#العلاقات الخارجية الإيرانية بين الفرص والتحديات وفق الصحف الإيرانية

#مهدي رضا

#مهدي رضا

 

#إيران – تعيش السياسة الخارجية للنظام الإيراني حالة من التداخل بين الفرص الضائعة والتحديات المتصاعدة. حيث تبرز مؤشرات على إمكانية استغلال علاقات إقليمية، خاصة مع السعودية، لتعزيز أمن الطاقة وتحقيق مصالح إقليمية. إلا أن الصراعات الداخلية والانقسامات بين الأجنحة الحاكمة تُعيق اتخاذ قرارات جريئة. وهو ما يضعف قدرة النظام على استثمار هذه الفرص.

على مستوى المفاوضات النووية، يظهر أن غياب التنسيق الداخلي وضعف التفاهم بين القوى المختلفة يُفاقم من تعقيد الملف. ويُقلل بالتالي من فاعلية الموقف التفاوضي أمام الضغوط الدولية. خاصة مع تصاعد العقوبات الأمريكية وسياسات ترامب الاقتصادية التي تعرقل استقرار الاقتصاد الإيراني. إضافة لتزايد عزلة “إيران” في الساحة الدولية. فيما تُظهر الصحف أن النشاط الدبلوماسي المكثف يفتقر إلى العمق والفاعلية بسبب الخلافات بين الأجنحة. الأمر الذي يعكس حالة من التوتر الداخلي والرعب من انهيار دبلوماسي قد يُفاقم الأزمات الداخلية ويُهدد استقرار النظام، الذي يعيش حالة من الانقسامات العميقة. بين السعي لتعزيز نفوذه الإقليمي والسعي لتهدئة التوترات الدولية.

وضع يجعل مستقبل “إيران” محفوفًا بالمخاطر. وتبقى الفرص موضوعة على الرف، في انتظار وحدة داخلية تُمكن من استثمارها بشكل فعّال في مواجهة التحديات المتصاعدة.

فالسياسة الخارجية للنظام الإيراني تواجه لحظة حرجة تتسم بالفرص المحتملة والتحديات المتفاقمة. من إمكانية التعاون مع السعودية في مجال الطاقة إلى المفاوضات النووية المتعثرة والعلاقات مع أوروبا المشوبة بالتوثر أيضا.

وفي هاته الأوضاع يبدو النظام عالقاً بين محاولات يائسة لكسر عزلته الدولية وصراع داخلي عنيف (جنگ گرگها) يشل قدرته على اتخاذ قرارات حاسمة.

هاته الانقسامات لا تعكس فقط ضعفاً هيكلياً في بنية النظام. بل تكشف عن حالة رعب متزايدة من انهيار دبلوماسي قد يُفاقم الأزمات الداخلية ويُعرض استقراره للخطر.

ويستعرض هذا التقرير كيف تُعيق التناقضات الداخلية التقدم الخارجي، مع تحليل معمق يستند إلى محتوى الصحف اليومية.

فضاء الصحف اليوم 

سلطت “هِم ميهن” في مقالها الأول “من التهديدات البعيدة إلى الفرص القريبة/أمن الطاقة العالمي ميزة خاصة للتعاون بين السعودية وإيران”. الضوء على إمكانية تعاون إقليمي مع “السعودية” لتعزيز أمن الطاقة. لكنها تلمح إلى أن الصراعات الداخلية تُعيق اتخاذ قرارات موحدة لاستغلال هذه الفرصة. 

وفي مقالها الثاني المعنون ب”البحث عن حل وسط”. تتناول محاولات النظام لإيجاد توازن دبلوماسي وسط ضغوط دولية متزايدة. مشيرة إلى أن انعدام التنسيق الداخلي يُضعف موقفه التفاوضي بشكل ملحوظ. 

أما “ایران” وفي مقالها “يوم الدبلوماسية في نياوران”. فتُبرز نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، لكنها تُظهر أن هذا النشاط يفتقر إلى العمق بسبب الخلافات بين الأجنحة الحاكمة، مما يجعله شكلياً أكثر منه فعّالاً. 

فيما وقفت “شرق” في مقالها الأول بعنوان “إيران؛ استثناء الشرق الأوسط”. على الوضع الفريد ل”إيران” في المنطقة. محذرة من أن هذا الوضع سيتحول لعزلة بسبب الفوضى الداخلية التي تُعيق الاستراتيجيات الخارجية. وفي مقالها الثاني “الدبلوماسية في وقت أوروبا”، ناقشت العلاقات مع أوروبا. مشيرة إلى أن النظام يواجه صعوبات في بناء تحالفات بسبب ضعفه الداخلي وعدم قدرته على تقديم ضمانات موثوقة. 

أما “دنیای اقتصاد” فتساءلت في مقالها “من الفائز في لعبة الجيوإيكونوميك في الشرق الأوسط؟”. عن اللاعب المهيمن إقليمياً. مبرزة أن النظام الإيراني يفتقر إلى استراتيجية اقتصادية وسياسية متماسكة، مما يُضعفه أمام منافسيه. 

