#الاتحاد العربي للإعلام التراثي: خطوات رائدة فى خدمة التراث العربي

صلاح الطاهري

اليمن / صلاح الطاهري

 

وأنا أرتب الأفكار الرئيسية لكتابة مقالي هذا، إستحضرتني الإجابة الجميلة الخالدة للكاتبة الإنجلبزية، “اجاثا كريستي”. عندما سُألت، لماذا تزوجت واحداً من رجال الأثار. فأجابت “لأني كلما كَبُرت ازددت قيمة عنده”.

أجزم أن هاتين العبارتين من إجابة “كريستي” تُعد مقالاً مُكتمل الأركان والرسالة. وهو ما يدفعني للتساؤل. بماذا كانت ستُجيب “كريستي” إن هى كانت عربية الانتماء والهوية والتراث والتاريخ والحضارة. ماذا لو كانت حاضرة على عظمة حضارة “بلقيس” و”أروي”، وعاشت أيام من عمرها الجميل فى مدينة “صنعاء” القديمة، مدينة “سام”. وتنقلت مابين “شبام” و”العامرية” فى “رداع”. وما بين “جبله” و”زبيد اليمن”.

ماذا لو كانت تُدرك عظمة التراث والحضارة المصرية ك”الأهرامات”، “المعابد” و”القاهرة القديمة” وإرثها الحضاري العريق.

وكيف لو أنها استوطنت القلاع والحصون التراثية والتاريخية “الإماراتية” و”القطرية” و”البحرينية” كقلعة “الفجيرة” وقلعة “عجمان” ب”الامارات”. وقلعة “الزبارة” وقلعة “الوجبة” فى “قطر”. وقلعة البحرين التأريخية ومسجد الفاتح فى البحرين وعاشت أجواء الموروث الثقافي والشعبي لهذه البلدان العتيقة الخالده

وأظنها سيستقر بها الحال والاختيار، لتختار مدينة “الدرعية” ولن تبرح المكان “مدائن صالح” (الحجر) فى “السعودية”. وهي تعتلي هودج العلو والرفعة حضارة ضاربة بجذور التاريخ وتدندن أغنية “حجازية” ساحرة شجية لتطير وتُحلق فى سماوات أصل الحضارات فى “قرطاج تونس” مُترجية من سيد التراث أن يهبط بها فى “سيدي بوسعيد” أو “صفاقس القديمة” النضرة المتجددة.
وبلا موعد لن تتأخر عن “لبده الكبرى” نبض المعالم الأثرية و”صبراته ليبيا” التاريخ والحضارة التى لا تشيب.

ومع ذلك كله فإن بوصلة الحضارة وقصة التاريخ وعراقة التراث العربي لايمكن الولوج اليها دون ذكر “الجزائر” تراثاً وحضارة وعراقة كمدينة “القصبة” ومدينتي “قسنطينة” و”تلمسان”.

بالمناسبة أنا لست هنا بصدد الكتابة عن قصة حياة “اجاثا كريستي”. بل أكتب عن التراث العربي وإرثه الحضاري والثقافي. وهو ما يمكن الإشارة اليه بكل إعتزاز وفخر لكل تلك المقومات الحضارية والتراثية التى يتميز بها وطننا العربي الكبير.

فبالإضافة الى التراث المادي الذى تخز به بلداننا العربية، فهي أيضاً تتميز بالموروث الثقافي المتعدد والمتنوع. ومع ذلك ثمة مشكلة كانت تعاني منها توجهات ومشاريع ومبادرات إحياء التراث. بجانبيه الأول نشر الوعي المسؤول فى الحفاظ على الأثار والمواقع والمدن التاريخية والجانب الآخر التعريف والترويج له.

