#الدار البيضاء، المغرب – هل عادت “مدينة الدار البيضاء” لزمن “السيبة”؟ سؤال يفرض وجوده مع قيام عدة أشخاص، اليوم الاثنين. باقتحام فضاءات عامة وقيامهم بممارسة أعمال عنف وتنمر دون احترام للقانون أو مبادئ حقوق الإنسان. فيما الأجهزة الامنية ب”الدار البيضاء” تقول: إنها لم تتلق أي شكايات في الموضوع.
وهكذا فقد كان شارع “لالة الياقوت” و”شارع مولاي عبد الله” مسرحا لإظهار “شرع اليد” و”قضاء الشارع” بقوة من قبل مجهولين. وهو الأمر الذي يعيد للذاكرة احداث “السيبة” وما ميز تلك الفترة من غياب سيادة القانون. الامر الذي يهدد استقرار المجتمع وأمن المواطنين، خاصة مع اقتراب المغرب من استضافة فعاليات دولية هامة.
فالظاهرة تنقلنا إلى ممارسات ذات صلة بالانتقام” أو “العقاب” من خارج السياق القانوني. استنادا لمفاهيم خاطئة ذات صلة بالدين أو العرف. في خرق للقوانين وتعد على حقوق وحريات الأفراد بما يهدد أمن المجتمع وسلامة المواطنين وزوار المملكة. وهو انفلات امني خطير يستوجب التصدي والردع. أمام شيوع “قضاء الشارع”. وتنصيب أشخاص أنفسهم أوصياء في تطبيق شريعتهم وأحكامهم من خارج الأسس الدستورية والقانونية والقضائية. مما يعني في حالة عدم زجره عودة المغرب إلى مرحلة من الفوضى الأمنية. وهو ما يتنافى مع مبادئ الدولة الحديثة وسيادة القانون.
الأجهزة الأمنية ب”الدار البيضاء” وفي اتصال لجريدة “العدالة اليوم” بمصالحها. أوضحت انها لم تتلق أي شكايات في موضوع الاعتداءات المذكورة. مؤكدة أن أجهزتها المختلفة تسعى لفرض الأمن والنظام العام وألا تهاون في مواجهة الحالات المخلة بالطمأنينة الفردية والجماعية.
تجدر الإشارة إلى ان الفصل السادس من الدستور المغربي، ينص على أن “المملكة المغربية دولة الحق والقانون، وديموقراطية اجتماعية. تقوم على أساس فصل السلط وتوازنها”. مؤكدا على حماية الحقوق والحريات ومجرما كل شكل من اشكال الاعتداء على الحرية الشخصية. كما يجرم القانون الجنائي المغربي كل اعتداء على الأشخاص أوالممتلكات. معاقبا على القيام بهاته الافعال المنافية للدستور وللقانون.كما ان “المدونة الجنائية” تفرض عقوبات على كل من يعتدي على الآخرين أو يعتدي على ممتلكاتهم. مؤكدة على ضرورة التقيد بمبادئ العدالة والحق.
واقع ينقلنا لسياق تاريخي عاشه المغرب اتسم بسيادة الفوضى والتسيب والانفلات من عقال القانون، وهو ما جعل الخاصة كما العامة يطلقون على تلك الفترة ب”زمن السيبة”. إلا أن الدولة المغربية استطاعت لاحقا أن تعيد السيطرة على الاوضاع وتعمل على تطبيق القانون. لكن بعض الظواهر المسجلة بالمغرب، في وقتنا الراهن. خاصة في المناطق الشعبية، تعيد إحياء “زمن السيبة”. لاعتقاد بعض الأفراد بعدم فعالية القانون. وبالتالي اختيارهم ل”شرع اليد” لأغراض شخصية أو جماعية.
فما وقع صبيحة الاثنين، 21 يوليوز الحالي. بشارع “لالة الياقوت” احد أحياء “الدار البيضاء”. من اعتداءات همجية قام بها مجموعة من الأشخاص. مستعملين العصي لضرب مواطنين،تحت دعاوى انهم “سكارى، مومسات وشواذ”. هي سابقة خطيرة تسائل السلطات وتعيد للأذهان مآسي الزمن الماضي.
