# الرباط، المغرب – وسط اختلال تنظيمي، انطلق مهرجان “موازين إيقاعات العالم” على وقع الإسم الفارغ بلا روح ولا محتوى ولا هوية. على اعتبار أن الواقع على الأرض يعكس صورة منحطة لمستوى تسويقي لا يعكس الهوية ولا طموحات المغرب للفوز في معارك التنظيم والحفاظ على الهوية المغربية وتسخير العالمية لدعم الاستثمار. بدل التحول من السقوط إلى مزيد من السقوط.
الوقائع الميدانية تعكس هذا المنحى النظري حيث تحول عرض “روبي” إلى عرض لاستعراض الجسد في موقف يدعو للتقزز لكونه بعيد كل البعد عن قيم الفن والثقافة الراقية. لتنهي جلسات الرقص والاستعراض وتحصل على تعويضات ضخمة بالعملة الصعبة. ليتفجر سؤال ماذا استفاد المغرب من هذا العرض الراقص الاستعراضي المقدم للجسد بلا وعاء مفيد ولا حضور للفن السامي والرائع.
فصول الأيام الأولى من المهرجان حملت تسييرا هاويا لا يرقى للحدث ولا للعالمية المتحدث عنها. والقائمة طويلة نكتفي ببعض منها من جهة عدم احترام المواقيت او تدبير فقرات البرمجة. مع امتياز للمنظمين في تهميش الفنان المغربي وجعله مجرد “كومبارس” ضمن المهرجان. في اللحظة التي كان من المفروض أن يكون مناسبة لتمكينه من الاحتكاك. وللتعريف بالتراث والفن المغربي، حتى تكون هاته المحطة فرصة لتقريب الفن والتراث المغربي من العالمية ليصبح الفن سفيرا لبلادنا مدافعا عن قضايانا المصيرية وناقلا صورة جميلة عن المغرب والمغاربة. ليرتدي ثوب العالمية الفعلي. وهو ما لم نلمسه خلال هاته الفعالية التي اتسمت بالفوضى في التسيير والتنظيم واللخبطة في البرمجة وسط تذمر الحضور كل من حج لمتابعة فصول المهرجان متابعين، صحافيين وحتى فنانين وجمهور.
وتستمر فصول مأساة “موازين” مع إدراج أسماء في فقرات من اجل الإدراج على الرغم من اعتذارها كما وقع في حالة “نجاة اعتابو” التي تم إدراج إسمها في ندوات المهرجان على الرغم من اعتذارها لغاية لا يفهم تفسيرها النفي البراغماتي إلا القيمون على المهرجان.
فصول تنقلنا لحمولة المثل العربي القائل” جدول يخرخر ونهر ثرثار تقطعه غير خالع نعليك” وهو مثل يعكس حمولة المهرجان المتسمة ب”الخواء” في كل شيء.
هاته هي الصورة الفعلية التي رسخها مهرجان “موازين” على ارض الواقع. لنتساءل مع الشارع المغربي إلى متى يبقى التنميط جزءا من سياسة التدبير المنتهجة من قبل القائمين على الملتقيات الوطنية. ونحن لا نتحدث من فراغ ففي اللحظة التي يتم منع اقتراب الصحافيين من الفنانة المشاركين لأخد استجواب معهم. نجد أن غحدى الشابات تداولتها مواقع التواصل الاجتماع. تعتلي المنصة وتراقص أحد المشاركية في مشاهد جنسية لا تعكس الصورة الجميلة للمغرب والمغرب وتغذي الحملات التي تستهدف بلادنا من قبل أعداء الوحدة الترابية والتي تزكيها هاته الممارسات التي سمح بها القيمون فيما حاصروا الإعلام والإعلاميين.
وقائع ليست حصرية على مهرجان “موازين” بل عايناها في مهرجان الأغنية الروحية بفاس وأيضا بالمعرض الدولي للفلاحة بمكناس….. حيث تتعدد المهرجانات والأسماء ويبقى الجوهر واحد. سمته التسيب والفوضى وهذر المال بلا فائدة ولا نتائج. ليغيب المغرب وتغيب بالتالي تلك الصورة الراقية المفترضة عن بلادنا وشعبنا وحقيقة الهوية المغربية.
