#معركة أنوال: الملحمة التي أسست لفكر ريفي مغربي مقاوم وألحقت أكبر هزيمة بالإسبان

#العدالة اليوم

#العدالة اليوم

 

#أنوال، المغرب – شكلت “معركة أنوال” نقطة مفصلية في تاريخ المقاومة المغربية. حيث شهدت بداية نهاية السيطرة الاستعمارية الإسبانية على شمال إفريقيا. كتتويج لانتفاضة شعبية أظهرت قدرة المقاومة الريفية على تحدي أكبر الجيوش الأوروبية.

في 17 يوليوز من عام 1921. بدأت مرحلة جديدة من المواجهة الحاسمة، عندما أطلق “محمد بن عبد الكريم الخطابي”، قائد المقاومة الريفية. حصارا محكما على “مركز إغريبن”، مستغلا تكتيكات عسكرية بارعة. ووعي شعبي عميق. لتبدأ فصول الانهيار التدريجي لقوات الاحتلال.

بدأت المقاومة الريفية ضد الاستعمار الإسباني في أوائل القرن العشرين. حينما توالت محاولات السيطرة على المناطق الريفية الوعرة، التي شكلت معاقل مقاومة طبيعية. ولقد كانت “معركة أنوال” ذروة تلك المقاومة. حيث أظهر الريفيون قدرتهم على التنظيم والتخطيط. فضلا عن استغلال تضاريس المنطقة لصالحهم.

 معركة إغريبن والحصار

في يوليوز من عام 1921. وبعد أن حقق المجاهدون انتصارا كبيرا في “معركة دهار أوبران”. استغلوا هذا النجاح لفرض حصار محكم على “مركز إغريبن”، الذي كان يمثل خط الدفاع الأخير للجيش الإسباني. والذي يعتبر من المواقع الاستراتيجية على الطريق نحو “أنوال”. استمر هذا الحصار المطبق خمسة أيام، حيث استخدم الريفيون تكتيكات دقيقة وضربات مركزة بناء على تنسيق محكم. وهو ما أربك خطط “الجنرال سيلفيستري”، وأضعف معنويات جنوده.

أمام تزايد الضغوط وتضييق الخناق، لم يجد “الجنرال سيلفستري” وجنوده من خيار سوى الانسحاب نحو “مركز أنوال”، بشكل مروع. حيث كان معظم الجنود مصابين أو منهكين نفسيا. وهو ما أضعف قدرة القوات الإسبانية على المقاومة.

مساء 21 يوليوز، أحكمت المقاومة الريفية قبضتها على “أنوال” محاصرة إياها من كافة الجهات. مستعدة للمعركة الفاصلة.

فجر 22 يوليوز، اتخذ “الجنرال سيلفيستري” قراره بالانسحاب. ولكن بلا خطة واضحة نتيجة الفوضى التي دبت في صفوف جنوده. وهو ما ألحق به مع جنوده هزيمة كبرى. ليصبح “حدث أنوال” علامة فارقة في تاريخ المقاومة. إذ أظهرت قدرة الريفيين على التخطيط والتنسيق وتوجيه ضربات موجعة للمستعمرين.

لقد اكدت “معركة أنوال” التفوق الاستراتيجي للمقاومة الريفية. حيث استغل المجاهدون التضاريس. إضافة لتنفيذ عمليات مفاجئة، “حرب العصابات”. فضلا عن تنسيق هجماتهم بشكل يشعر الاحتلال بعدم الأمان.

لقد شكلت “معركة أنوال” بداية النهاية لسيطرة إسبانية طويلة على المناطق الشمالية. حيث أظهرت أن إرادة الشعب يمكن أن تتغلب على أعثى الجيوش الحديثة المدعومة بأحدث الأسلحة. وتكتب بالتالي فصولا من المجد في صفحات التاريخ.

ما عزز هاته الإراة الفولاذية هو الإيمان بحق الريفيين في الدفاع عن ارضهم وعرضهم. في انسجام مع المادة 1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. المؤكدة على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال. وكما قال الزعيم الوطني الكبير “محمد بن عبد الكريم الخطابي”: “الانتصار لا يقاس بعدد الأعداء الذين سقطوا. بل بقوة إرادة الشعب”.

وهكذا لم تكن 17 يوليوز من عام 1921، مجرد ذكرى تاريخية. بل رمزا لصمود إرادة شعب وتحد للاستعمار. وأيضا دليلا على أن المقاومة حق مشروع لكل الأحرار. فقد اظهرت “معركة أنوال” أن الالتفاف حول المبادئ واستخدام التخطيط السليم والإيمان بالحق. عناصر تصنع الفارق والمعجزات وبالتالي كتابة التاريخ بأحرف من نور. لتظل ذكرى تلك الأيام المجيدة حاضرة، تلهم أجيالنا لمواصلة النضال من أجل الحرية والكرامة. فما جرى بين 17 و22 يوليوز 1921 لم يكن مجرد توالي معارك. بل بداية انهيار منظومة استعمارية بأكملها أمام إرادة شعب يعرف ما يريد ألحق اكبر هزيمة بالجيش الإسباني ومرغه في التراب. 

فما خلق الملحمة الكبرى في “أنوال” وغيرها من المعارك هو الإيمان بالقضية اولا. والمرونة في التمركز والتخطيط ثانيا. حيث استغل المجاهدون التضاريس الوعرة واعتمدوها كحاجز طبيعي. كما نجحوا في تنفيذ عمليات مباغتة. دون أن ننسى العمق الشعبي للمقاومة ودعم الشعب لها. وما زاد من قوتها وضمن استدامتها. فضلا عن إجادة المجاهدين للحرب النفسية والاستنزاف النفسي. إذ اعتمدت المقاومة على استنزاف العدو نفسيا، من خلال إضعاف معنوياته عبر عمليات نوعية. وهو تكتيك فعال في مقاومة الجيوش الحديثة. وكما “مارثن لوتر كينغ”: “لا يوجد طريق مختصر نحو الحرية، إلا بالمقاومة والصمود”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.