#مولاي يعقوب: شطط أساتذة في استعمال السلطة في حق تلميذة يلوث أجواء امتحان البكالوريا

#محمد حميمداني

#محمد حميمداني

 

#مولاي يعقوب، المغرب – وقائع صادمة عاشت فصولها الثانوية الإعدادية “الحسن الاول” التابعة للمديرية الإقليمية للتربية والتكوين ب”مولاي يعقوب”. بعد إقدام أستاذة على حرمان تلميذة من إتمام المدة القانونية لاجتياز امتحان الباكالوريا بشكل تعسفي.

واقعة تفرض مدى الحاجة وإلحايتها لإعادة النظر في الأطر التربوية والوظائف الإدراية داخل المؤسسات التعليمية. وذلك في سياق تعزيز المناخ الصحي والتربوي الذي يضمن تكافؤ الفرص واحترام حقوق التلاميذ. وذلك وفقًا “للمادة 4 من القانون رقم 00-01” المتعلق بتنظيم التعليم. الذي يركز على مبدأ المساواة وعدم التمييز.

يأتي هذا التصرف في سياق أزمات نفسية وأخطاء تربوية. حيث تعكس بعض الأطر ضعفها النفسي والفكري على الوقائع التربوية. وهو ما يؤدي لإرباك المنظومة التربوية. علما أن هاته المنظومة يجب أن تقوم على مبادئ الإنسانية والتواصل الإيجابي وتنمية التربية على المسؤولية. بدلًا من منطق العسكرة والتسلط الذي يعيق التنمية الفكرية والاجتماعية.

ويؤكد هذا الحادث على ضرورة مراقبة سلوكيات الأساتذة وتفعيل دور المؤسسات المختصة في التكوين المستمر. مع تدعيم منظومة الحماية القانونية للطلاب. وذلك من خلال تطبيق النصوص القانونية ذات الصلة. ضمنها “القانون رقم 07-00″ المتعلق بحماية حقوق الطفل و”مرسوم تنظيم الامتحانات الوطنية”. وذلك ضمانا لعدم تكرار مثل هذه الممارسات التي تسيء لصورة المدرسة المغربية. وهو ما يؤثر سلبا على الثقة في منظومة التربية والتكوين. وهو ما ينسجم مع الرؤية الملكية السامية التي تدعو لمدرسة مغربية قائمة على القيم والانفتاح والعدالة الاجتماعية. مؤكدة على أهمية وجود فضاء تعليمي يكرس حقوق التلميذ. معززا قدراته على المشاركة في بناء الوطن. وذلك من خلال تكوين أجيال قادرة على التفاعل البناء مع تحديات العصر. 

وهكذا فدور الإدارة التربوية المفترض يتمثل في خلق جو صحي أثناء اجتياز امتحانات الباكالوريا. وبالتالي تجاوز منطق عسكرة الأجواء من قبل بعض أساتذة الحراسة اللواتي يعكسن أزماتهم النفسية، “المنزلية والأسرية”. على فضاء التربية والتكوين.

وفي هذا السياق، فقد عمدت إحدى الأستاذات بفضاء الثانوية الإعدادية “الحسن الأول”، بإقليم “مولاي يعقوب”، وتحديدا بالقاعة 8. على حرمان تلميذة من إتمام اجتيازها لامتحان الباكالوريا تعسفيا. نازعة منها ورقة الامتحان قبيل نهاية الزمن الرسمي بحوالي نصف ساعة في تعد على حق التلميذة. وأيضا في استعلاء على القوانين المنظمة للمباريات والامتحانات. وفي ممارسة فضة لمهام شابها الشطط في استعمال السلطة وعجز للإدارة التربوية عن إيقاف الخرق أو التصدي له. وهو ما يجعلها شريكة في الجريمة.

