#الرباط، المغرب – عبر المكتب التنفيذي “للنقابة الوطنية للصحافة المغربية”، عن قلقة من اعتماد نمط الاقتراع الفردي في انتخاب هياكل “المجلس الوطني للصحافة والنشر”. معتبرا الخطوة تراجعا عن مبادئ الديمقراطية التشاركية. داعيا لتوسيع مشاركة الصحافيين وتضمين المقترحات النقابية في التشريعات. محذرا من سلوك الإقصاء ومن التصعيد دفاعا عن الكرامة والحقوق.
وأكد المكتب على ضرورة احترام المبادئ الدستورية مع إشراك الهيئات المهنية في صناعة القرار.
تجدر الإشارة إلى أن “النقابة الوطنية للصحافة المغربية” تعتبر إطارا فاعلا في الدفاع عن مهنة الصحافة وضمان كرامة الصحافيين. وقد لعبت دورا محوريا في تشكيل وإعادة تنظيم “المجلس الوطني للصحافة”. وقد تأسست على قاعدة نضالية ومطلبية منذ التسعينيات. دفاعا عن استقلالية الصحافة وترافعا عن حق الصحافيين في المشاركة في صناعة القرار المتصل بقطاع الصحافة والإعلام.
جاء ذلك خلال اجتماع عقده المكتب التنفيذي “للنقابة الوطنية للصحافة المغربية”، عشية الخميس، بمقره المركزي بالرباط. حيث تم التداول والنقاش في “مشروع القانون رقم 026.25”. المتعلق بإعادة تنظيم “المجلس الوطني للصحافة”. ومشروع “القانون رقم 027.25″، بتغيير وتثمين “القانون رقم 89.13″ المتعلق ب”النظام الأساسي للصحافيين المهنيين”.
وفي هذا السياق، دعا البيان، الصادر عقب الاجتماع. لبناء منظومة قانونية منسجمة وسلسة ومترابطة تشكل مدخلا لعلاج الوضع الصعب الذي يعيشه القطاع. مذكرا بالمذكرة التي وضعت النقابة خلاصاتها ذات الصلة بالقوانين الثلاث لدى اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر في اجتماع خاص.
وبعد أن ذكرت النقابة بالاجتماع الذي عقدته مع وزير الثقافة والشباب والتواصل، قطاع التواصل، بتاريخ 13 مارس 2024. قبيل إحالة المشروع على الأمانة العامة للحكومة. وبعد ذلك على لجنة التعليم والثقافة والاتصال ب”مجلس النواب”. بعد مصادقة المجلس الحكومي عليهما. سجل المكتب أن المجلس الوطني للصحافة لم يولد من فراغ. بل تأسس على قاعدة نضالية ومطلبية راكمتها “النقابة الوطنية للصحافة المغربية”. باعتبارها الإطار الأكثر تمثيلية وشرعية في الدفاع عن المهنة وعن كرامة الصحافيين. والذي جاء تتويجا لمسار حافل من المبادرات التي قامت بها النقابة منذ تسعينيات القرن.
وأوضح البيان الصادر، الذي تتوفر جريدة”العدالة اليوم” على نسخة منه. أن “النقابة الوطنية للصحافة المغربية” لم تكن تبادر وتفاوض وتقترح في عالم افتراضي. بل من موقع الفاعل الوحيد والقوي في تمثيل الصحافيات والصحافيين. باعتبارها قوة فاعلة في القطاع وهو ما تجسد في انتخابات مناديب العمال وفي توقيع الاتفاقيات الجماعية وعقود البرامج الحكومية الخاصة بالصحافة المكتوبة. وأيضا في انتخابات المجلس الوطني الأخير بعد فوز لائحتها بهذه الانتخابات.
واعتبرت النقابة أن المقترحات المقدمة بأنها تستهدف الإطار من خلال اعتبار الصحافيين أفرادا لا تنظيمات لها تواجد على أرض الواقع تاريخا وممارسة. ويحق لهم بالتالي ممارسة حقهم الديمقراطي عبرها.
وعبر المكتب عن احتجاجه على تجاهل الهيئات النقابية في هذا المشروع، حتى في الديباجة التي عرفت الناشرين وتجاهلت الصحافيين. في رؤية تمييزية تضرب مبادئ دستورية تحدد شكل تدخل الحكومة في مثل هذه النصوص. وتسيج المقتضى التأطيري للهيئات النقابية من كل إقصاء. وهو ما يقتضي التصحيح. معتبرا ان سقف كل تشريع في القطاع يبدأ من الدستور ومن الخطب الملكية ذات الصلة بالقطاع. ضمنها خطاب العرش لعام 2004، الذي يلح على التعاقد والتشاور مع الهيئات المهنية.
وعبر المكتب عن امتعاضه من استبعاد عدد من المقترحات التي تضمنتها مذكرة النقابة المودعة لدى اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر. بل وتضمين المشروع موادا مناقضة تماما لمطالب النقابة. وعلى رأسها توسيع عدد الناشرين وتجميد حصة الصحافيين. في الوقت الذي طالبت فيه المذكرة بتوسيع مشاركة الصحافيين انسجاما مع روح التنظيم الذاتي وخصوصية التجربة المغربية.
