نظام مير محمدي / كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني
#إيران – حوالي ظهر يوم السبت . وقع انفجار هائل في ميناء “رجائي” بمدينة “بندر عباس” في محافظة “هرمزغان”. أحد أهم وأكثر المراكز التجارية حساسية في “إيران”. مخلفًا أبعادًا واسعة من الخسائر البشرية والمادية.
وفيما لم يتم، حتى الآن، نشر معلومات دقيقة وموثوقة حول السبب الرئيسي للانفجار وحجم الخسائر. فإن التقارير المتضاربة وإفادات شهود عيان ووسائل إعلام مختلفة تقدم صورة غامضة ومقلقة لهذا الحادث.
التقارير الأولية والخلاف في الأرقام:
استنادًا إلى التقارير الأولية لوسائل الإعلام الحكومية، وحتى ظهر يوم الأحد. فقد تم الإعلان عن مصرع 36 شخصًا وإصابة 1241 آخرين. مع الإشارة إلى أن حالة 20 منهم حرجة.
ومع ذلك، تقدم التقارير غير الرسمية وشهود العيان، بمن فيهم مراسلو قناة “سيماي آزادي” (تلفزيون المقاومة الإيرانية الذي يبث على مدار 24 ساعة). أرقامًا أعلى بكثير للضحايا. فيما أفادت بعض المصادر بمقتل أكثر من 100 شخص وإصابة عدد أكبر بكثير. كما أن الازدحام الشديد في المستشفيات ونقص الأسرة يزيد من خطورة الوضع.
الغموض حول سبب الانفجار والتكهنات
تتضارب التكهنات حول سبب هذا الانفجار الهائل. فيما تشير بعض المصادر لفرضية سوء تخزين المواد الكيميائية. خاصة “بيركلورات الصوديوم” المستخدم في صناعة الوقود الصلب للصواريخ.
وأفادت تقارير أخرى لشحن دفعات من وقود الصواريخ من الصين لهذا الميناء، خلال الأشهر الأخيرة. ويتم طرح الترتيب غير السليم للحاويات التي تحتوي على مواد مختلفة بجانب بعضها البعض، من المواد الكيميائية القابلة للاشتعال إلى المواد الغذائية والملابس. كأحد عوامل انتشار الحريق والانفجارات المتتالية.
في المقابل، أشارت بعض وسائل الإعلام الحكومية إلى سجل التحذيرات المتعلقة بالسلامة في هذا الميناء. مقدمة فرضية احتمال وقوع عمل تخريبي.
وتقارن هذه الكارثة بانفجار ميناء بيروت عام 2020. ومع ذلك، فإن سجل التستر وعدم الشفافية الذي يتبعه النظام الإيراني في حوادث مماثلة، يعزز فرضية الإهمال وعدم الكفاءة والمشاكل الهيكلية.
محاولات التستر والسيطرة على المعلومات
استنادًا إلى التقارير الواردة من أنصار منظمة “مجاهدي خلق” والمقاومة الإيرانية. فإن قوات “الحرس الثوري الإسلامي” والأجهزة الأمنية، وبدلًا من التركيز على إخماد الحريق ومساعدة المتضررين. تستخدم كل قوتها للسيطرة على الوضع ومنع انتشار المعلومات الحقيقية. كما أن تقييد الوصول لموقع الحادث وعدم تقديم إحصائيات دقيقة وشفافة يزيد من قلق الناس وارتباكهم.
الأبعاد الإنسانية للكارثة
وسط التقارير المؤلمة، ترد أنباء عن فقدان عشرات العمال، بمن فيهم 23 امرأة. إضافة للوضع الحرج للجرحى الذين يعانون من إصابات في العين وبتر الأطراف. إضافة لتهديد التلوث الشديد للهواء الناتج عن احتراق المواد الكيميائية لصحة سكان المنطقة.
ردود الفعل والتبعات
أعلنت حكومة “بزشكيان”، في خطوة متأخرة، يوم الاثنين. يوم حداد عام في جميع أنحاء البلاد. كما تحدث مسؤولون قضائيون عن إصدار أوامر بمتابعة سبب الحادث ومحاسبة المسؤولين. لكن التجربة أظهرت أن مثل هذه الوعود غالبًا لا تؤدي إلى نتيجة واضحة.
وإضافة إلى الخسائر البشرية والمادية، يمكن أن يكون لهاته الكارثة تداعيات كبيرة على الأنشطة التجارية في ميناء “بندر عباس” والاقتصاد الإيراني.
وفي سياق متصل، قالت “السيدة مريم رجوي”، في رسالة لها عبر حسابها على منصة “إكس” بشأن هذا الانفجار وعواقبه وتقاعس النظام الإيراني: “بعد مرور 24 ساعة، لا تزال المزيد من الحاويات تنفجر في بندر عباس. إن عدد الضحايا أضعاف الأرقام المعلنة. ومن المؤكد أنه يتجاوز 100 شخص. إن قوات الحرس الثوري ووزارة المخابرات والأجهزة القمعية الأخرى تستخدم إمكانياتها، بدلًا من إخماد الحريق وإنقاذ المتضررين، للسيطرة على الوضع والتستر الكامل على شحنات الوقود الصلب للصواريخ الباليستية وأبعاد الكارثة. مع خالص التعازي مجددًا، فإن الجهود الدؤوبة والمتنوعة التي يبذلها المواطنون لمساعدة المتضررين تستحق الشكر والتقدير. ولكنني أطلب من الجميع، وخاصة شباب بندر عباس والمدن والمحافظات المجاورة، مضاعفة جهودهم، خاصة فيما يتعلق بالعمال المحرومين وعائلاتهم”.