#واشنطن، الولايات المتحدة – تثير صفقة الطائرة الفاخرة المقدمة للرئيس الامريكي “دونالد ترامب” كهدية من قطر. تفاعلات قوية في “واشنطن”. والتي قد تكلف “ترامب” رئاسته.
وهكذا فقد فجرت الطائرة القطرية الهدية جدلاً واسعًا بين الأوساط السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة الامريكية. خاصة بعد إعلان “ترامب”، الأحد. عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن وزارة الدفاع الأمريكية، “البنتاغون”، “تعتزم قبول الطائرة الفاخرة كهدية مجانية”. فيما نفى “البيت الأبيض” أن تكون هدية شخصية. مؤكدًا أنها مشروع بين حكومتين.
وتنص المادة 1 من الدستور الأمريكي، أن تكون جميع التبرعات والمساعدات الحكومية خاضعة لرقابة صارمة. مع ضرورة الإفصاح عنها وتجنب أي تضارب في المصالح. خاصة وأن قبول هدايا بمبالغ كبيرة قد يثير شبهات تتعلق بالفساد أو استغلال المنصب.
جدل يفجر مخاطر أمنية محتملة، حيث أعرب بعض السيناتورات عن مخاوف من أن تجهيز الطائرة وفق معايير أمنية صارمة قد يستغرق وقتًا. وهو ما يعرض أمن الرئاسة للخطر. خاصة مع مخاطر التجسس أو تسريب أسرار الدولة.
وفي هذا السياق يرى بعض الجمهوريين أنّ: “الهدية لن تكون مجانية فعليا، لأن تجهيز الطائرة لتكون آمنة ومناسبة للطيران الرئاسي سيستغرق وقتا طويلا، لتفي بجميع المعايير الأمنية والفنية اللازمة”. فيما نقل آخرون “قلقهم من مخاطر محتملة تتعلق بالأمن القومي ونقل أسرار الدولة على متن الطائرة”.
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، “كارولين ليفيت” قد قالت، الإثنين: إنّ “الطائرة القطرية الفاخرة المثيرة للجدل التي أعلن الرئيس دونالد ترامب اعتزامه قبولها هي: مشروع القوات الجوية، وإنّ ترامب لا علاقة له بها”.
ونفت “ليفيت”، ما يتم الترويج له من تقارير تفيد بأن: “العائلة المالكة القطرية ستهدي إدارة ترامب الطائرة الفاخرة. التي سيتم تعديلها واستخدامها كطائرة رئاسية خلال فترة ولاية ترامب الثانية”. فيما انتقدت وسائل الإعلام لما وصفته بـ”التضليل الإعلامي بخصوص الهدية”.
وقالت: “لنكن واضحين تماما، حكومة قطر، والعائلة القطرية، عرضت التبرع بهذه الطائرة للقوات الجوية الأمريكية. وسيتم قبول هذا التبرع وفقًا لجميع الالتزامات القانونية والأخلاقية”.
وأضافت: “سيتم تحديثها وفقا لأعلى المعايير من قِبل وزارة الدفاع والقوات الجوية الأمريكية”. مبرزة: “هذه الطائرة ليست تبرعا شخصيا أو هدية لرئيس الولايات المتحدة. وعلى كل من كتب ذلك الأسبوع الماضي تصحيح أخباره، لأن هذا تبرع لبلدنا وللقوات الجوية الأمريكية”.
وكانت الأزمة قد تفجرت، نهاية الأسبوع الماضي. حين أكّد ترامب استعداده لقبول طائرة فاخرة من “قطر”. وهي من طراز (Boeing 747-8 Jumbo) كهدية تسلّم لوزارة الدفاع. على أن تنقل لاحقا لمكتبته الرئاسية عقب انتهاء ولايته.
آنذاك، قالت السيناتور سوزان كولينز: “هذه الهدية من قطر محفوفة بتحديات قانونية وأخلاقية وعملية، بينها خطر التجسس. لا أعلم كيف يمكننا تفتيشها وتجهيزها بالشكل الكافي لمنع ذلك”.
إلى ذلك، أبرزت شبكة “سي إن إن” الأمريكية، أنّ: “وزارة الدفاع تخطط لقبول طائرة بوينغ 747-8 الفاخرة. وسيتم تحديثها لاستخدام الرئيس مع ميزات أمنية وتعديلات قبل التبرع بها لمكتبة ترامب الرئاسية بعد انتهاء ولايته”. فيما نفى “ترامب” أنه سيستخدم الطائرة بعد انتهاء ولايته.