وفي هذا السياق فقد تعرضت شابة كانت في حالة سكر وشاب من الشواذ جنسيا لاعتداء عنيف وخطير. وهو ما نتج عنه حدوث نزيف ونزول دماء غزيرة. ليلوذ الفاعلون عقبها بالفرار على متن دراجات نارية. دون أن تتدخل السلطات لتوقيفهم. على الرغم من تواجد كاميرات مراقبة متبثة في المنطقة. إلا أنه لم يتم لحدود الساعة تحديد هوية المعتدين. رغم أن الأمر يتطلب تدخلا عاجلا للتحقيق وتقديم الجناة للعدالة.
فالظاهر تحمل فضلا عن خطورتها تهديدا للأمن والاستقرار. مع انتشار الرعب والخوف بين المواطنين، خاصة أمام تكرار مثل هذه الاعتداءات. في تعد على حقوق مواطنية وضرب لحرية التجول وحق كل إنسان في الأمن والكرامة في انتهاك صارخ لمبادئ حقوق الإنسان. فالفعل جريمة يعاقب عليها القانون الجنائي المغربي، بمقتضى الفصل 406 وما يليه.
كما أن انتشار “قضاء الشارع” يعتبر انفلاتا أمنيا خطيرا. وهدم للأصول القانونية والدستورية للملكة، خاصة الفصل 337 من القانون الجنائي، الذي يعاقب كل من هدد السلامة البدنية للأغيار أو استعمل العنف بدون سند قانوني.
أحداث تفرض على الأجهزة الامنية فتح تحقيق فوري وتحديد هوية المعتدين وتوقيفهم ومعاقبتهم وفق الأصول القانونية. كما أن السلطة القضائية، وتحديدا النيابة العامة. ملزمة باتخاذ الإجراءات القانونية لتوقيف الجناة وتقديمهم أمام القضاء المختص. ضمانا لعدم تكرار مثل هذه الأفعال وحماية لحقوق الضحايا.
تجدر الإشارة أيضا ان الميثاق العالمي لحقوق الإنسان ينص على ضمان احترام كرامة الإنسان. وعدم تعريضه للاعتداء. والدفاع عن “مبدأ سيادة القانون”، لأنه لا أحد فوق سلطة القانون. ف“لا يعقل أن يتحول الناس إلى قضاة ومصلحين، لأن ذلك ينتهك أساس العدالة، ويهدد استقرار المجتمع”، وفق ما أكد عيه “جان جاك روسو”. لأن القانون هو الحصن الأخير الذي يحقق العدالة. وأي تهاون في تنزيله أو السماح بحصول انفلات في تفعيله، كما تم تسجيله. هو تهاون في ضمان حقوق دستورية وكونية.
واقعة تقتضي تشديد العقوبات في مواجهة هاته الظاهرة وتطوير المنظومة الأمنية، من خلال تكثيف الدوريات وتفعيل الكاميرات. إضافة للقيام بحملات تحسيسية تبرز للمواطنين خطورة مظاهر الفوضى والعنف على المجتمع والمؤسسات. مع تعميق التربية على ثقافة احترام القانون.
فعودة ظاهرة “السيبة” و”شرع اليد” إلى الواجهة تهدد استقرار المجتمع. وتبرز الحاجة الماسة إلى وقفة صارمة من الدولة، عبر تطبيق القانون وحماية الحقوق. من اجل استعادة سيادة المؤسسات على جميع الفضاءات. فما شهدته أحياء “الدار البيضاء” من اعتداءات همجية يدعو لإعادة النظر في آليات التدخل الأمني والقضائي. مع تفعيل دور المجتمع المدني لضمان أن يبقى المغرب بلد الأمن والأمان والحريات وحقوق الإنسان.
وقائع عاينتها جريدة “العدالة اليوم” ميدانيا ورصدت فصول بشاعتها وتهديدها للاستقرار والأمن المجتمعيين، وذلك صبيحة يوم الإثنين. ب”شارع لالة الياقوت” بوسط مدينة “الدارالبيضاء”. حيث جرت ملاحقة “السكارى والمومسات والشواذ” أمام توقف سيارات الأجرة الكبيرة. والاعتداء عليهم بقوة وعنف في مشاهد قاسية ليست من جذور الثقافة المغربية ولا من مرتكزات وجدها.
فمن المسؤول عن هاته الانفلاتات الأمنية الخطيرة؟ وهل أصبحت الحريات، ضمنها حرية التجول ممنوعة بقوة قانون الغاب “وشريعة اليد التي تم تسييدها بالمنطقة؟ ودور الأجهزة الامنية في هاته الأوضاع؟. ودور الدولة والمؤسسات في التصدي للظواهر المرضية التي تعرقل تأسيس دولة الحداثة والمؤسسات؟.