# حمولة العدوان “الإسرائيلي” على “إيران” تشكل وعي جديد أم ترسيخ لقواعد استعمار جديد؟

# محمد حميمداني

# محمد حميمداني

 

#طهران، إيران – في رصد لتطورات العدوان الصهيوني على “إيران”، بما يحمله من تصعيد خطير وغير مسبوق من جهة استهدافات العدوان “الإسرائيلي” لبنى تحتية مدنية ومبان مدنية. والذي وصل مداه باستهداف مؤسسة إعلامية. وفي الجهة المقابلة دقة الضربات الإيرانية التي أصابت مواقع حساسة واستراتيجية داخل عمق الكيان المحتل. فما الذي يحمله العدوان من تفاصيل” وما التداعيات الدولية مع تصريح “ترامب” الفاقد للصواب والخارج عن القواعد الأممية المهدد ل”إيران”؟. وإلى أين تتجه مجريات الأحداث تماشيا مع الموقف الباكستاني الداعم ل”إيران”، وبيان 22 دولة عربية وإسلامية الداعم ل”إيران” والمندد بالعدوان. وأيضا موقف مجلس التعاون الخليجي المساند ل”إيران” والمندد بالاحتلال وجرائمة.

“إيران” في تصديها للعدوان مارست حقها المكفول أمميا وفق المواد 41 و51 من ميثاق الأمم المتحدة التي تتيح للدول حق الدفاع عن النفس وردع العدوان. على اعتبار أن “إسرائيل” كانت هي البادئة بالعدوان ، الجمعة. مع ما خلفته هاته الهجمة المفاجئة المدعومة بسيناريو تنويم أمريكي أجاده “ترامب” لتمكين العدو الصهيوني من مباغثة “إيران” والقضاء على قدراتها الدفاعية عبر ضرب مواقع القيادة واغتيال القادة والعلماء النوويين.

الوقائع الميدانية والساعات الموالية أفرزت فشل الخطة وتحول “إيران” من الدفاع إلى الهجوم ونقل المعركة لقلب كيان العدو عبر ضربات صاروخية مدروسة ودقيقة استهدفت مراكز استراتيجية هامة. ضمنها “معهد وايزمان للأبحاث” ومراكز عسكرية وجوية واستخباراتية.

“إيران” تكشف أن بنك أهدافها واسع وأنه يتضمن حوالي 150 هدفًا في قلب “إسرائيل”، مع استهداف نحو 50% منها خلال الأيام الخمسة الماضية. مع تجنب الأهداف المدنية تفاديًا للضغط الدولي. إضافة لاستراتيجيتها في اختبار فعالية صواريخها الجديدة ومساندة قدراتها الدفاعية. خاصة في سياق تعزيز قدرات الردع. وإدخالها اسلحة جديدة أبانت عن فعاليتها ودقة إصابتها.

قائمة القواعد المستهدفة تضم عشرة مواقع استراتيجية. ضمنها قاعدة “نيفاتيم” التي تعد أكبر قاعدة جوية. والتي تضم أسرابا من طائرات إف-35. وقاعدة “رامات ديفيد” القريبة من الشمال. إضافة لقاعدة “بالماخيم” المتخصصة في الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية. فضلا عن قواعد “ميرون”، “أوريم”، “تل نوف”، “رامون”، “حتسور”، “حتسريم” و”سدوت ميخا” ….

كل هاته الأهداف تعتبر استراتيجية وتلعب دورًا حاسمًا في مجريات العمليات العسكرية والاستخبارية “الإسرائيلية”.

ولا ننسى أن “إسرائيل” تعتمد في عملياتها على شبكة من العملاء في الداخل. علما أن العديد من العمليات تمت عبر طائرات مسيرة من الداخل الإيراني. حيث تمكنت القوى الأمنية من توقيف العديد من العملاء ومحلات إنتناج وتهييء الطائرات المسيرة. فيما الحملة لا زالت مستمرة. علما أن خطط “إسرائيل” والغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة وأنجلترا تهدف لقلب نظام الحكم أكثر من استهداف المواقع النووية. وهو ما عبرت عنه من خلال استهداف مواقع مدنية ضمنها مستشفى “الفارابي” ومقر “الإداعة والتلفزة” الإيرانية، حيث تم الحديث عن استشهاد ثلاثة من الصحافيين جراء هاته الضربات. 

تأتي هذه الهجمات ضمن استراتيجية إيرانية متطورة، تهدف إلى إضعاف القدرات “الإسرائيلية” وردعها. فضلا عن اختبار مدى فاعلية قدراتها الصاروخية. خاصة في ظل دعم أمريكي متزايد لتعزيز منظومات الدفاع “الإسرائيلية”، مع مراقبة دولية حثيثة لهذه التطورات.