وتتمثل تلك المشكلة فى غياب إعلام موجه ومباشر وخاص بمجال التراث، رغم الدور الإعلامي الرسمي والخاص. لتسليط الضوء حول التراث ومسؤولية الحفاظ عليه والتعريف به. إلا أن ذلك وحده لا يكفي إذا ما كنا نسعي فعلاً لإحياء التراث العربي وتدوينه وإبرازه للعالم. لذا فقد كان انبثاق الاتحاد العربي للإعلام التراثي ضرورة هامه ومُلحة لتعزيز دور الاعلاميين المهتمين بالتراث. ولخلق وتقديم رسالة إعلامية متخصصة للحفاظ على التراث العربي. وايضا نشر وتعزيز الموروث الثقافي. ولعلى من أبرز ما يترجم التوجة الجاد والفعلي للاتحاد العربي للإعلام التراثي على أرض الواقع فى خدمة التراث العربي، هو انعقاد الملتقي العربي الأول للإعلام التراثي فى العاصمة المصرية “القاهرة”. والذى استمر لمدة أربعة أيام، من 14أبريل الحالي وإلى غاية 17 منه. وذلك بمشاركة عدد من الإعلاميين من كل من “اليمن”، “مصر”، “السعودية”، “قطر”، “الإمارات”، “البحرين”، “ليبيا”، “تونس” و”الجزائر”.

وقد سلطت أعمال الملتقي الضوء على وضع خارطة طريق للإعلاميين المهتمين بالتراث والآثار والجهات ذات العلاقة. وذلك بهدف تعزيز الوعي والحفاظ على الهوية الثقافية والتراثية العربية. ومن واقع عملي فقد تناول الملتقي تجارب ومبادرات متميزة من الدول العربية المشاركة فى مجال الحفاظ على التراث العربي. من خلال ورش العمل فى سبيل تعزيز العمل الإعلامي التراثي. وهو ما أكده “الدكتور يوسف بن علي الكاظم”، رئيس الاتحاد العربي للإعلام التراثي. لعدد من وسائل الإعلام، بأن الملتقي يأتي فى سياق التناول العميق والشامل للتراث والآثار فى الوطن العربي. مفيدا أنه قد تم إطلاق أول موقع للإعلام التراثي العربي. وذلك للتوعية بأهمية التراث ونشر ثقافة الحفاظ عليه. مؤكداً أن التحديات التى تواجه مساعي الحفاظ على التراث فى العالم العربي تتطلب تكثيف الجهود المشتركة. فضلاً عن توحد الرؤى للتوعية بأهمية الحفاظ على الموروثات والتراث. والارتباط الوثيق بين الخطط التدريبية للإعلاميين والمتخصصين وخطط الوزارات المسؤولة فى الشأن المحلي.

من وجهة نظري كصحافي ومهتم بالإعلام التراثي والسياحي، فإني أجزم بأن هاته الخطوات الرائدة. والتوجه الفعلي الجاد من قبل “الاتحاد العربي للإعلام التراثي” ستسهم إسهاماً كبيراً ومثمراً فى نشر الوعي المنشود فى الحفاظ على الأثار و التراث العربي. وأيضا إحياء الموروث الثقافي العربي. فالموروث الشعبي متنوع ومتعدد من دولة عربية لأخري، كالأغاني الشعبية، الرقص الشعبي والادب الشعبي. إضافة للملابس التقليدية واللهجات والموسيقي والاهازيج وطقوس وعادات الاحتفالات والمناسبات. بل وحتى الأطعمة الشعبية. حيث أصبح هناك صوتاً وإعلاماً مباشرا وموجهاً ومتخصصا في التراث. وأدعوا كل الزملاء الإعلاميين فى الوطن العربي المهتمين بالتراث للمبادرة إعلامياً لما من شأنه يخدم تراثنا العربي. لتعريف العالم بتراثنا العربي العريق وأرثنا الحضاري والثقافي الجميل. كما أجدها فرصة لأتقدم بالشكر والعرفان للاخ “الاستاذ صلاح علي القادري”، رئيس “الاتحاد العربي للإعلام التراثي”، فرع “اليمن”. لدوره الفاعل ونشاطه المتفاني فى خدمة التراث اليمني إعلامياً. خصوصاً فى ظل الظروف الراهنة التى يعيشها بلدنا الغالي “اليمن”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.