وكان الرئيس الأمريكي قد قال في مقابلة تم بثها، الأسبوع الماضي: إنّ: “المسؤولين القطريين تواصلوا معه بشكل مباشر بخصوص إمكانية إهدائه طائرة فاخرة بديلة لطائرة الرئاسة الأمريكية”.
وفي السياق ذاته، قال الرئيس الأمريكي لقناة “فوكس نيوز”: قال المسؤول القطري”لقد كان بلدكم كريما معنا. أود أن أفعل شيئًا للمساعدة في هذا الوضع الذي تواجهونه مع طائرة الرئاسة. قلت: هذا جيد. ماذا تقترح؟ واقترح هذا، فقلت: أتعلمون؟ هذا جيد جدًا. هذا جيد جدًا. أُقدّر ذلك'”.
من جانبه، قال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، “محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني”: إنّ “الحكومة القطرية عرضت طائرة بملايين الدولارات للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. لاستخدامها كطائرة رئاسية”.
ووصف جاسم آل ثاني، العرض بكونه: “صفقة بين حكومتين، وليس هدية شخصية لترامب”. مبرزا أنه “لا يزال قيد المراجعة، من الطرفين”.
وفي مقابلة له مع شبكة “سي إن إن” الأمريكية. قال رئيس الوزراء القطري، الأربعاء الماضي: “هذه صفقة بسيطة للغاية بين حكومتين. في حين أن وزارة الدفاع القطرية والبنتاغون لا تزالان تتبادلان إمكانية نقل إحدى طائراتنا من طراز 747-8 لاستخدامها كطائرة رئاسية”.
وتابع: “لا تزال قيد المراجعة القانونية، لذا لا يوجد شيء، ولا أعرف سبب تحولها إلى خبر كبير كهذا، وهو أمر، كما تعلمون، يُنظر إليه بطريقة غريبة للغاية”، مضيفا: “إنها صفقة بين حكومتين، لا علاقة لها بالموظفين، سواء كانوا من الجانب الأمريكي أو الجانب القطري، إنها بين وزارتي الدفاع”.
وأوضح: “بالطبع، سيتم سحب العرض إذا اعتُبرت الصفقة غير قانونية”، مبرزا: “لن نفعل أي شيء غير قانوني. لو كان هناك شيء غير قانوني، لكانت هناك طرق عديدة لإخفاء هذا النوع من المعاملات. ولن تكون ظاهرة للعامة. هذا تبادل واضح للغاية بين حكومتين، ولا أرى أي جدل في ذلك”.
تجدر الإشارة إلى أن القانون الأمريكي يحظر على المسؤولين الحكوميين، خاصة الرئيس، قبول هدايا تتجاوز قيمة معينة دون إذن. معتبرا قبول هدية ضخمة كطائرة فاخرة، دون إجراءات رسمية واضحة، انتهاكًا لقوانين مكافحة الفساد والتضارب في المصالح. فضلًا عن تداخل المصالح بين الحكومة والدول الأجنبية.
جدل ينقل للواجهة مبدأ المسؤولية وحماية نزاهة المؤسسات الوطنية. مع ضمان عدم استغلال النفوذ. وهو ما يفرض ضرورة التحقق من أن أي صفقة أو هدية يجب أن تتوافق مع القوانين والأخلاقيات. وذلك ضمانا للشفافية والأمن الوطني.
واقعة تضع الرئيس الأمريكي أمام موجة من التساؤلات المتصاعدة بخصوص مدى ملاءمة قرار قبوله لطائرة فاخرة مقدمة من قطر بقيمة 400 مليون دولار. عقب الجولة التي قام بها لعدد من الدول الخليجية مع القوانين الامريكية.
كما تجدر الإشارة، إلى أنّ “ترامب” كان قد عبّر مرارا عن استيائه من التأخيرات والتكاليف الزائدة في مشروع استبدال الطائرة الرئاسية “Air Force One” القائم. وهو المشروع الذي تنفذه شركة “بوينغ” عبر عقد حكومي لبناء طائرتين جديدتين للرئاسة الأمريكية. غير أنّ المشروع لا يزال يواجه عقبات تعرقل إتمام الإنجاز.