الأمر الذي يقتضي فتح تحقيق شفاف في الموضوع. لأنه لا يمكن الحديث عن منظومة تربوية سليمة بدون فضاء صحي وأطر تربوية تعكس الصورة الفعلية لمنظومة التربية والتكوين. وذلك من خلال أنسنة العلاقات التربوية وجعل الفضاء داخلها اجتماعيا بين مختلف عناصر المنظومة. بدل التحول لممارسات بوليسية قمعية قروسطوية في التعامل مع التلاميذ. وذلك بما يخلق جوا من الفوضى والتسيب والانحطاط الذي لا يرقي للمنظومة. ويهدم بالتالي كل مخططات الدولة الداعية لإصلاح التعليم لجعله قادرا على ركوب التحديات والمساهمة في التنمية والرقي بالبحث العلمي والأكاديمي.

فما قام به الأستاذان من سلوكات لاتربوية منافية للأسس المفروض توفرها في هاته الأطر. وتعمدهما حرمان تلميذة من اجتياز امتحان الباكالوريا قبل الوقت المحدد تعسفيا. وذلك بشكل لا يعكس الصورة الفعلية للمؤسسة التعليمية. ولا يستجيب بالتالي لانتظارات الدولة في بناء تعليم نوعي قادر على المساهمة في عملية البناء وليس الهدم كما عكسته هاته الممارسات. والذي لا يتماشى مع المنظور التربوي الذي أكدت عليه مختلف البيداغوجيات التكوينية وطنيا ودوليا.

وضع لاقى احتجاج التلاميذ ممن عاينوا فصول الظلم الممارس في حق التلميذة. كما أنه أثر سلبا على الحالة النفسية للتلميذة. ليعكس هذا السلوك حالة من الضياع الذي طال المنظومة وخواءها بخواء جعبة بعض الأطر التربوية. التي تعوض الفقر الفكري والمعرفي والبيداغوجي المسجل لديها بشطحات تقوم على ممارسة التدريس بالتسلط كنهج قطع معه المغاربة بلا رجعة.

واقع يفرض إخضاع بعض من الأساتذة للرقابة النفسية لكي لا يقع التلاميذ ضحايا لمسلكيات لا تمت بصلة للتدبير التربوي المحقق للتقدم والتنمية. إضافة لدور الإدارة التربوية في زرع الطاقة الإيجابية داخل المنظومة وذلك من خلال التصدي لكل أدوات خرق فلسفة الحياة والبناء التربوي السليم.

والأخطر من ذلك، وفي موقف غريب وهتشكوكي فقد تعمدت الأستاذة استفزاز التلميذة لدفعها للقيام برد فعل تستل بعده سهام وسوط سلطتها. لتجعل التلميذة طاحونة لأزماتها الداخلية في موقف غريب.

واقعة تنم عن حقد نفسي تحمله تلك الأستاذة من صفعة تلقتها في حياتها. وحركت بالتالي الجانب الشيطاني في دواخلها. ليبقى السؤال المطروح والموجه لوزير التربية الوطنية والمديرية الجهوية لفاس مكناس والمديرية الإقليمية بمولاي يعقوب. هل هكذا نحقق تعليم ذا جودة ونرقي المنظومة التربوية ونساهم بالتالي في بناء وطن يحضن كل شبابه وشاباته. ولا يدفعهم نحو النقمة على المؤسسات من خلال سلوك مخالف للتوجيهات الملكية السامية المؤكدة على ضرورة التحلي بروح المسؤولية. وتجاوز منطق النزوات في التدبير.

فهذا الفعل المسجل يعكس شططا في استعمال السلطة. وأيضا تعد على حق من حقوق المواطنة. على الرغم من عدم خرق التلميذة لأي قانون متعلق بالامتحانات. فما وقع هو محاولة من الأستاذ والأستاذة المكلفين بالحراسة مغادرة قاعة الامتحان قبيل الوقت القانوني المقرر. وقد طالبا التلاميذ بذلك. وبما أن التلميذة رفضت تسليم ورقة الامتحان نزولا عند رغبتهما. لكونها لم تنته بعد من الإجابة، كما أن الوقت القانوني لم ينته بعد. وهو جواب لم يرق للأستاذين معا. خاصة مع إصرار التلميذة على إتمام تحريرها. إلا أن الأستاذة استشاطت غضبا وأزبدت وأرغت نازعة الورقة من التلميذة ومفبركة سيناريوهات لممارسة شططها في السلطة بمعية الأستاذ المرافق. ملفقة لها كل التهم الممكنة لتحطيمها على الرغم من عدم توفر أي دليل مادي لاتهاماتها المقدمة.