ومن هنا ينتصب الجواب قائما بين طيات هذا التردي التنظيمي حينما نجد أن جهة واحدة ونسطر عليها بالند العريض هي الكل في الكل في تنظيم المهرجانات والملتقيات والمعارض الكبرى. ومن هنا يفهم دلالة انتشار روائح هذا المسخ التنظيمي لكون التعدد في الأسماء والأمكنة تستحود عليه بقدرة قادر جهة تنظيمية واحدة. وهو ما ينتج بالضرورة المسخ واللخبطة التنظيمية وتحول المنظمين إلى ممارسي المنع وأصحاب الحل والعقد اينما حلوا وارتحلوا، نفس الوجه نفس الاسماء. ولا نريد الآن ذكر الأاسماء بمسمياتها. ولكننا سنكشف المستور لاحقا للتعرية من أجل البناء.
فما رصدناه خلال هاته الأيام يسيء لسمعة بلادنا، وهو ما حملته الفنانة “نانسي عجرم” من مشاهد السقوط عكستها فوق المنصة وعاشتها في مكان إقامتها والطائرة التي استقلتها. لتكون سفيرة في الاتجاه المعاكس عن مهازل “موازين”. ليطرح سؤال محوري عمن يمنح لتلك الجهة المنظمة حق الاستفادة من تنظيم كافة هاته الملتقيات والمعارض والمهرجانات الكبرى وعن الغطاء الذي يمكنها من الاستفراد بالتنظيم السيء الذي لاحظناه ولاحظه المشاركون والحضور خلال أيام هاته الفعالية كما التي سبقتها.
الإعلام المغربي من التغييب إلى التغييب
من حسنات موازين أنه تواضع لدرجة إقصاء المنابر الإعلامية الوطنية من التغطية والحضور. لتعكس هاته الخطوة عوامل التعرية والمسخ والسقوط الذي تعيشه “موازين” في كافة التفاصيل ذات الصلة بفقرات المهرجان.
اعتداء لا يطال الجسم الإعلامي فقط، بل الدستور المغربي وقدسية الصحافة والإعلام داخل نصوصه. والتي تبقى معيارا أساسيا للحكم على مدى ديمقراطية أي مجتمع من المجتمعات. وهو ما خلق شبه إجماع على رفض السائد في تفاصيل المهرجان. لأنه نقلنا على عصر التحنيط والنسج على منوال الرضى والقبول لنتبرك ببركات الولي الصالح، “أي الجهة المنظمة”. التي نصب نفسه فوق الدستور والمؤسسات. جاعلا نفسه الواحد الأوحد في منح التبريك والبركات كما لاعتمادات الحضور. والذي حول الأمن الخاص لديه إلى دكتاتور مانع للصحافة من التواصل مع الفنانين والفنانات إلا برضى الولي الفقيه، جل قدره. سيد “موازين” بما حمله من قيم المسخ والتسويق السيئ لصورة مغرب الحداثة والحفاظ على القيم والهوية وفق الفلسفة التي خطها عاهل البلاد المفدى منهاج حكم وأسلوب تدبير.
فما تمت ممارسته في حق الصحافة الوطنية لا يعكس الأجواء الديمقراطية، كما هو منصوص عليها دستوريا. بل ينقلنا إلى أجواء “بوحمارة” و”السيبة” والزوايا والمريدين، المسبحين بحمد القيمين على المهرجان والهاتفين “حي الله حي الله”. المتمسحين بضريحهم للحصول على بركاتهم واعتمادهم. منتشين بوهم سبق متخيل لا يقدم لجوهر الأشياء أي شيء. بما أن الواقع يتسم بالسواد المطلق كما هو حال لون سيارات المهرجان. والتي تعكس حقيقته كشطحات حلاجية تقتل كل قيم الجمال المفترضة وتساهم في ذبح التنمية.
وهنا لا بد أن نطرح سؤالا على القيمين، عشرون نسخة من المهرجان ماذا قدمت للمغرب والمغاربة؟ وما الحمولة الإيجابية التي راكمتها تحقيقا للتنمية والتنمية المستدامة؟ علما أن الأسماء الحاضرة هي أرقام مؤدى عنها بالعملة الصعبة وليست قادمة من باب حب المغرب والمغاربة. بل ببساطة للحصول على رقم يراكم حساباتها المصرفية مستغلة سخاء القيمين مع الجنس الأجنبي وقتلهم لكل موروث وطني.
