#باريس، فرنسا – أحال قضاة التحقيق في “باريس”، الثلاثاء. وزيرة الثقافة الفرنسية السابقة، “رشيدة داتي”، والرئيس السابق ل”مجموعة رونو-نيسان”، “كارلوس غصن”، على المحاكمة بشبهة “الفساد واستغلال النفوذ”. وفق ما كشف عنه مصدر قضائي لوكالة “فرانس برس”.
تأتي هذه الخطوة بعد تحقيقات استمرت منذ عام 2019. والتي كشفت عن شبكات علاقات مشبوهة وسرية. وهو ما يفتح الباب أمام مسار قضائي قد يطول بزخم من الاتهامات والأدلة. وهي التهم التي تنفيها كل من “داتي” و”غصن”.
وتعتبر “رشيدة داتي”، ذات الأصول المغربية. من أبرز الشخصيات السياسية في “فرنسا”. حيث شغلت مناصب وزارية هامة. ومرشحة محتملة لرئاسة بلدية “باريس”.
وفي تفاصيل الحدث، فإن “رشيدة داتي”، البالغة من العمر 59 عاما، والتي سبق لها ان شغلت منصب وزيرة العدل في عهد حكومة “فرانسوا بايرون” خلال فترة حكم الرئيس “نيكولا ساركوزي”، ملاحقة بتهمة “تلقي مبلغ 900 ألف يورو بين 2010 و2012 من شركة “RNVB””، التابعة ل”مجموعة رونو-نيسان”، التي كان “غصن” على رأس إدارتها. مقابل خدمات استشارية لم يتم تقديمها فعليا. حسب مصادر التحقيقات المنجزة.
وكانت “داتي” وقتها محامية وعضوا في البرلمان الأوروبي بين أعوام 2009و2019. ويشتبه في أن الاتفاق مع الشركة كان ستارا لنشاط ضغط في البرلمان الأوروبي، وهو ما يحظره القانون.
كما اتهمت تقارير صحافية فرنسية “داتي”، في يونيو الماضي، بتلقي 299 ألف يورو من مجموعة “جي دي أف سويز” أثناء ولايتها النيابية. من دون أن تصرح بمصدر هذه الأموال للبرلمان الأوروبي.
أما “كارلوس غصن”، البالغ من العمر 71 عاما، فهو أحد أكبر رجال الأعمال العالميين. وقد سبق له أن فر من “اليابان” إلى “لبنان” هربا من ملاحقات قضائية، وقد صدرت في حقه مذكرة توقيف دولية في أبريل 2023.
وكانت السلطات اليابانية قد أوقفت “غصن” أواخر عام 2018، حيث كان من المفترض أن يحاكم بتهمة الاحتيال المالي. إلا أنه نجح في الفرار إلى “لبنان” أواخر عام 2019. حيث يقيم حاليا.
ومن المرتقب أن تتم محاكمة “غصن” بتهم تتعلق ب”الاحتيال المالي واستغلال النفوذ وإساءة الأمانة والفساد”.
وتوجه ل”داتي” و”غصن” تهم تتعلق ب”نشاطات استشارية سرية وتلقي مبالغ مالية دون إفصاح عن مصدرها”. فضلا عن “استخدام منصبيهما لتحقيق مصالح شخصية”. وهو ما يتنافى مع قوانين الشفافية والنزاهة في “فرنسا” و”الاتحاد الأوروبي”.
وضع يفتح سؤال علاقة زواج السياسة بالمال. والذي يعتبر من أبرز مظاهر الفساد الإداري والمالي. وهو ما أثار جلا واسعا داخل المجتمع الفرنسي. من جهة تأثير النفوذ على المؤسسات العامة والخاصة.
ومن المتوقع أن تبدأ المحاكمة بعد الانتخابات البلدية في “فرنسا”، المقرر إجراؤها خلال شهر مارس من عام 2026. مع تحديد جلسة الاستماع الأولى في 29 سبتمبر القادم. فيما ينتظر أن تتواصل التحقيقات لتشمل جميع الأطراف ذات الصلة بالقضية. مع تقديم أدلة تدعم أو تنفي التهم الموجهة للطرفين. اتصالا ب”القانون رقم 2013-660″ المتعلق بمكافحة الفساد، و”مدونة القضاء الفرنسي”.
وتعتبر قضية “رشيدة داتي” و”كارلوس غصن” من أبرز حالات الفساد التي تحظى باهتمام دولي. لكونها تشمل علاقات عابرة للحدود. إضافة لطرحها إشكالات متصلة بالعلاقات بين السياسة والاقتصاد.
وفي لائحة الاتهام الموقعة في نونبر 2024. فقد طالب مكتب المدعي العام المالي الوطني بمحاكمة وزيرة الثقافة. بتهمة “الفساد واستغلال النفوذ السلبي من قبل شخص يشغل منصبا انتخابيا عاما في منظمة دولية”، والأمر يتعلق ب”البرلمان الأوروبي”.
تجدر الإشارة إلى أن “القانون الفرنسي رقم 2013-660″، الخاص بمحاربة الفساد. يعزز آليات التحقيق والمتابعة ويحدد العقوبات الرادعة لكل من يثبت تورطه في استغلال النفوذ أو تلقي رشاوى. كما أن “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد” لعام 2003. التي وقع عليها المغرب وفرنسا، تعزز التعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد والجرائم المالية العابرة للحدود.