#الإكراه البدني بالمغرب بين الحماية القانونية والواقع العملي (سلا نموذجا)

بقلم محمد عيدني

بقلم محمد عيدني

 

سلا، المغرب – يطرح موضوع تطبيق الإكراه البدني في المغرب، خاصة في مدينة سلا، تساؤلات جوهرية حول مدى ملاءمة تطبيقه في ظل التباين الملحوظ بين مختلف المحاكم. حيث تتبنى محاكم “سلا” نهجا أكثر تشددا. وهو ما يعكس تفاسير قانونية متباينة مرتبطة بضغوطات اقتصادية وغياب بدائل فعالة لتحصيل الديون.

فتطبيق هاته المسطرة يثير جدلا واسعا حول مدى احترام هذا الحق للعدالة الاجتماعية ومبادئ حقوق الإنسان. علما ان العدالة الفعلية تتطلب توازنا بين حقوق الأطراف.

ويعزى هذا التباين لعدة عوامل، ضمنها تراكم القضايا، محدودية الموارد وضغوط الدائنين. وهو ما يجعل الإكراه البدني أداة سريعة وفعالة في نظر بعض القضاة، على حساب حقوق المدينين الذين قد يمرون بحالات قاهرة. أو يعانون من ظروف اجتماعية صعبة.

من جانب آخر، تشير الدراسات إلى أن اعتماد الإكراه البدني بشكل مفرط قد يهدد مناخ الثقة في مناخ الأعمال ويشجع على مناخ من القلق والاضطراب الاقتصادي. خاصة مع غياب آليات الوساطة والتحكيم التي يمكن أن توفر حلولا أكثر إنصافًا وفاعلية.

وبناء على هاته الوقائع من الضروري إجراء تقييم شامل لتطبيق هذه المسطرة، مع تعزيز الحوكمة القضائية، وتطوير بدائل تضمن حقوق الطرفين. ضمنها التفاوض أو التوسط، لضمان أن تكون العدالة حاضرةً بشكل متوازن. وذلك وفقا لمبادئ الدستور المغربي، الذي يكفل حقوق الإنسان، مؤكدا على مبدأ العدالة الاجتماعية، وهو ما يتطلب من القضاء المغربي أن يوازن بين حماية حقوق الدائنين واحترام ظروف المدينين. حتى لا تكون العدالة أداة قمعٍ في يد الأقوياء. وإنما وسيلة لتحقيق التوازن الاجتماعي والنمو الاقتصادي المستدام.

وهكذا تثير مسألة تطبيق الإكراه البدني في قضايا الكراء، في المشهد القانوني المغربي، جدلا متزايدا. اعتبارا للتباين الملحوظ في تطبيق هذه المسطرة بين مختلف المحاكم.

ففي حين تتجنب معظم المحاكم المغربية اللجوء اللجوء لتطبيق مسطرة الإكراه البدني في مثل هاته القضايا إلا في حالات استثنائية. تبرز مدينة “سلا” كحالة استثائية متفردة تعمد لتطبيق هاته المسطرة بشكل أكثر انتظاما.

تباين يطرح تساؤلات جوهرية حول وحدة القانون وتطبيقه. كما يفتح نقاشا حول الأسس التي تجعل مدينة “سلا” تتبنى نهجا مغايرا وأكثر تشددا في مثل هاته الحالات ,اثر كل ذلك على تحقيق العدالة.

تجدر الإشارة غلى أن مسطرة الإكراه البدني، المنصوص عليها في القانون المغربي. تسمح بحبس المدين الذي يمتنع عن تنفيذ حكم قضائي نهائي. بهدف إجباره على الوفاء بالتزاماته.

إلا ان تطبيق هاته المسطرة يحولها عن مقاصدها لتصبح أداة ضغط غير عادلة. خاصة في حالات عجز المدين عن الإيفاء بالدين بسبب ظروف قاهرة أو عسر مالي. وهو ما يستدعي دراسة متأنية لظروف تطبيقها.

فاستمرار تطبيق الإكراه البدني في “سلا”، على عكس محاكم أخرى. قد يعكس تفسيرا قانونيا متشددا من قبل قضاة “سلا”. حيث يرون فيه وسيلة ضرورية لحماية حقوق الدائنين وضمان تنفيذ الأحكام.

كما قد يعود الأمر إلى تراكم القضايا المتعلقة بالكراء والعقود في محكمة سلا، مع محدودية الموارد، وهو ما يدفع إلى اعتماد الإكراه البدني كحل سريع لفض النزاعات. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون ضغط الدائنين وأصحاب العقارات في “سلا”، المطالبين باستيفاء حقوقهم. عاملا مؤثرا في اتخاذ قرارات بتطبيق الإكراه البدني.

في المقابل، قد يعكس استمرار تطبيق الإكراه البدني في “سلا” غياب بدائل فعالة لتحصيل الديون. مع تسجيل تجنب اعتماد بدائل أكثر نجاعة. ضمنها آلية الوساطة والتحكيم.

هذا التباين في التطبيق القانوني يثير جدلا واسعا حول مبدا المساواة أمام القانون. وهو يغذي الشعور بالظلم لدى المدينين المحتملين. كما قد يؤدي التطبيق الصارم للإكراه البدني إلى تخويف المستثمرين والمكترين. وهو ما سيؤثر سلبا على الحركة الاقتصادية في المدينة.

من هذا المنطلق، يصبح من الضروري إجراء دراسة معمقة لأسباب استمرار تطبيق الإكراه البدني في “سلا”. مع تقييم مدى فعالية هذه المسطرة في تحقيق العدالة، أخذا بعين الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية للمدينين. مع البحث عن بدائل أكثر فعالية لتحصيل الديون. وذلك بما يضمن حقوق الطرفين ويراعي محتلف الأاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحيطة.

إن تحقيق العدالة يتطلب توازنا دقيقا بين حماية حقوق الدائنين وضمان عدم تحول القانون إلى أداة قمع في يد الأقوياء.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.