المحكمة الدستورية تُعلن عدم دستورية عدة مواد في قانون المسطرة المدنية

العدالة اليوم

أصدرت المحكمة الدستورية قرارها بشأن القانون رقم 23.02 المتعلق بالمسطرة المدنية، بعد إحالته من رئيس مجلس النواب بتاريخ 9 يوليوز 2025 للبت في مدى مطابقته للدستور.

بعد دراسة معمقة للنص القانوني، الذي يتكون من 644 مادة موزعة على أحد عشر قسماً، خلصت المحكمة إلى إعلان عدم دستورية عدد من المواد والمقتضيات، مستندة إلى أحكام الدستور وقوانين تنظيمية ذات صلة.

المواد غير الدستورية
أقرت المحكمة الدستورية عدم دستورية المواد التالية ومقتضياتها الجزئية، مع بيان الأسباب التي استندت إليها:

الفقرة الأولى من المادة 17
تنص هذه الفقرة على إمكانية طلب النيابة العامة التصريح ببطلان أي مقرر قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به إذا كان من شأنه مخالفة النظام العام، وذلك دون التقيد بآجال الطعن. المحكمة اعتبرت أن هذا النص يخلو من تحديد حالات محددة لممارسة هذه الصلاحية، مما يمنح النيابة العامة والجهة القضائية سلطة تقديرية غير مألوفة دون ضوابط موضوعية، الأمر الذي يمس بمبدأ الأمن القضائي المنصوص عليه في الدستور. وبالتالي، فإن هذه الفقرة تخالف الفصول 6، 117، و126 من الدستور.
الفقرة الرابعة من المادة 84 (المقطع الأخير)
تتعلق هذه الفقرة بإجراءات التبليغ، حيث تسمح بتسليم الاستدعاء إلى أشخاص يصرحون بأنهم وكلاء المطلوب تبليغه أو يعملون لصالحه، أو إلى أقارب أو أصهار يبدون في سن 16 عامًا، دون ضوابط دقيقة للتحقق من ذلك. المحكمة رأت أن هذا النص يعتمد على التخمين بدلاً من اليقين، مما يؤدي إلى إخلال بحقوق الدفاع والأمن القانوني، وبالتالي يخالف الفصل 120 من الدستور. كما أقرت المحكمة عدم دستورية المواد التي تحيل على هذا المقطع، وهي: 97، 101، 103، 105، 115، 123، 127، 138، 173، 185، 196، 201، 204، 229، 312، 323، 334، 352، 355، 357، 361، 386، 439، و500.
الفقرة الأخيرة من المادة 90
تنص هذه الفقرة على إمكانية حضور الأطراف الجلسات عن بُعد بأمر من المحكمة، دون تحديد شروط أو ضوابط لضمان حقوق الدفاع، مثل التواصل المتزامن أو سرية المعطيات. المحكمة اعتبرت أن هذا النص لا يستوفي متطلبات التشريع الكافية لضمان حقوق التقاضي ومبدأ علنية الجلسات، مما يجعله مخالفًا للفصول 120، 123، و154 من الدستور.
الفقرة الأخيرة من المادتين 107 و364
تنص هاتان الفقرتان على حق الأطراف في الحصول على نسخة من مستنتجات المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق دون إمكانية التعقيب عليها. المحكمة رأت أن هذا القيد يحد من مبدأ التواجهية وحقوق الدفاع، مما يجعل الفقرتين غير متطابقتين مع الفصل 120 من الدستور.
المادة 288
تحتوي هذه المادة على خطأ في الإحالة، حيث تشير إلى المادة 284 بدلاً من المادة 285 المتعلقة بإجراءات الوصية. المحكمة اعتبرت أن هذا الخطأ يخل بوضوح ومقروئية القاعدة القانونية، مما يجعل المادة مخالفة للفصل 6 من الدستور.
الفقرة الثانية من المادة 339
تنص هذه الفقرة على وجوب تعليل القرارات في حالة رفض طلب التجريح فقط، مما يعني ضمنيًا أن القرارات القاضية بالاستجابة للطلب قد لا تُعلل. المحكمة اعتبرت هذا النص مخالفًا للفصل 125 من الدستور، الذي يوجب تعليل جميع الأحكام دون استثناء.
الفقرة الأولى من المادتين 408 و410
تتيح هاتان الفقرتان لوزير العدل تقديم طلب إحالة إلى محكمة النقض في حالات تجاوز القضاة لسلطاتهم أو التشكك المشروع. المحكمة رأت أن هذا التخويل يخالف مبدأ فصل السلط واستقلال السلطة القضائية، كما هو منصوص عليه في الفصول 1، 87، 89، 107، و117 من الدستور، لأن هذه الاختصاصات يجب أن تُمارس حصريًا من قبل السلطة القضائية.
الفقرة الثانية من المادة 624 والفقرتان الثالثة والأخيرة من المادة 628
تتعلق هذه المقتضيات بتدبير النظام المعلوماتي للقضايا من قبل السلطة الحكومية المكلفة بالعدل، مع دور تنسيقي محدود للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة. المحكمة اعتبرت أن توزيع القضايا وتعيين القضاة يعدان من الأعمال القضائية التي يجب أن تستقل بها السلطة القضائية، مما يجعل هذه المقتضيات مخالفة للفصلين 1 و107 من الدستور.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.