#محمد حميمداني
#تيفلت، المغرب – شهدت “مدينة تيفلت“، الواقعة ضمن النفوذ الترابي لعمالة “إقليم الخميسات”. حدثا هاما يعزز ما سبق أن نشرناه حول رائحة توظيف مهرجان المدينة لغايات براغماتية حزبية ضيقة. وموقفا وطنيا من السلطات الإقليمية بالخميسات. في ترسيخ من جانبها لمفهوم استقلاليتها وحيادها ووقوفها ضد كل استغلال يحيد عن مهرجان ثقافي من ثقافيته إلى مستويات اخرى. وفق الفلسفة التي أكد عليها جلالته الملك “محمد السادس”، نصره الله. تعزيزا للإصلاح وللديمقراطية. كممارسة مسؤولة تقف بعيدا عن كل توظيف سياسي أوتأثيرات حزبية ضيقة.
يأتي ذلك في سياق تنزيل القوانين ذات الصلة بدور السلطات الإقليمية، خاصة “القانون التنظيمي رقم 113-14″، المتعلق بالجماعات الترابية. والتي تؤكد على ضرورة احترام العاملين في الإدارات الترابية مبدأ الحياد. وايضا تلزم المنتخبين بعدم استغلال الفعاليات الثقافية أو الاجتماعية لأغراض سياسية.
وفي هذا الشأن تنص المادة 5 من ذات القانون على أن “الوظائف العمومية تتطلب الالتزام بأخلاقيات المرفق العام. بما يضمن استقلالية القرار الإداري وعدم التوظيف السياسي في الشؤون الإدارية”.
ووفقا للمادة 25 من الدستور، فإن الدولة تضمن الحقوق والحريات، وتحمي المبادئ الديمقراطية. وتؤكد على ضرورة الفصل بين السلطات، وعدم استغلال المؤسسات لتحقيق مصالح حزبية ضيقة.
وفي خطوة لافتة، ارتباطا بما سبق أن وقفنا حوله من محاولة جهة سياسية توظيف مهرجان ثقافي تراثي لخدمة أهداف بعيدة عن الثقافة والتراث ومن المال العام. ووعيا بمسؤولياته الوطنية ودوره المحايد في الشنآن الاسياسي. فقد قرر “عبد اللطيف النحلي”، عامل إقليم الخميسات الجديد، في موقف وطني جريئ مقاطعة حفل الغداء الذي أقيم على هامش “مهرجان تيفلت الثقافي”. المنظم من قبل رئيس المجلس الجماعي، المنتمي ل”حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية”.
#أزمة المياه تفجر دعوات للاحتجاج أمام منصات العرض ب”مهرجان تيفلت”
وفي هذا السياق أكدت مصادر من “المركز المغربي لحقوق الإنسان” أن هذا القرار يعكس رغبة المسؤول الأول في الإقليم تجسيد مبدأ الحياد. وتأكيد استقلالية المؤسسات عن التوظيف السياسي الذي طالما استُعمل كوسيلة للسيطرة على الفضاء الثقافي والاجتماعي.
وفي هذا السياق فقد اكتفى عامل الإقليم بزيارة المهرجان في فترته المسائية. موقع اعتبره مهتمون بأنه رسالة ضمنية ضد استغلال الفعاليات الثقافية لأغراض حزبية. وهو ما يعتبر تطورا هاما وإيجابيا وصحيا في مسار تعزيز المبادئ الديمقراطية. وأيضا تقوية آليات المراقبة والمحاسبة على مستوى الشأن المحلي.
اتصالا بهاته الوقائع نقف عند قولة المفكر المغربي، “محمد عابد الجابري”: “الديمقراطية ليست فقط نظاما سياسيا. بل أسلوب حياة يفرض فيه احترام المؤسسات واستقلاليتها. بعيدا عن الاستغلال السياسي للمناسبات العامة”.
متتبعون للشأن السياسي المغربي رأوا في الخطوة وعيا متزايدا بأهمية فصل السلطات. مع ضرورة مقاومة مظاهر الفساد الإداري والسياسي التي تضر بالمصلحة العامة.
وفي الشأن ذاته دعا “المركز المغربي لحقوق الإنسان” لتعزيز الثقافة القانونية بين المسؤولين والجماعات المحلية. وتفعيل النصوص القانونية التي تحظر استغلال الفعاليات الثقافية لتحقيق مكاسب حزبية. مع العمل على مراقبة وتتبع مصادر التمويل وإجراءات تنظيم المهرجانات، لضمان استقلاليتها وشفافيتها.
