#أكادير، المغرب – أثار الإعلان عن وفاة سائحة “سويسرية” ب”منطقة تغازوت” شمال “أكادير”. وذلك عقب إصابتها بداء الكلب بعد تعرضها لعضة كلب ضال. موجة من القلق في الأوساط الصحية والسياحية. لتعيد من جديد فتح النقاش حول ظاهرة انتشار الكلاب غير الملقحة في عدد من الوجهات السياحية المغربية. فيما السلطات السويسرية تصدر تحذيرا رسميا لرعاياها المسافرين إلى المغرب.
واقعة تسلط الضوء على التحديات الصحية والأمنية المرتبطة بانتشار الكلاب غير الملقحة في المناطق السياحية بالمغرب.
ووفق مصادر إعلامية فإن الأمر يتعلق بسائحة “سويسرية”. كانت قد تعرضت لعضة كلب أثناء إقامتها بمنطقة “تغازوت”، شمال “أكادير”. مضيفة أنها لم تتلق العلاج اللازم (Post-Exposure Prophylaxis – PEP) إلا بعد عودتها إلى بلدها. حيث فارقت الحياة نتيجة المضاعفات الناتجة عن العدوى. وضع يثير تساؤلات حول فعالية برامج التلقيح والمراقبة البيطرية للحيوانات الضالة في المناطق السياحية.
وفي هذا السياق، أصدرت “الخارجية السويسرية”، تحذيرا رسميا لرعاياها في شأن السفر “للمغرب”. داعية إياهم لتوخي الحذر وتجنب الاتصال بالحيوانات الضالة، خاصة الكلاب. نظرا لخطورة انتقال فيروس السعار، الذي يعتبر من الأمراض الفتاكة.
وفي هذا الشأن، أفاد “موقع يا بلادي Yabiladi”، نقلاً عن الخارجية السويسرية. أن سلطات “برن” وجهت تحذيرا رسميا لرعاياها بشأن السفر إلى المغرب. داعية إياهم لتجنب كل أشكال الاتصال بالحيوانات الضالة، خاصة الكلاب. وذلك بسبب المخاطر المرتبطة بعدوى “داء الكلب”. الذي قد يكون قاتلًا في حال عدم تلقي العلاج الوقائي في الوقت المناسب.
وفي هذا الصدد، تؤكد “منظمة الصحة العالمية” أن الكلاب مسؤولة عن أكثر من 95% من حالات انتقال “داء الكلب” للبشر.
ويعكس هذا الحادث حقيقة المشاكل الصحية التي يواجهها المغرب. والتي تعرقل الجهود المبذولة لتعزيز مكانته المملكة كوجهة سياحية آمنة.
وتؤكد المادة 17 من القانون المغربي المتعلق بالصحة العامة على ضرورة اتخاذ التدابير الوقائية لمكافحة الأمراض الوبائية. بما في ذلك القيام بحملات للتلقيح والإخصاء للحد من انتشار الكلاب الضالة. رغم التحديات الميدانية التي تظل قائمة.
وتشدد وزارة الصحة المغربية على أهمية التلقيح الفوري بعد أي عضة حيوانية. مع العمل على نشر التوعية اللازمة للمواطنين والسياح. وتعزيز جهود كافة المتدخلين لضمان سلامة الجميع.
ويعتبر “داء الكلب” من الأمراض الفيروسية الفتاكة، الذي يؤدي لوفاة المصاب إذا لم يتلق العلاجات الوقائية مباشرة بعد الإصابة. فهو فيروس قاتل بنسبة 100% تقريبا بمجرد ظهور الأعراض العصبية. حيث يهاجم الجهاز العصبي المركزي. أما طريقة الانتقال فتتم بشكل أساسي عبر لعاب الحيوان المصاب، غالبا عبر العض. ونادرا عبر الخدوش أو الأغشية المخاطية.
والعلاج الوقائي الوحيد بعد التعرض للعض يشمل غسل الجرح فورا وبشكل مكثف. وتلقي جرعات من لقاح “داء الكلب”. مع حقن الغلوبيولين المناعي (RIG) إذا لزم الأمر. والذي يجب أن يبدأ فورا بعد التعرض للعض، وقبل ظهور الأعراض، ليكون فعالًا.
