#الرباط، المغرب – صادق البرلمان المغربي، بصفة نهائية، على مشروع قانون المسطرة الجنائية رقم 22-01. الهادف لتحديث وتطوير النظام القضائي المغربي. مع ضمان حقوق المتهمين والضحايا على حد سواء.
يأتي هذا الإجراء في سياق الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة. الذي أطلقته الدولة استجابة للتحديات الحقوقية والإدارية والتنظيمية التي تواجهها المحاكم والمؤسسات القضائية.
كما أن هاته الخطوة تأتي في ظل تنامي مطالب مجتمعية وحقوقية ومهنية، لإجراء مراجعة شاملة لمسطرة التقاضي. وذلك بغاية تعزيز مبادئ العدالة الناجزة وتقليل مدة التقاضي. إضافة لتحقيق التوازن بين حقوق الدفاع وضمانات التحقيق وحماية حقوق الضحايا والشهود. وذلك في إطار احترام المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ويهدف القانون لتوسيع عملية اللجوء إلى بدائل الاعتقال الاحتياطي. مع تقنين استعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة في الإجراءات القضائية. وذلك بما يضمن سرعة البت في القضايا ويحقق بالتالي التوازن بين ضرورة مكافحة الجريمة والحفاظ على كرامة الأفراد. فضلا عن تطوير آليات حماية الحقوق الأساسية للمتهمين والضحايا والشهود، من خلال إجراءات إجرائية واضحة وشفافة.
وتتضمن الإصلاحات التي تم اعتمادها توسيع اللجوء إلى التدابير البديلة. ضمنها الكفالة، المراقبة الإلكترونية والتدابير الاحترازية. وذلك بغاية تقليل حالات الاعتقال غير الضرورية. وبالتالي تخفيف الضغط على المؤسسات السجنية، وفقا للمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، خاصة “مبادئ بانكوك، 2010”.
كما تروم الخطوة لتطوير الرقابة القضائية. وذلك من خلال تعزيز صلاحيات القضاء في مراقبة الإجراءات. مع تقديم ضمانات أكبر لحقوق الدفاع. بما يضمن تحقيق العدالة بشكل أكثر نجاعة وعدلا. إضافة لاستعمال الوسائل التكنولوجية الحديثة. ضمنها إدراج تقنيات الفيديو، البث المباشر والتوثيق الإلكتروني. وذلك بهدف تسريع الإجراءات وتقليل الأخطاء وتحقيق الشفافية. فضلا عن حماية حقوق الضحايا والشهود. وذلك من خلال إجراءات خاصة تضمن عدم تعرضهم للانتقام. مع توفير آليات للإشعار والتوعية والدعم النفسي.
وقد هدفت هاته الإصلاحات التي طالت قانون المسطرة الجنائية إلى ضمان الانسجام مع المقتضيات الدستورية، خاصة الفصل 23 من الدستور المغربي. الذي يضمن الحق في محاكمة عادلة. و”القانون رقم 08-09″ المتعلق بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة. المؤكد على ضرورة تيسير إجراءات التقاضي بالنسبة للأشخاص في حالة إعاقة. إضافة إلى ملاءمتها مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، خاصة “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”. المؤكد على حق المتهم في محاكمة عادلة. إضافة لحماية حقوق الضحية.
وفي هذا الشأن، فقد رام المشروع لتحقيق هاته الأهداف عبر تحديث نظام العقوبات وتحديد الجرائم بشكل أدق. وسن القانون المتعلق بالعقوبات البديلة، تعزيزا لخيارات العدالة التصالحية.
