#بن احمد، المغرب – لا تزال مدينة “بن أحمد” تعيش على وقع الذهول والصدمة عقب الجريمة البشعة التي هزّت أركانها خلال الأيام الأخيرة. والتي لا تتوقف إلا على مزيد من المستجدات، وسط قلق وتساؤلات ذات صلة بوقائع الجريمة وامتداداتها وكيفية التعاطي مع هاته الحالات الشادة من ظواهر المجتمع.
الواقعة ابتدأت من قلب المسجد الأعظم بعدما تم العثور على أشلاء بشرية وأسلحة بيضاء داخل مراحيضه. لتكشف التحقيقات عن خيوط متشعبة لأشلاء مبعثرة عبر مجاري الصرف الصحي. وسط مخاوف من إمكانية اتساع رقعة الجريمة بالعثور على ضحايا آخرين.
الوقائع ذات الصلة بالتحقيقات تتحدث عن معاناة المشتبه فيه من اضطرابات نفسية. وأنه قد تم إدخاله لعدة مراكز نفسية في مرات عديدة. لكن دون استكمال العلاج.
حقائق تفجر تساؤلات عن السلطات الصحية وطرق تعاملها مع هاته الحالات المتفجرة التي تشكل خطرا على الأفراد كما المجتمع. فالجريمة على بشاعتها عرت حقيقة واقع التعاطي مع ملف المرضى النفسيين في المغرب.
فالإهمال الذي يعيشه المرضى النفسيون في مراكز مفترض أنها مخصصة لتتبع هاته الحالات ومعالجتها ودرئ خطر تهديدها لنفسها أو للأفراد والاسر كما للمجتمع. وهو ما يضع هاته المنظومة موضع اتهام ومسؤولية فعلية عن هاته الوقائع المسجلة. أمام عجز النظام الصحي على إيقاف هذا النزيف الإجرامي.
فالعلاقة بين الجريمة والمرض النفسي في مثل هاته الحالات لا يمكن فصلها. فالعلاقة تحمل قضية شائكة تحظى باهتمام متزايد في المجتمعات الحديثة. فعلى الرغم من أن معظم الأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية لا يرتكبون جرائم. إلا أن البيانات تشير إلى أن بعض الحالات النفسية قد تكون مرتبطة بسلوكيات إجرامية.
وهنا يبرز التساؤل المحوري حول كيفية التعامل مع مثل هاته الحالات النفسية الإجرامية. بطرق فعّالة وآمنة تجنب الاسر والأفراد والمجتمع خطورتها وبشاعتها.
الأمر الذي يفرض وضع استراتيجيات وقائية تعتمد على التوعية والإدماج والرعاية الصحية والعلاج النفسي. وذلك من خلال معالجة الأسباب الجذرية لهاته الاضطرابات النفسية. وهو ما يساعد الأفراد على استعادة السيطرة على حياتهم.إضافة لتعزيز برامج التأهيل داخل المؤسسات العقابية. حيث يجب أن تتوفر الخدمات النفسية اللازمة لدعم المرضى النفسيين. وهو ما سيساعد على تقليل نسبة العودة إلى الجريمة.
وهنا لا بد من خطة واستراجيتة مندمجة بين المؤسسات الصحية والقضائية والاجتماعية. للتعاطي مع مثل هاته الحالات النفسية الإجرامية بمهنية ورؤية إنسانية. وهو ما سيمكن من تقليل الوصمة الاجتماعية حول المرض النفسي. وذلك بما يعزز من فرص إعادة الإدماج الناجحة في المجتمع.
فمواجهة العلاقة المترابطة بين الجريمة والمرض النفسي تتطلب فهمًا عميقًا لطبيعة الاضطرابات النفسية وكيفية تأثيرها على السلوك الإجرامي. وهو ما يقتضي تجاوز الخطط البالية المنتهجة. وتطوير استراتيجيات أكثر فعالية ونجاعة تقوم على دعم التأهيل في أفق التقليل من السلوكيات الإجرامية.
إن ارتقاء المجتمعات في وعيها وخدماتها اتجاه الأمراض النفسية سيؤدي بلا شك لتحقيق العدالة والإنسانية للأفراد المتضررين.
الأكيد ان المقاربة الأمنية لوحدها، في مثل هاته الحالات. فاقدة للنجاعة. علما أنه ومن موقع التجربة وعلاقتنا بالاجهزة الامنية. فهي تعاني من حالات العود بعدما يتم إيداع مرضى نفسانيين بالمراكز الصحية النفسية. ليتم تسريحهم من هاته المراكز بلا علاج ليعود نفس الشخص لارتكاب جرائم قد تكون كارثية. فالمطلوب تحليل واقعي واستراتيجية متكاملة للتعاطي مع هاته الظواهر المجتمعية لتلافي آثارها الأغجرامية والىلام التي تحملها للأفراد أو الأسر أو المجتمع.