واقعة تعكس مستوى الانحطاط الأخلاقي والقيمي والتربوي الصادر من طرف الأستاذة ومرافقها. واستغلالهما نفوذهما لتصفية حسابات رفض التلميذة تقديم ورقة الامتحان قبيل الوقت القانوني. علما أنها لم تكن قد أنهت تحرير الموضوع. وهو ما فرض جوا نفسيا محطما للتلميذة. وعاكسا بالتالي مدى السقوط الذي وصل إليه التعليم بالمغرب مع سيادة هاته العقليات الممارسة للجاهلية في التعاطي مع مشكلات التعليم والمنظومة التربوية. وذلك كاستمرار لسلسلة الفضائح التي هزت المؤسسات التعليمية بالمغرب وضمنها المديرية الإقليمية للتعليم ب”مولاي يعقوب”.

وهي حادثة تمثل نموذجاً صارخا لـلشطط في استعمال السلطة، في تعد وانتهاك صارخ للضوابط القانونية المنظمة للامتحانات. إضافة لعجز فادح للإدارة التربوية في ضبط سير الامتحانات والتصدي للانتهاكات لحظة وقوعها. وهو ما يرقى إلى درجة الاشتراك في المسؤولية. فضلا عن استمرار ثقافة “عسكرة الأجواء” في الفضاءات التعليمية. حيث تعمل بعض الأطر التربوية على إسقاط أزماتها النفسية والشخصية على التلاميذ عبر ممارسات قمعية. بما ينتج عنه كمحصلة تآكل القيم التربوية وتقويض جهود إصلاح المنظومة التعليمية المغربية.

فهل يعقل أن يغادر الأستاذان معا القاعة قبل الوقت القانوني المحدد لنهاية جلسة امتحان البكالوريا. مطالبين التلاميذ بتسليم أوراق الإجابة. وبما ان التلميذة رفضت تسليم ورقتها. مصرة على ممارسة حقها القانوني لعدم انتهائها من الإجابة ولوجود وقت كافٍ، (حوالي نصف ساعة)، حسب المدة الرسمية. إلا أن الأستاذة وبدل تقبل الحق الذي مارسته التلميذة بشكل طبيعي. ردت بمصادرة الورقة تعسفيا وقسرا من يد التلميذة. مصحوبة باستفزاز ومحاولة إثارة رد فعل لتبرير إجراءات لاحقة. مع تلفيق اتهامات غير موثقة، (افتراء). من قبل الأستاذة ومرافقها بحق التلميذة، دون أي دليل مادي على مخالفتها للأنظمة. 

واقعة احتج عليها التلاميذ الحاضرون الذين شهدوا فصول هذا الظلم الممارس. مع تسجيل غياب أي تدخل فعال أو تصحيحي للإدارة التربوية للمؤسسة أثناء الواقعة أو بعدها مباشرة. مما يشير إلى تقصير أو تواطؤ.

تجدر الإشارة إلى أن المراسيم الوزارية تنظم بدقة مواعيد بداية ونهاية الامتحانات وجمع الأوراق. وبالتالي فمصادرة ورقة قبل الوقت المحدد تشكل خرقاً صريحا لهذه الضوابط. وهو ما حدده “المرسوم رقم 2.02.376” بشأن تنظيم امتحانات البكالوريا – مع التعديلات اللاحقة.

كما عكس هذا السلوك شططا في استعمال السلطة، والذي يعرفه القانون الإداري المغربي بأنه انحراف بالسلطة عن هدفها القانوني لتحقيق منفعة شخصية أو إلحاق ضرر. حيث أن تصرف الأستاذة يندرج تحت هذا التعريف. وهو ما أكد عليه الظهير الشريف بمثابة “قانون رقم 1.74.338” بتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالولاية الإدارية.