ويبقى موقف عامل الإقليم، “عبد اللطيف النحلي” عاكسا لتوجه إيجابي نحو تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة. وهو خطوة هامة نحو بناء فضاء مدني ديمقراطي يخلو من الولاءات الحزبية الضيقة. بما يعزز من مكانة الثقافة والفنون كوسيلة للتواصل والتوعية، لا كوسيلة للسيطرة السياسية. وهو نموذج في التدبير يجب أن يسود التدبير الترابي بمختلف أقاليم المملكة الشريفة.
الخطوة العاملية ونظرا لمسؤوليتها وحياديتها لاقت ترحيبا واسعا من طرف ساكنة “مدينة تيفلت“. خاصة وأن تنظيم المهرجان يشتم فيه رائحة الدعائية الضيقة لتيار سياسي منظم له ومن المالية العامة. كما أن تنظيم هاته الفعاليات وبصرف الملايين على تفاصيله. في وقت تعاني الساكنة المحلية من العطش نتيجة انقطاع الماء الصالح للشرب عن مجموعة من أحياء المدينة. وبدل انخراط رئيس المجلس في إيجاد حل لهاته المعاناة المجتمعية. فضل التغريد خارج سياق الأولويات خدمة لأجندات بعيدة عن الثقافة والتراث وأيضا عن معاناة المواطنين. وهو ما قلب السحر على الساحر لوعي السلطات الإقليمية بدورها الوطني وبكونها ممثلة لصاحب الجلالة الملك “محمد السادس” في الإقليم وليس للون سياسي معين.
وهي الخطوة التي اعتبرها “المركز المغربي لحقوق الإنسان” في بيانه، تؤشر على إرادة لطي صفحة من “الهيمنة السياسية” التي عرفتها المدينة لعقود، والتي انعكست سلبا على التنمية المحلية، وفاقمت من معاناة الفئات الهشة والمهمشة.
#انطلاق “مهرجان تيفلت” في فضاء التبذير وسوء استغلال الموارد وسط بؤس مائي
وبعد أن ثمن المركز الخطوة العاملية دعا السلطات المحلية لسلوك نفس المنهج في مواجهة ما وصفه بـ”التطبيع مع الفساد”. معتبرا إياها رفضا لظاهرة المهرجانات المسيسة. علما أن تقارير “المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي” تؤكد تحول 37% من المهرجانات المحلية إلى منصات لتعزيز النفوذ السياسي. بدلا من دعم التنمية الثقافية.
وفي هذا الصدد، كشف تقرير “مركز عدالة” لعام 2024 عن توجيه 62% من ميزانية المهرجان، (7.8 مليون درهم) لشركات مقربة من الأحزاب الحاكمة. مع تسجيل استبعاد 90% من الفنانين المحليين من البرنامج الرسمي.
تجدر الإشارة إلى أن الفصل 36 من الدستور المغربي يحذر من انتهاك مبدأ الحياد الإداري ويلزم الإدارة بالحياد السياسي. كما تمنع المادة 28 من “القانون 113.14″، المتعلق بالجماعات الترابية. توظيف المال العام لأغراض حزبية. كما تصنف المادة 248 من القانون الجنائي الاستغلال الوظيفي كـ”اختلاس للمال العام”. والذي تصل عقوبة ممارسيه لـ5 سنوات سجنا. فضلا عن إخضاع “مرسوم 2.18.376″ لعام 2018، تمويل المهرجانات لرقابة “اللجنة الوطنية للشفافية”.
وارتباطا بهاته الحالات غير الصحية والتوظيفات المشبوهة للمهرجانات لخدمة مصالح ضيقة تفيد المعطيات الإحصائية ذات الصلة بفساد المهرجانات في المغرب. وفق تقرير “هيئة المنافسة” لعام 2023. أن 44% من عقود المهرجانات تمنح بغير مناقصة. كما سبق “للبنك الدولي” أن أكد عام 2024 أن المغرب يخسر 17 مليار درهم سنويا بسبب الفساد في التظاهرات الثقافية.
تجدر الإشارة إلى أنه قد تم إطلاق حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي رفضا لمهرجان “تيفلت” وتوظيفاته السياسية. فيما الساكنة تعاني من انقطاع المياة لمدة أكثر من شهر. من خلال ترويج هاشتاغ “#تيفلت_تستحق_الأفضل”. وفي السياق ذاته تجمع 300 مواطن أمام مقر المجلس الجماعي مطالبين بإعادة هيكلة المهرجان. ويبقى ضرورة تحرك “المفتشية العامة للإدارة الترابية” لفتح تحقيق في تمويل المهرجان أولوية وأهمية حماية للمال العام وتصديا للتوظيف السياسي للمهرجانات من المالية العامة.
#أزمة المياه تفجر دعوات للاحتجاج أمام منصات العرض ب”مهرجان تيفلت”
#انطلاق “مهرجان تيفلت” في فضاء التبذير وسوء استغلال الموارد وسط بؤس مائي