وطالب بضرورة توسيع مشاركة الصحافيين بما يضمن المقاربة التشاركية للمجلس. ويسمح بالتالي بتوافر العنصر البشري الذي يدير شؤون المهنة من داخل المجلس باقتدار. معتبرا أن اعتماد نمط الاقتراع الاسمي الفردي، يعد ضربا للمكتسبات الذي ورد في ديباجة المشروع ذاته. ولما كرسته التجربة السابقة من اعتماد اللائحة المهنية. وما تقتضيه المبادئ الدستورية والمرجعيات الدولية من ضرورة إشراك التنظيمات النقابية في التأطير المهني والمشاركة في القرار. خاصة داخل مؤسسة يفترض فيها أن تقوم على أسس التنظيم الذاتي المستقل والديمقراطية المهنية التشاركية.
واعتبر البيان أن هاته الخطوات تعتبر تراجعا عن منطق الحكامة الديمقراطية. وهو ما يفضي عمليا لتهميش التنظيمات النقابية ويفتح الباب أمام منطق فرداني هش. يضعف مشروعية التمثيل ويقضي فئات مهنية بأكملها. وعلى رأسها العاملون في الإعلام السمعي البصري والصحافة الجهوية والمستقلون.
أما بالنسبة لمشروع الفانون الأساسي للصحافيين المهنيين. وكذا نصوص أخرى تتعلق بلجنة الإشراف وتوزيع اللجن ولجنة الأخلاقيات والتأديب وباقي اللجن. وكذا قائمة الصحافيين وعددا من المتطلبات الضرورية. فقد اعتبر المكتب التنفيذي أنها في حاجة لضبط. وسيتم رفع مذكرة في شأنها للجهات المختصة لتصحيح مسار مقترحات المشاريع المطروحة. حماية للمهنة والمهنيين.
وأعلن المكتب عن تشكيل لجن للتتبع والحوار مع الفاعلين المؤسساتيين والبرلمان بغرفتيه والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. إضافة للفاعلين المدنيين والحقوقيين وكافة الديمقراطيين. مع التهييء لعقد ندوة صحافية موسعة لعرض تصور النقابة والتطورات المحتملة لمسار مناقشة المشروعين. معلنا دعوة المجلس الوطني الفيدرالي للنقابة للانعقاد، وذلك حسب تطورات الاوضاع.
وأكدت “النقابة الوطنية للصحافة المغربية” مواصلة ترافعها المسؤول دفاعا عن مهنة الصحافة وكرامة الصحافيين.
تجدر الإشارة إلى أن “القانون 026.25” المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة همش التنظيمات النقابية. فيما جمد “القانون رقم 027.25″، ذا الصلة بتعديل القانون الأساسي للصحافيين. حصة الصحافيين في التمثيل.
وفي إطلالة على التعديلات المدرجة نلاحظ عدم الاخد بعين الاعتبار مطالب النقابة. ففيما يتعلق بتمثيل الصحافيين فقد تم تخصيص 25% من مقاعد المجلس للصحافيين فيما كانت النقابة تطالب ب 40%. وفيما يتعلق بنظام الاقتراع فقد اعتبر النص الاقتراع الفردي فيما تطالب النقابة بالبالاقتراع عبر اللوائح النقابية. أما فيما يتعلق بالإعلام الجهوي فقد تم استبعاد الكوتا المقترحة من قبل النقابة من قبل المشروع وبالكامل.
وما يمكن ملاحظته أن المشروع عمل على تهميش 63% من الصحافيين المستقلين عن الأحزاب السياسية، وفق إحصاء 2023. فضلا عن إقصاء العاملين في القنوات الجهوية، وفق الوارد في المادة 14 من مشروع القانون 026.25. كما أن هاته التعديلات تعتبر انتهاكا للمادة 8 من الاتفاقية الدولية لحماية الصحافيين، الصادرة عام 2020.
وفي هذا الشأن فقد تم تجاهل مذكرة النقابة التفصيلية والتي كانت ثمرة 18 ندوة وطنية. كما تمت إحالة المشروع مباشرة إلى الأمانة العامة للحكومة دون نقاش. فضلا عن تجاوز التزام الوزير بفتح حوار تشاوري، وفق ما وعد به خلال لقاء 13 مارس 2024.
واقع جعل صيغة البيان تأخذ منحى ناريا حيث ورد في ديباجته: أن “المشروع يكرس تمييع الحقل الإعلامي ويهدد كرامة المهنة”. كما حمل تحذيرا بالتصعيد من خلال قوله: “خياراتنا مفتوحة”
وكان رئيس الفدرالية الدولية للصحافيين قد قال التقرير السنوي لحرية الصحافة عام 2023: “لا ديمقراطية دون صحافة حرة، ولا صحافة حرة دون نقابات قوية”.