وبالوقوف على سلم العمليات الإيرانية الناجحة. فهي تركز على ضرب 10 قواعد أساسية كجزء من 150 هدفا “إسرائيليا” موضوعة على قائمة الحرس الثوري. وتؤكد دقة الاستهداف التفوق الاستخباراتي الإيراني وهو ما يمنحها التفوق في الاستهدافات. ويظهر الرصد اليومي لمجريات الصراع تركيز الهجمات الصاروخية الإيرانية على استهداف القواعد “الإسرائيلية” التي تشكِّل العمود الفقري لقدراتها العسكرية.

وفي هذا السياق، قالت مصادر عسكرية عربية متابعة لتطور الصراع: إن المعلومات المتوفرة لدى “إيران” تشير إلى أن بنك الأهداف التي حددها الحرس الثوري الإيراني يشمل نحو 150 هدفًا في عمق الكيان. مضيفة أنه جرى استهداف 50% منها خلال الأيام الخمسة الماضية. وذلك بغاية تدمير مركز القيادة والسيطرة للجيش “الإسرائيلي”. والذي يشمل القدرات الجوية والدفاعية واللوجستية والاستطلاعية والاستخبارية. مبرزة أن الهجمات “الإيرانية” تتجنب المناطق المدنية بشكل مباشر. وذلك تفاديًا للضغط الدولي.

الضربات الموجعة الموجهة ل”إسرائيل” هي رسائل ردع. مع اختبار فعالية صواريخها الجديدة في مواجهة الدفاعات الجوية الإسرائيلية المعززة بدعم “أمريكي”.

وفي وقفة على اهم الأهداف العسكرية التي تشكل أو شكلت بنك أهداف لإيران في تصديها للعدوان وتغطيتها بجحيم النار الصاروخي الإيراني نجد:

قاعدة نيفاتيم (Nevatem)، المتواجدة بصحراء “النقب”. والتي تعتبر أكبر قاعدة جوية “إسرائيلية”. حيث تضم أسرابا من طائرات “إف-35″ المتطورة. إذ تعتبر العمود الفقري للقوة الجوية الهجومية. و”إيران” واعية بأن تعطيلها سيحد بشكل كبير من قدرات “إسرائيل” الجوية المتطورة.

ومن بين ركائز “إسرائيل” نجد أيضا قاعدة “رامات ديفيد” (Ramat David)، المتواجدة بشمال “إسرائيل” وتحديدا ب”مرج بن عامر”. وهي قاعدة استراتيجية قريبة من الجبهة الشمالية، (لبنان وسوريا). حيث تستضيف أسراب مقاتلات “إف-16″ و”إف-15”. وتعطيلها سيقوّض الدفاعات الجوية في المنطقة الشمالية الحساسة.

كما تلعب “قاعدة بالماخيم” (Palmachim)، المتواجدة قرب “تل أبيب” أهمية كبرى باعتبارها مركزا رئيسيا لعمليات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية. وبالتالي فإن إخراجها عن الخدمة يحد من قدرات “إسرائيل” في الحرب غير التقليدية والاستطلاع.

كما أن “قاعدة ميرون” (Meron)، المتواجدة بشمال “إسرائيل”. تعتبر مركز قيادة وسيطرة للتجسس الإلكتروني والرصد الجوي. وبالتالي فإن تعطيلها يعيق التنسيق العسكري والاستخبارات في المناطق الحدودية.

كما أن “قاعدة أوريم” (Urim)، المتواجدة ب”صحراء النقب”. فهي مقر وحدة 8200 للتجسس الإلكتروني. إذ تعتبر مركزا رئيسيا لجمع المعلومات الاستخباراتية. وبالتالي فإن استهدافها يضعف القدرات الاستخبارية الإسرائيلية بشكل كبير.

وتلعب “قاعدة تل نوف” (Tel Nof)، المتواجدة بجنوب شرق “تل أبيب” دورا هاما. وذلك باعتبارها مركز تدريب المظليين. حيث تضم أسراب مقاتلات وطائرات نقل. وبالتالي فتعطيلها سيؤثر على العمليات اللوجستية والقوات الخاصة.

كما أن “قاعدة رامون” (Ramon)، الواقعة بصحراء “النقب”. تلعب أهمية كبيرة بالنسبة للكيان المحتل. اعتبارا لكونها قاعدة جوية رئيسية تستضيف مقاتلات وطائرات هليكوبتر هجومية. وبالتالي فهي تعتبر قاعدة دعم للعمليات في الجنوب والمناطق البعيدة.