موازين من قتل الجمال إلى مزيد من قتل الجمال
ما نعرفه هو أن المواعيد الثقافية والفنية هي مناسبة للتعريف بالموروث الثقافي والفني للبلاد المنظمة. مساهمة فعليا في التخفيف من وطأة الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها هاته البلدان.
ربما لا يفهم المنظمون وسدنة مهرجان “موازين” أنه لا يمكن اختزال الثقافة والفن في تجليات موسمية بل ضرورة يجب الانطلاق من أهميتها ورسم سياسة تهدف لاستثمارها في خلق السعادة والتنمية معا. وهو ما عبر عنه المفكر “E. FISHER ” في كتابه “ضرورات الفنون La nécessité de l’art”.
أي أن الثقافة والفن ملازمان للإنسان في الزمان والمكان. ومكونان رئيسيان للهوية. وأهم محدد مكتسب لكيفية نظرة الإنسان لنفسه وللآخر.
لكن هاته النظرة تبقى ناقصة إن لم تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الثقافية والفنية للبلاد وتحاول أن تجد موطئ قدم لها وسط صراع الحضارات. وذلك في ظل عولمة يغزوها النموذج الأمريكي. من أجل تلافي ممارسة قتل الثقافة والفن باسم الإحياء كما هو الحال في مهرجان “موازين” المقام بالمغرب.
الأمم المتحدة وعت دور الثقافة والفن في المجتمع وربطتة بالقدرة على التحويل. فأين مهرجان “موازين” من هاته الفلسفة؟ وماذا أعد لبناء بديل مجتمعي حضاري راق مؤسس لقيم الجمال واحترام الهويات”. وذلك باعتبارها الأصل في مقارعة باقي الحضارات بما تحمله من هجوم يستهدف محو الهوية والقيم وتسخيرها للتصدي للتحديات الاجتماعيّة على غرار الاستبعاد والعنف.
وربطت المنظمة بين الثقافة وحقوق الإنسان معتبرة أنهما يسيران بشكل متواز. وهو ما لم يستسغ مهرجان “موازين” مضامينه. ليعلن الحرب على الإعلام والإعلاميين مطبعا مع جماعة معينة ومحاصرا لباقي الجماعات الإعلامية. وذلك في خرق سافر للدستور وللتوجيهات الملكية السامية المؤكدة على ضرورة تعميق الحريات وتكريس حقوق الإنسان واقعا على الأرض. وبطبيعة الحال ضمنها حرية الصحافة وحقها في المواكبة بلا قيد أو منع أو تضييف. ومحاربة كافة أدوات الاحتكار الذي تمثلة الجهة المشرفة على التنظيم والتي تستحوذ بقدرة نصير من ذوي القرار على الأحقية المطلقة في تنظيم كافة الملتقيات والمهرجانات والمعارض بلا منافس. وذلك بقوة الإقصاء والمنع والتبريك وليس بقوة التجويد والتنويع وخدم جمالية الفن والثقافة ونقل صورة تعكس الاسس الدستورية للمملكة الشريفة.
وهو ما عكسه تصريح لمسؤولة أممية قالت: “أنا قلقة للغاية من خطابات الاستبعاد التي نسمعها… والتعبير عن التمييز بطريقة كان يدرك الناس تمامًا في السابق أنّه لا يجدر أبدًا اعتمادها”.
وقدم التقرير الأممي توصيات تدعو للمشاركة والمساهمة في بناء المجتمع عبر الممارسات الفنيّة والثقافيّة والمحافظة عليها. وتحسين الاستثمارات في الثقافة والفنون. وهي معايير لا يعكسها مهرجان “موازين” حيث السقوط والعشوائية والفوضى وسوء التنظيم والاحتكار وقتل كل قيم الجمال ونشر التفاهة والاستعراض المقدس للجسد على حساب الجوهر المتعالي للفن والثقافة هو السمة المميزة لهاته الفعالية.