تجدر الإشارة إلى أن “داء الكلب” يودي بحياة عشرات الآلاف سنويا. معظمهم في آسيا وأفريقيا، حيث تكون برامج التحصين الكلابي ووصول البشر للـ”PEP” محدودة.
كما تجدر الإشارة إلى أن مسؤولية مكافحة “داء الكلب” وإدارة الحيوانات الضالة تقع على عدة جهات. حيث ينص الفصل 13 وما يليه من “القانون الإطار 08-11″، ذا الصلة بحماية الصحة. على تدابير الوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها، بما في ذلك الأمراض الحيوانية المصدر مثل “داء الكلب”. كما أن المواد “1،2،8” من “القانون 49-99″، المتعلق بحماية الحيوانات وتأطير الوضعية الصحية للقطيع. يحدد إجراءات الوقاية الصحية البيطرية ومكافحة الأمراض الحيوانية. ويفرض بالتالي على مالكي الحيوانات واجب حماية صحة الإنسان والحيوان.
وتبقى “الجماعات الترابية (البلديات)” مسؤولة بشكل مباشر عن إدارة مشكلة الكلاب الضالة داخل نفوذها الترابي. وذلك بموجب المادة 36 من “القانون 78-00″ من الميثاق الجماعي: الذي يخول للبلديات صلاحيات واسعة في مجال النظافة والصحة والسكينة العامة. فضلا عن المادة 1 من “القانون 00-28″، المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها. يعتبر جثث الحيوانات من النفايات التي يجب على البلدية التخلص منها بشكل آمن.
تجدر الإشارة أيضا أن “معهد باستور المغرب” يعتبر هو الجهة المرجعية الوطنية لإنتاج وتوزيع لقاحات “داء الكلب” (البشري والبيطري) والتشخيص.
وعلى الرغم من حملات تلقيح الكلاب الضالة أو تطبيق برامج “إمساك – تعقيم – إرجاع”. إلا أن هاته الخطوات تجابهها عوائق ميدانية. ضمنها الانتشار الواسع للكلاب الضالة. خصوصا في الضواحي والمناطق السياحية. إضافة لنقص الموارد البشرية والمادية. مع صعوبة الوصول لبعض المناطق وضعف الوعي العام. إضافة لعدم كفاية تطبيق التشريعات المتعلقة بمسؤولية الملاك.
وقد وجهت حادثة “تغازوت” صفعة قوية للسياحة المغربية. وهو ما يضرب في صميم استراتيجية المغرب لتعزيز صورته كوجهة سياحية آمنة ومتكاملة (“رؤية 2020” وما بعدها). حيث أن السلامة الصحية، بما فيها السلامة البيطرية. تعتبر عنصرا أساسيا في الجاذبية السياحية.
ويبقى من الضروري العمل على تعزيز الوقاية عبر تكثيف حملات التلقيح المجانية والشاملة للكلاب الضالة والمملوكة في المناطق الحضرية والسياحية. مع وضع استراتيجية متكاملة معتمدة على نهج “صحة واحدة One Health”. أي ربط الصحة البشرية والبيطرية والبيئية، مع تعزيز التنسيق بين الوزارات (الصحة، الداخلية، الفلاحة، السياحة) والجماعات المحلية. فضلا عن تحسين الوصول للـ”PEP” مع ضمان توفر اللقاح و”الغلوبيولين” المناعي في المراكز الصحية الأولية والمستشفيات. خاصة في المناطق النائية والسياحية. مع توعية الكوادر الصحية والسياح بأهمية العلاج الفوري. والقيام بحملات توعية مكثفة للسكان المحليين والسياح حول مخاطر “داء الكلب” وطرق الوقاية منه والإجراءات الواجب اتباعها عند التعرض للعض. مع مراجعة وتفعيل القوانين الخاصة بملكية الحيوانات ومسؤولية الملاك (التسجيل، التلقيح الإجباري).
ف”داء الكلب مرض يمكن الوقاية منه بنسبة 100% باللقاحات… ووفاة أي شخص بهذا الداء معناه فشل للصحة العامة”. وفق ما صرح به “د. تيدروس أدهانوم غيبريسوس”، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية. كما أن “مكافحة داء الكلب تتطلب استثمارا مستداما في التلقيح الكلابي وتوعية المجتمعات. وفق ما كشف عنه “الاتحاد العالمي لمكافحة داء الكلب (GARC).