#سطات، المغرب – تكرارا لفضائح التوظيف داخل المؤسسات التعليمية. كشفت “النقابة الوطنية لموظفي التعليم العالي والأحياء الجامعية” ب”جامعة الحسن الأول” ب”سطات” عما اسمته “خروقات جسيمة طالت مباريات المسؤولية داخل كلية العلوم والتقنيات”.
وفي الوقائع فإن إدارة الكلية انحرفت عن المبادئ القانونية والإدارية ومارست تلاعبات واضحة وإجراء خطيرا. بعد أن ألغت مباريات مشروعة.
واقع عدته النقابة “تواطؤا مفضوحا” وممارسة لمنطق التمكين على حساب الكفاءات. مسخدمة تفسيرات انتقائية لتبرير قبول ترشيحات غير مؤهلة.
واقعة لاقت تصديا من رآسة الجامعة وإصرارا على الحفاظ على قواعد النزاهة.
واستمرارا لمنطق الخرق تم الإعلان عن مباراة ثانية. لتتكرر فيها نفس العيوب الشكلية. بإقصاء مرشحين مؤهلين. وذلك بهدف تمرير المناصب بطريقة تفتقر لأدنى معايير الشفافية.
وضع يفتح تساؤلات حول مدى احترام المؤسسات الجامعية لمبادئ الديموقراطية. وهو ما يطرح إلحاحية إجراء إصلاح شامل لمنظومة التوظيف بالمؤسسات الجامعية. وذلك تفعيلا للمادة 8 من القانون التنظيمي رقم 01-00 المتعلق بالتعليم العالي. المؤكدة على مبدأ الشفافية والنزاهة في التوظيف والترقية.
وفي هذا السياق، أكدت النقابة على حقها في اللجوء لجميع السبل القانونية للطعن. حفاظا على مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص. مع تحميل عميد “كلية العلوم والتقنيات” كامل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن هذه الأوضاع العبثية. داعية لفتح تحقيق شامل لضمان احترام مبادئ الحكامة الرشيدة، وإعادة الثقة لمنظومة التعليم العالي.
ف”الفضيلة تتطلب الشجاعة، والعدالة تتطلب النزاهة”، وفق ما سبق أن عبر عنه “ارسطو”. وهو ما يدعو لإصلاح منظومة التوظيف لضمان تكافؤ الفرص حماية لحقوق الكفاءات الوطنية.
وفي هذا الشأن ذكر بيان اطلعت عليه جريدة “العدالة اليوم”: أنه قد “تم في المرحلة الأولى من مباريات مناصب المسؤولية داخل كلية العلوم والتقنيات بسطات تقديم طعن مشروع في المباريات المعلن عنها. أسفر عن إلغاء جميع المباريات بسبب عيب شكلي بيّن لا يقبل أي تأويل. غير أن إدارة الكلية اختارت بدل ذلك التشبث بالممارسات المشبوهة وتكريس منطق التمييز والولاءات. في إخلال واضح بمبادئ المرفق العمومي وقواعد النزاهة”.
واتهم البيان إدارة الكلية بـ “توظيف تأويلات قانونية انتقائية لتبرير قبول ترشيحات لا تتوفر على الشروط المنصوص عليها خلال المرحلة الأولى. وهو ما جرى إحباطه بفضل يقظة رئاسة الجامعة. ليتم بعد ذلك إصدار إعلان ثان عرف إقصاء مرشحين مؤهلين. بهدف التمهيد لإعادة المباراة مرة أخرى وتفويت المنصب في ظروف تفتقر لأبسط ضمانات الشفافية”.
وأضافت النقابة أن “الإعلان الثاني نفسه لم يكن خاليا من العيوب الشكلية الجوهرية التي تفرض إلغاءه قانونيا”. مشددة على “الاحتفاظ بالحق الكامل في متابعته واستعمال جميع السبل المشروعة للطعن فيه. لما يحمله من محاولات تفصيل المناصب على المقاس. أو تمييع مبادئ التنافس الشريف تحت أي ذريعة”، على حد تعبير نص البيان.
وحملت النقابة، عميد “كلية العلوم والتقنيات كامل المسؤولية الأخلاقية والقانونية عن هذه الوضعية العبثية التي تضرب في العمق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص. وتسيء لسمعة المؤسسة الجامعية”. معتبرة ما حصل “نموذجا صارخا على غياب الشفافية والاستهتار بأبسط قواعد الحكامة الرشيدة”.
وهكذا فعلى الرغم من تقديم طعن قانوني في نتائج المرحلة الأولى من المباريات (2024/2025). وإلغاء جميع المباريات بسبب “عيب شكلي بيّن”، وفق النقابة. فقد اختارت إدارة الكلية تكريس “ممارسات مشبوهة”، باستخدام تأويلات قانونية “انتقائية” لقبول ترشيحات غير مستوفية للشروط. واستمر مسلسل “التلاعب” من خلال إقصاء مترشحين مؤهلين خلال المرحلة الثانية. في خطوة متسمة ب“عيوب شكلية جوهرية”، وفق النقابة. مع توجيه اتهام للإدارة بالسعي لـ”تفصيل المناصب على المقاس”.
اتهامات تضرب في العمق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، المنصوص عليها في الفصل 6 من الدستور المغربي”. وأيضا “قانون الوظيفة العمومية”، (ظهير 24 فبراير 1958)، خاصة المادة 16 منه. المتعلقة بشروط الترشيح. فضلا عن مقتضيات المادة 42 من “القانون 01.00″ لمؤسسات التعليم العالي. الذي يلزم المؤسسات باحترام مبادئ الشفافية والنزاهة في التوظيف. إضافة للمادة 4 من “المرسوم 2.02.854” المنظمة لمباريات التوظيف. والتي تشترط الإعلان الواضح للشروط وحياد اللجان.
واقع يؤكد ضرورة إجراء إصلاح شامل للمنظومة التعليمية، مع الفضائح المتكررة التي فاحت وقدمت صورة سلبية عن النظام التعليمي المغربي. وهو ما يؤكد أن الفساد لا يمكن هزمه بالصمت بل بالكشف والتعرية في وضح النهار. وذلك لاسترجاع الصورة المشعة للجامعات باعتبارها معاقل للتنوير. إن فسدت فسد مستقبل الأمة. لأن “الشفافية هي دواء الفساد والمساءلة ضمانة العدل”، وفق ما سبق أن أعلنت عنه “هيئة النزاهة المغربية” ب”المجلس الوطني لحقوق الإنسان”. حيث لا يمكن النظر إلى واقعة “سطات” كحلقة معزولة. بل حلقة في سلسلة تخترق بشكل متكرر منظومة التوظيف الجامعي. وهو ما يفرض حماية مبادئ المرفق العمومي وتطبيق القانون على الجميع دون محاباة. إنقادا لهيبة الجامعة كفضاء للكفاءة والمعرفة. إذ أن استمرار الصمت الرسمي سيكون إقرارا بـ”تكريس العبث” وتهديداً لمصداقية الإصلاح الجامعي.