وفي سياق هاته المصادقة قال “عبد اللطيف وهبي”، وزير العدل: “إن المصادقة على قانون المسطرة الجنائية هو نقطة تحول في إصلاح العدالة. مضيفا أنه يعكس إرادة الدولة في بناء منظومة قضائية أكثر فعالية وحقوقية”. فيما قال “أحمد الزبيدي”، عضو بالبرلمان المغربي: “نطمح إلى أن يساهم هذا القانون في تقليص مدة التقاضي وتحقيق العدالة الناجزة. مع ضمان الحقوق الأساسية لكل الأطراف”. وهي القواعد التي تنسجم مع ما طرحته منظمة العفو الدولية التي قالت: إن “العدالة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا كانت حقوق المتهمين والضحايا محفوظة بشكل متكافئ. وهو ما ينسجم مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان”.وهو ما اكدت عليه التوجيهات الملكية السامية، حيث قال جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله: إن“العدالة هي أساس الاستقرار والتنمية، والإصلاح القانوني هو السبيل لتحقيقها بشكل فعال ومنصف”.
وارتباطا بهاته المصادقة النهائية، قال وزير وزير العدل، “عبد اللطيف وهبي”: “إن المصادقة النهائية على مشروع قانون المسطرة الجنائية. يجسد التزام الدولة الراسخ بمواصلة أوراش الإصلاح العميق والشامل للعدالة. وفق مقاربة قائمة على الحقوق، بما يعزز ثقة المواطن في القضاء. ويؤمن التوازن بين مكافحة الجريمة وصون كرامة الفرد وحقوقه الأساسية”.
واعتبر “وهبي” أن هذا القانون لبنة أساسية ضمن المنظور الشمولي لإصلاح العدالة. إلى جانب إعداد إصلاح مشروع القانون الجنائي والقانون المتعلق بالعقوبات البديلة. مؤكدا أن الوزارة ستواكب تفعيل هذه النصوص بمجهودات تكوينية ومؤسساتية تضمن نجاعة التنفيذ وتوحيد الممارسة.
وقد استغرق إعداد هذا المشروعمسارا تشاوريا استمر 18 شهرا. وذلك بمشاركة كل من “المجلس الأعلى للسلطة القضائية” و”هيئات المحامين”، ممثلة في “النقابة المغربية للمحامين”. فضلا عن منظمات حقوقية، ضمنها “المجلس الوطني لحقوق الإنسان” و”الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة”.
ويهدف القانون لموازنة الحقوق والإجراءات، حيث يعمل على تقييد الاعتقال الاحتياطي بنسبة لا تتجاوز 20% من القضايا. وفق المادة 83 المعدلة. مع تفعيل البدائل العقابية، أي المراقبة الإلكترونية والعمل لفائدة المنفعة العامة. فضلا عن حماية الضحايا والشهود. وذلك من خلال إنشاء خط مجاني للإبلاغ عن العنف، رقم 1212. ومنع استجواب ضحايا العنف الجنسي من قبل الجاني. إضافة للتحول الرقمي. وذلك عبر تقنين الإشعارات القضائية عبر البريد الإلكتروني. مع إنشاء منصة رقمية لتتبع الملفات الجنائية. وذلك بالارتكاز للمادة 118 من دستور 2011. ذات الصلة بضمانات المحاكمة العادلة و”العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية” الذي صادق عليه المغرب عام 1979. فضلا عن تقرير “اللجنة الوطنية لإصلاح منظومة العدالة” لعام 2020.
وفي سياق هذا التصديق اعتبر “وهبي” الخطوة بمثابة إعادة للاعتبار لمبدأ البراءة وتحصين الحقوق الأساسية في مرحلة التحقيق. كما اعتبرت “أمينة بوعياش”، رئيسة “المجلس الوطني لحقوق الإنسان”. أن “التعديل يواكب المعايير الدولية ويعزز ثقة المواطن في القضاء كضامن للحريات”.
تجدر الإشارة إلى أن نسبة الاعتقال الاحتياطي تصل ل40%. فيما يصل متوسط مدة التحقيق 12 شهرا، فيما المعدل المطلوب هو 6 أشهر.
ومن المنتظر أن يتم نشر نص القانون في الجريدة الرسمية خلال أسبوعين. مع إصدار دليل تفعيل الإجراءات لعموم القضاة، خلال شهر أكتوبر 2025. فضلا عن إطلاق منصة “عدالة رقمية” خلال شهر يناير من عام 2026.