فيما تلعب “قاعدة حتسور” (Hatzor)، المتواجدة بجنوب “أشدود”. دورا هاما في مخطط”إسرائيل” العدواني اعتبار لكونها قاعدة جوية رئيسية تستضيف مقاتلات متطورة. وبالتالي فتعطيلها يقلل من القدرة الهجومية لسلاح الجو.

كما أن قاعدة “حتسريم” (Hatzerim)، المتواجدة قرب “بئر السبع”. تعتبر مركز تدريب للطيارين. حيث تضم أكاديمية للطيران. وتعطيلها سيؤثر على الجاهزية طويلة الأمد للقوات الجوية. فضلا عن قاعدة “سدوت ميخا” (Sdot Micha)، الواقعة بجنوب غرب “القدس”. والتي تعتبر مستودع ذخائر رئيسي. ويسود الاعتقاد بأنها تحتوي على أسلحة استراتيجية. وبالتالي فاستهدافها سيحد من إمدادات الذخيرة.

تجدر الإشارة إلى أن القواعد الجوية (نيفاتيم، رامات ديفيد، رامون وحتسور) تعتبر هي الاكثر أهمية. إذ تشكل العمود الفقري للقوة الجوية “الإسرائيلية”. التي تعتبر ميزة “إسرائيل” الرئيسية في أي نزاع. فيما تعتبر قاعدتا “ميرون” و”أوريم” أساسيتين لتعطيل القدرات الاستخبارية والتنسيق العسكري. فيما تعتبر قاعدتا “تل نوف” و”سدوت ميخا” أساسيتان لضمان الإمدادات والعمليات الخاصة. ضمن خط النار هذا تبقى الولايات المتحدة وأنجلترا والغرب حاضرون لتقديم الدعم الاستخباراتي واللوجستيكي وحتى العسكري غير المباشر وبشكل كبير. ولن تسمح بالمطلق لإلحاق الهزيمة بالكيان الصهيوني. وهي إحدى التحديات الاستراتيجة التي تعرفها المنطقة. على اعتبار أن الكيان الصهيوني ومنذ خلقه من طرف بريطانيا حدد له لعب دور الدركي والأسطرلاب الموجه للمصالح الغربية في منطقة الشرق الأوسط. ومن هنا أهمية الكيان ضمن استراتيجية الغرب، وخاصة “واشنطن”. ومن هنا يمكن فهم تصريحات “ترامب” التهديدية ل”إيران” التي اطلقها من كندا  بشكل واضح.

الوقائع على الأرض وتطورات الاحداث تبرز أن المنطقة مقبلة على تحديات كبرى واستهدافات لن تتوقف. علما أن الحديث عن النووي الإيراني هو مجرد قميص عثمان لإخفاء الاهداف الفعلية. والأحداث تذكرنا بالادعات التي تم سوقها لضرب نظام “صدام حسين” بالعراق. والتي أثبتت الاحداث لاحقا كذبها. ليبقى الدافع الحقيقي هو مواقف “إيران” الداعمة لفلسطين وتهديدها الوجودي للكيان الصهيوني. والغرب كما “إسرائيل” لن يسمحا بضرب أسباب قوة حضور المصالح من خلال تكريس وجود “إسرائيل” كواقع بالقوة. كما أن “إيران” ليست في موقع التخلي  عن مواقفها الداعمة لحركات المقاومة. ليبقى العالم على شفير حرب مذمرة وما يحمله إغلاق “هرمز” من ذمار للاقتصاد العالمي. فضلا عن التهديد الذي يشكله ضرب المفاعلات النووية من آثار إشعاعية على المنطقة ككل. فضلا عن تهديد المصالح الغربية ليس في الخليج والشرق الأاوسط، بل في العالم كله. ومن هنا يحضر الموقف العربي والباكستاني الداعم لإيران والمندد بالعدوان لوعي أصبح حاضرا بقوة بأن “إسرائيل” تشكل تهديدا وجوديا لكافة دول المنطقة. وهو الموقف الذي وعته “باكستان” وعبرت عنه بصراحة، بقولها إنها لن تسمح بوجود عدو على حدودها الشمالية بما يشكله من خطر على مشروعها الوطني النووي. فاي أفق تحمله المنطقة وما هي المستجدات الاستراتيجية التي تحملها تطورات الأحداث؟. وهل نحن امام تحول جيواستراتيجي خطير؟. ام أن الأمر لا ينفصل عن الصراع العالمي ومنع روسيا والصين من الحضور بقوة على مستوى الخريطة السياسية والاقتصادية العالمية في عرقلة لتغيير الخريطة السياسية العالمية لاتجاهات تهدد مصالح الغرب؟.    

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.