#سلا، المغرب – تعرف مدينة “سلا” توالدا خطيرا لظاهرة مقاهي الشيشة. بمجموعة من مناطق المدينة، ضمنها “حي الدار الحمراء”.
تناسل يحصل على الرغم من الحملات الإعلامية والصحافية التي تتناول الموضوع. وتفكك المخاطر المهدد للأمن المجتمعي والصحي لانتشار الظاهرة، خاصة لدى الشباب. والتي تشكل تهديدا فعليا للأمن العام ومنظومة الأخلاق العامة على حد سواء.
الوقائع على الأرض تبرز نوعا من التقصير المؤسساتي في التصدي للظاهرة التي لا تزداد إلا انتشارا. مع تسجيل توالد مقاه غير قانونية تروج هاته الممنوعات.
وضع يتطلب تدخلا رادعا لانتشار هاته الآفة المجتمعية. وتصديا مؤسساتيا ومجتمعيا لتوالدها الخطير بآثاره على الصحة العامة والمجتمع والقيم الأخلاقية. وذلك باعتبارها من النقط السوداء المولدة للجريمة.
فما هي الدوافع التي تحد من التدخلات المؤسساتية للتصدي لهاته الظاهرة؟ وهل فشلت الحملات الامنية في اجتثات هاته الآفة وحماية المجتمع؟ وما أسباب هذا الفشل؟ أم أن هناك سلط أخرى تغدي تناسل هاته البؤر السوداء وتنمي وجودها في استعلاء على روح القانون وقوته؟.
فعلى الرغم من تصنيف “المعسل” كسم قاتل، وفقا للمادة 45 من القانون رقم 28-07 المتعلق بسلامة الأدوية والمنتجات الصحية. والتي تلزم السلطات باتخاذ تدابير للحد من استعمال المواد الضارة. إلا أنها لا تزداد إلا انتشارا بمختلف أحياء “سلا” دون رقيب أو رادع.
تجدر الإشارة، أن المادة 4 من القانون رقم 28-07، تفرض على السلطات التدخل لضمان حماية الصحة العامة. علما أن مجمل التدخلات المنجزة فشلت في تحقيق الأهداف. وذلك نتيجة ضعف الإرادة وغياب استراتيجيات واقعية للتصدي للظاهرة.
واقع يضع السلطات أمام مسؤولياتها القانونية والأخلاقية وإلا أصبحت شريكة في هاته الجرائم المسجلة. وذلك بتطبيقها خطة أمنية طارئة مع إغلاق المراكز غير القانونية. وتفعيل العقوبات المنصوص عليها في القانون 15-91، ضمنها الغرامات التي تصل إلى 500,000 درهم مع العقوبة السالبة للحرية. فضلا عن إطلاق حملة توعية بمخاطر “المعسل” وتعزيز الرقابة المشتركة (الصحة – الداخلية والجماعات الترابية).
تجدر الإشارة إلى أن خطورة استعمال “المعسل” تأتي من كونه تركيبة قاتلة تحتوي على 4 أضعاف النيكوتين و42 مادة مسرطنة. وفق تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية عام 2020. فيما أكدت دراسة اعدها “المركز الدولي لأبحاث السرطان IARC”: أن استعمال هاته المادة ينجم عنه مجموعة من الأمراض ضمنها سرطان الرئة والفم. أمراض القلب والشرايين، وفق تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية. إضافة لانتقال السل بسبب تبادل القصبات.
وتشير الإحصائيات الرسمية التي عرضتها المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب: أن 14.3% من الشباب المغربي يدخنون الشيشة.
وقائع صادمة تنقل للواجهة مسؤولية السلطات في تسييد القانون حماية للصحة العامة والاستقرار المجتمعي والأخلاقي. عبر تفعيل القوانين ذات الصلة. ضمنها المادة 16 من “القانون رقم 15-91” المتعلق بالوقاية من التدخين. ومنع التدخين في الأماكن العمومية المغلقة. مع فرض غرامات من 2,000 إلى 10,000 درهم على المخالفين. إضافة لتنزيل المادة 3 من “ظهير 15 نوفمبر 2006″، الذي يحظر التبغ للأحداث. والمادة 160 من “قانون الصحة العمومية”، ذات الصلة بإغلاق المؤسسات المخالفة لمدة تصل إلى 6 أشهر.
تجدر الإشارة أيضا أن المادة 572 من قانون العقوبات تفرض عقوبات سجنية على المروجين للمواد الضارة.
وما يمكن تسجيله في هذا الباب هو الانتشار غير المضبوط لهاته المقاهي بتراب “سلا” وعملها لفترات متأخرة من الليل. وفي هذا السياق فقد أكد مسح ميداني منجز عام 2024 أن 65% من المقاهي تقدم الشيشة حتى الفجر. كما أن 80% من هاته المقاهي لا تحمل تراخيص قانونية. مع ما يرافق كل ذلك من انتشار لأنشطة مشبوهة وبيع مخدرات خفيفة تحت غطاء تقديم الشيشة.
وفي هذا الباب نورد شهادة حية تعكس قثامة الوضع نقلها أحد ساكنة “حي باب سيدي بوحاجة” قائلا: “بات الحي منطقة محرمة ليلا. المراهقون يتجمعون حتى الساعة 4 صباحا مع انتشار المشاجرات”. فيما قالت أم من “حي التقدم”: “ابني البالغ 16 سنة أدمن الشيشة بعد شهرين من ارتياد هذه المقاهي”.
وقائع تفرض وضع خارطة طريق للتدخل العاجل. ضمنها تشكيل خلية أزمة لتنفيذ حملات مفاجئة بين الساعة 22:00 و5:00 صباحا. وتطبيق العقوبات القصوى وفق من تنص عليه المادة 572 من قانون العقوبات المغربي. إضافة لسحب التراخيص للمقاهي المخالفة نهائيا. فضلا عن إطلاق “مركز إرشاد للشباب المعرض للخطر” والقيام ببرامج توعية في المدارس بالشراكة مع وزارة التربية الوطنية.
وفي هذا الصدد نورد قولا صادقا لأحد المختصين في الأمراض الصدرية جاء فيه: “الوقت ليس لمزيد من التقارير.. حان وقت إنقاذ جيل بكامله قبل فوات الأوان”.