ونقول في كلمة مختصرة اتقوا الله في هذا الوطن ومؤسساته. فالبناء لا يكون إلا من خلال هدم كل أدوات الفساد والإفساد التي تكرس التخلف وضياع الأموال بلا فائدة ترتجى. في غياب أية استراتيجية ثقافية بانية للإنسان وللمجتمع ولغد مشرق لبلادنا. وهنا نلتقي مع خلاصة التقرير الأممي الذي أكد ما أسلفنا ذكره قائلا: “لا بدّ من تغيير هذا الواقع فورًا خدمةً لحقوق الإنسان، بما فيها الحقوق الثقافيّة.” والمدخل احترام الإنسان المغربي واحترام الاسس الدستورية للمملكة التي تصبح سيدة على الجميع ولا يمكن ل] كان أن يفلت من عقالها ودور القضاء في تقويم الاعوجاجات المسجلة في هذا الباب وغلا على الفن والثقافة السلام.
تُعبر فعاليات مهرجان “موازين”، الذي يُعقد منذ عشرين سنة، عن حالة تنظيمية متردية تعكس ضعفاً في إدارة وتوجيه الثقافة والفن بشكل يرقى إلى مستوى التطلعات الوطنية والأهداف التنموية. حيث يعكس سوء التدبير وانعدام الاحترافية مع تهميش الفنان المغربي. إضافة لاستثمار المهرجان في مصالح تجارية وسياسية على حساب الهوية الوطنية وقيم الفن الرفيع. في حين تبرز انتقادات دولية ومحلية حول غياب الشفافية واحترام القوانين الدستورية. خاصة فيما يتعلق بحرية الصحافة وحقوق الإنسان. وهو ما يتطلب مراجعة شاملة لسياسات التنظيم وتطوير استراتيجيات ثقافية مستدامة تعكس الهوية المغربية. وذلك بما يعزز مكانة الفن كوسيلة للترابط والتنمية، وفقاً لتوصيات الأمم المتحدة التي تربط بين الثقافة وحقوق الإنسان. وذلك من أجل بناء مجتمع متماسك يعلي من قيمة الفن ويصون الهوية الوطنية، ويُجنب المغرب موجات التسيب والفوضى التي تضر بصورة البلاد على المستويين الداخلي والدولي.
وهكذا فقد عكست الأوضاع التنظيمية والتدبيرية لمهرجان “موازين”، المقام في دورته العشرين. الضوء على إشكالات جوهرية تمسّ النسيج الثقافي والحقوقي للمغرب. متشحة بسوء التسيير وضعف الاحترافية والافتقار لاستراتيجيات واضحة تعكس الهوية الوطنية. وتحترم بالتالي المبادئ الدستورية المكرسة لحقوق الإنسان، خصوصًا حرية التعبير والصحافة، المنصوص عليها في الدستور المغربي لسنة 2011 (الفصل 25). المؤكدة على حق الصحافة في التغطية الحرة والنزيهة.
كما تعكس السياسات التنظيمية المكرسة للاحتكار والممارسة للتمييز ضد وسائل الإعلام الوطنية. مع تقييد التواصل مع الفنانين. وذلك بما يتنافى مع مقتضيات القانون التنظيمي رقم 44.17 المتعلق بتنظيم الإعلام والاتصال، الذي يهدف لضمان التعددية والاستقلالية. مع توفير بيئة محفزة للتنمية الثقافية. تحقيقا لمبدأ الديمقراطية الثقافية.
ممارسات تضرب في العمق أيضا توجيهات المجلس الوطني لحقوق الإنسان المؤكدة على ضرورة احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. مع تعزيز السياسات الثقافية التي تساهم في بناء الهوية الوطنية وتعزيز السلم الاجتماعي.
تجدر الإشارة إلى ان المادة 5 من الدستور، تلزم الجهات المنظمة على مراعاة مبادئ الشفافية والنزاهة. داعية لتوفير بيئة تنظيمية تخدم مصلحة الفنانين والمجتمع. بدل استغلال المعطيات التجارية والسياسية لتحقيق مآرب ضيقة على حساب صورة البلاد وسمعتها الدولية.
لذا، فإن مراجعة السياسات التنظيمية، وتفعيل الإطار القانوني بشكل يضمن حقوق جميع الأطراف، ضرورة ملحة لتعزيز صورة المغرب كبلد ينشد الحداثة. مؤمن بقيم التنوع الثقافي، مع الالتزام بتوصيات الأمم المتحدة التي تربط بين الثقافة وحقوق الإنسان. الداعية لاستثمار فعلي في الثقافة والفنون كوسيلة للتنمية المستدامة. مؤكدة على أن الفن هو الوسيلة الأسمى لتعزيز الهوية الوطنية وإشاعة قيم التسامح والاحترام.