كما أكدت “آرمان ملی” في مقالها “التخصيب في إيران مستمر”. استمرار برنامج التخصيب النووي. ملمحة إلى أن هذا التصعيد يزيد من التوترات الدولية دون أن يعكس قوة حقيقية بسبب الانقسامات الداخلية. وحذرت” ذات الصحيفة في مقالها “حكم التجارة لترامب على الاقتصاد”. من تأثير سياسات “ترامب” الاقتصادية على “إيران”. مشيرة إلى أن النظام غير مستعد لمواجهة هذه الضغوط بسبب حالته الهشة. 

وهاجمت “کیهان” في مقالها الأول “مصارعة الثيران لترامب في أمريكا البالية (ملاحظة اليوم)”. السياسات الأمريكية بعنف. لكن هذا الخطاب العدائي يكشف عن ضعف دبلوماسي وعجز عن تقديم بدائل فعّالة. وفي مقالها الثاني “صرخات بالوكالة! (نقطة)”. أشارت الصحيفة إلى اعتماد النظام على حلفاء ووكلاء إقليميين. مما يعكس عزلته الدولية وفشله في بناء تحالفات مباشرة. 

ودعت “خراسان” في مقالها “نظام إقليمي بدون وصفة غربية”. إلى نظام إقليمي مستقل. مظهرة أن هذا الهدف بعيد المنال بسبب غياب الوحدة الداخلية اللازمة لتحقيقه. 

فيما طالبت “فرهیختگان” في مقالها الأول “اقتراح للناطق باسم الحكومة؛ ابدأوا بالمفاوضات”. بتسريع المفاوضات الدبلوماسية. مشيرة إلى أن الصراع الداخلي يُعطل أي تقدم ملموس. وأكدت في مقالها الثاني “مناظرة قبل التفاوض”. على أهمية التحضير للمفاوضات. مبرزة أن الانقسامات تمنع وضع خطة تفاوضية واضحة. 

أما “جوان” فانتقدت في مقالها “وهم ويتكاف الأوروبي”. المقترحات الأوروبية. مشيرة إلى أن النظام عاجز عن التعامل معها بسبب افتقاره إلى رؤية موحدة. 

فيما دافعت “فرهیختگان” في مقالها الثالث “نشاط الجمهورية الإسلامية عقلاني”. عن سياسات النظام. لكن هذا الدفاع يبدو ضعيفاً وغير مقنع في ظل التحديات الداخلية والخارجية.

تحليل معمق: العلاقات الخارجية في ظل الصراع الداخلي 

تكشف الصحف عن نظام يعاني من تناقضات داخلية تشل قدرته على استغلال الفرص الخارجية أو مواجهة التحديات. 

فالتعاون مع السعودية، وفق ما اشرت إليه “هِم ميهن”. يمثل فرصة ذهبية لتحسين الوضع الاقتصادي والإقليمي. لكن الصراع بين الأجنحة يمنع اتخاذ قرارات جريئة.

وفيما يتعلق بالمفاوضات النووية أظهرت مقالات “فرهیختگان” و”آرمان ملی” أن النظام يفتقر إلى استراتيجية موحدة. وهو ما يُضعف موقفه أمام الضغوط الدولية ويزيد من مخاطر العقوبات.

أما فيما يخص العلاقات مع أوروبا فوقفت “شرق” و”جوان” حول تعثرها بسبب عدم القدرة على تقديم رؤية دبلوماسية متماسكة. وهو ما يُعزز عزلة النظام.

وفيما يخص الضغوط الأمريكية أبرزت “آرمان امروز” و”کیهان” أن سياسات “ترامب” تُشكل تهديداً وجودياً ل”إيران”. لكن النظام عاجز عن مواجهتها بسبب انهياره الداخلي.

هذه التناقضات تُظهر أن النظام، رغم طموحاته الإقليمية. يترنح تحت وطأة انقساماته. وهو ما يجعله أكثر عرضة للعزلة والضغوط الخارجية.

إذن فالعلاقات الخارجية للنظام الإيراني تواجه مأزقاً خطيراً يتفاقم بسبب الصراع الداخلي المستمر. فيما فرص التعاون مع السعودية أو تحسين العلاقات مع أوروبا تظل بعيدة المنال بسبب غياب الوحدة. بينما تُشكل التهديدات والضغوط الأمريكية والعقوبات الاقتصادية خطراً متزايداً.

فالنظام، الذي يعيش في حالة رعب دائم من الفشل الدبلوماسي. يبدو عاجزاً عن الخروج من هذا المأزق دون معالجة ضعفه الهيكلي.

إذا استمر هذا الوضع، فقد يؤدي إلى انهيار خارجي يُعجل بزوال النظام نفسه. حيث تكشف حالة الرعب هذه عن مستقبل غامض مليء بالمخاطر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.