كما جسد هذا السلوك بشكل تراجيدي انتهاكا لحق التلميذة، أي حقها في إتمام الامتحان ضمن الشروط والزمن المقرر قانوناً كحق أساسي. علما أن المصادرة تعتبر تعديا على هذا الحق. وبالتالي حرمانا تعسفيا قد يندرج تحت طائلة المسؤولية المدنية وحتى الجنائية. 

كما أن دور الإدارة التربوية وفق “الميثاق الوطني للتربية والتكوين”، في مادته 9. يؤكد على ضرورة توفير مناخ تربوي سليم يحترم كرامة المتعلم ويدعم تكوينه الشامل.

وتبقى الإدارة التربوية أيضا ملزمة إداريا وقانونيا وتربويا بضبط سير الامتحانات، وفق المرسوم المذكور أعلاه. وبالتالي التدخل الفوري لوقف أي تجاوز أو انتهاك للحقوق داخل المؤسسة. مع توفير الدعم النفسي والمعنوي للتلاميذ خلال فترات الضغط، مثل الامتحانات. إضافة لمحاسبة المقصرين داخلياً وإحالة المخالفات الجسيمة للجهات المختصة. كما أن تقصير الإدارة في هذه الواقعة (عدم التدخل/عدم التصحيح) يجعلها شريكة في المسؤولية عن الانتهاك الحاصل.

فالمشكل الهيكلي الذي تم رصده من خلال هذا السلوك يعكس نوعا من عسكرة الأجواء وإسقاط الأزمات. حيث تشير التقارير التربوية والنفسية إلى ظاهرة تحول بعض مراقبي الامتحانات إلى نوع من حراس سجون. مستخدمين أسلوباً قمعياً، (بوليسياً) بدلاً من الدور التربوي التيسيري. وهو سلوك غالبا ما يكون تعبيرا عن إحباطات شخصية أو أزمات نفسية أو مهنية لدى بعض الأطر، في إسقاط لوضعهم النفسي على التلاميذ الحلقة الأضعف ضمن المنظومة. وهو ما يتعارض جذريا مع فلسفة التربية الحديثة، (العلاقات الإنسانية، البيداغوجيا الفارقية، دعم التعلم). والتي تؤكد عليها المرجعيات الوطنية، (الرؤية الاستراتيجية 2015-2030). والدولية (اليونسكو، اليونيسف). كما أن غياب آليات الرقابة النفسية أو التقييم المستمر للياقة الأطر التربوية لممارسة أدوارهم في ظروف الضغط يساهم في تفاقم المشكلة. دون نسيان الآثار النفسية المذمرة التي تركتها الواقعة على نفسية التلميذة الضحية، (قلق، فقدان ثقة، شعور بالظلم).

واقع يؤدي كمحصلة لتقويض مصداقية المنظومة. من خلال هاته الحوادث التي تؤدي لنشر السخط بين التلاميذ والأسر. وهو ما يؤدي لزعزعة الثقتة في المؤسسة التعليمية. وهو ما يقف في تعارض مع جهود الإصلاح بما يناقض تماما مع التوجيهات الملكية الداعية لإصلاح التعليم وبناء مدرسة الجودة والإنصاف والارتقاء بالفرد والمجتمع.

واقعة تفرض فتح تحقيق إداري سريع وشامل وشفاف من قبل الوزارة الوصية. مع محاسبة المسؤولين المباشرين، (الأستاذة والأستاذ المرافق). عن الشطط والانتهاكات المرتكبة. فضلا عن تقييم مسؤولية الإدارة التربوية للمؤسسة في التقصير واتخاذ الإجراءات اللازمة وتعويض التلميذة المتضررة معنويا وماديا عن الضرر اللاحق بها. إضافة لمراجعة برامج تكوين وتأهيل الأطر التربوية ومراقبي الامتحانات. مع التركيز على الجوانب النفسية والعلاقات الإنسانية وإدارة الضغوط وأخلاقيات المهنة. وأيضا وضع آليات واضحة وفعالة للإبلاغ عن التجاوزات أثناء الامتحانات والتدخل السريع لحلها. وإلزامية دورات الدعم النفسي والتأهيل السلوكي للأطر التي تظهر ممارسات لاتربوية متكررة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.