حاضرة ويصادر مستقبل جيل وتاريخ أمة بأكملها.

وللأسف الشديد، فالمدن التاريخية السياحية والمواقع الأثرية في اليمن علي حافة الانهيار السحيق. فقد غدت منسية وتعرضت للهدم والتشوية والانهيار والاندثار كمدينة “جبلة” التاريخية ومدينة “زبيد” وغيرها من المدن والقلاع والحصون التاريخية. وفي ظل هكذا ظروف صعبة يعيشها “اليمن”. لا يعني أنه يمكن السكوت عن ذلك مهما كانت الظروف. بل يجب أن نتذكر أن التراث هو جزء من هويتنا وتاريخنا. وأن حمايته هي حماية لذاتنا. ولا يمكننا أن نسمح للقسوة والإهمال بتدمير جمالنا التاريخي والحضاري. وعراقة مدننا التاريخية. ولن يكون ذلكم الفجور الذي يستهدف الآثار والمدن التاريخية سبباً نبني عليه يأسنا وضعفنا في مسؤولية الحفاظ علي ماضينا الذي نعتز به لنا ولأجيالتا القادمة. وذلك من خلالنا كأفراد ومؤسسات ومنظمات مجتمع مدني في تحقيق وعي متقد ومسؤول في سبيل الحفاظ علي مدننا التأريخية.

ولندرك بأنه من لم يعتز ويحافظ علي ماضية الحضاري والتاريخي لا يمكنه الارتقاء قُدماً بحاضره ولن ينجح بمستقبله المنشود. ومن المهم جداً أن يتحرك المجتمع والإعلام والنخب المثقفة لإنقاذ التراث والحفاظ علي الآثار والمدن التاريخية. فصوت الإعلام هو صوت الحقيقة في تحقيق الوعي ونبض النخب هو نبض الحضارة. فهما المفتاحان لحماية ماضينا وتخليد تاريخنا وحضارتنا.

وتعزيز السياحة في وطننا الحبيب ووطننا العربي الكبير. مهما كانت المنغصات والمعوقات فبرسالة الإعلام السياحي يمكننا أن نرفع الوعي. ونحمي كنوزنا السياحية والأثرية ونعرف العالم بتراثنا وإرثنا الحضاري والثقافي الذي نعتز به.

فالإعلام القوي والهادف يحقق أهدافه ورسالته حتى في أصعب الأوقات. ولنجعل عامنا، هذا 2025م. هو عام الإعلام السياحي لتعزيز ونشر الوعي للحفاظ وحماية المدن التأريخية في ربوع وطننا الحبيب والوطن العربي الكبير.

منسيات في زمن الحرب

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.