تأملات في انتشار الوضاعة والسوقية وثقافة “جامع الفنا” وسقوط المشهد الإعلامي ب”مراكش”

#العدالة اليوم

#العدالة اليوم

 

وأنا أتصفح إحدى الخربشات التي فاحت منها رائحة العفونة والسقوط الذي يسم مشهدا أريد له أن يسترخص الواقع ويسقطه في أثون الحضيض.

وقفت من خلال هاته الخربشات حول سوق نسب ظلما وعدوانا للإعلام. وهو في الحقيقة مجرد كلام “خوردة” صدئة علتها تراكمات الوضاعة والسفاهة في النقل والتعبير. حاملة قيم الانحطاط في الرؤية والسقوط في المقاربة التي تنقلنا لسوق العبيد وما يعلوه بدون ان أن نعود لقول ا”المتنبي” في هاته الصنوف. بدلا من سوق الفكر وسموه وقدرته على صناعة قيم الجمال والتقدم.

استحضرتني في هذا الباب كلمات أغنية شرقية تقول: “شخبط شخابيط ورسم على الحيط”. وهي كلمات تتلاقى مع مستوى السوقية التي أصبحت تغلف مشهدنا الإعلامي. محولة إياه إلى مهنة من لا مهنة له. فليس لوك الكلام وملأه بالتفاهات قيمة علم وسمو إعلام. بل تعبير عن لغو يراد به ممارسة “البوز” بلا ضوابط ولا قواعد مثلما خطها فقهاء الدرس الإعلامي.

في السابق ميز “غاستون باشلار” بين العلوم وأشباه العلوم “Science et pseudo science”. ذاعيا في هذا الباب لتحرير العلم من التفاهة والسوقية التي لا تمت بصلة للمؤسسة العلمية. مؤكدا على ضرورة إزالة طلاسيم السحر و”التكزان” وإبداء السفيه من الرأي باسم العلم من لغة ومؤسسة العلوم. كما هو الحال في سوق إعلام “الدربوكة المراكشية”. الذي لا يميز بين الطيب من الإعلام وسوق “جامع الفنا” بما يعج به من قردة وثعابين و”بنادرية” و”تعارجية”. والذي لا يعمل إلا على إشعال “الطرحة” وتغذية الوسخ الذي لا يبنى كلمة ناقدة ولا يؤسس وطنا يرتقي فيه أبناؤه نحو سمو مؤسس لغد عالم بدلا من جهل وجهالة تعشش في أزقة المدينة الحمراء. ناثرة بالتالي سموم التخلف والوضاعة التي لا بد من التصدي لها. وذلك من باب أن العلم بالشيء وما يتضمنه. وتعرية التفاهات المعششة في اضلع هذا المشهد السقيم. وتعويم الكلام من خلال اسم مؤنث يدعي الانتماء لجسم إعلامي هو براء منه.

فالتصدي لمثل هاته الأبواق الناشرة للسموم يعتبر واجبا مفروضا بقوة الكلمة وليس بكلام القوة. وفي ذلك فليتنافس المتنافسون من عقلاء هذا الوطن.

كنت فيما مضى أستلذ وأتغذى من طابق دسم شهي من النقاش الراقي الذي ساد سبعينيات القرن الماضي. جامعا مفكرين قارعوا القول بالقول والحجة بالحجة فأثروا الخزانة المغربية.  لأجدني اليوم امام مشهد إعلام “جامع الفنا” و”تقرقيب السطولة” ولغة الحمام و”السخون الله يرحم الوالدين”.

لتتساقط ها هنا وتتهاوى كل قيم الإبداع والرقي وتأسيس مجتمع الكلمة السامية البانية للجمال والمغذية لثقافة الدوق الرفيع. إلى واقع عفن يحمل كل قيم المصادرة لهاته الروائع بمراكش مع سبق “القردة والثعابين وسوق جامع الفنا”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.