المغرب يعيد تشكيل المشهد الاستخباراتي ثنائية “حموشي-المنصوري” نموذجاً للفعالية الأمنية والدبلوماسية

العدالة اليوم-الرباط

العدالة-الرباط

 سلّط مركز “روك” للخبرة والفكر الاستراتيجي الضوء على التحول النوعي الذي يقوده الجهاز الاستخباراتي المغربي، تحت قيادة ثنائية متميزة تضم عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (الديستي)، وياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات (الديجيد). التقرير يقدم المغرب كـ”نموذج إقليمي فريد” نجح في الجمع بين الكفاءة الميدانية والشرعية القانونية، وبين العمليات الاستخباراتية الدقيقة وحسن توظيف المعلومة في تعزيز السياسة الخارجية.

في ظلّ بيئة إقليمية تتسم بالتعقيد والتنافس، لم تعد المعلومة الأمنية أداةً محصورة في ضبط الاستقرار الداخلي، بل تحولت إلى ورقة استراتيجية تدفع بها المغرب إلى واجهة النفوذ الجيوستراتيجي. وفق التقرير، أعاد حموشي صياغة العلاقة بين الأمن والدبلوماسية، حيث أصبح تبادل المعلومات مع الحلفاء الدوليين والإقليميين ركيزةً لتعزيز الثقة وبناء التحالفات.

من جهته، يبرز ياسين المنصوري كمهندس “الدبلوماسية الاستخباراتية”، مستخدماً شبكات التعاون الدولي لتعزيز الموقف المغربي في ملفات شائكة مثل قضية الصحراء ومكافحة الجريمة العابرة للحدود. التقرير يشير إلى أن هذا التكامل بين العمل الداخلي والخارجي كسر الحواجز التقليدية للاستخبارات، في عالمٍ لم تعد فيه التهديدات تعترف بالحدود الجغرافية.

رغم الإشادة بالنجاحات، يُنبه التقرير إلى التحديات القانونية والتكنولوجية التي تواجه المنظومة الأمنية المغربية. فمنذ هجمات 16 مايو 2003، شهد المغرب تحديثاً تشريعياً متواصلاً، من قوانين مكافحة الإرهاب إلى الأمن السيبراني. لكن العائق الأكبر يتمثل في قدرة التشريعات على مواكبة تسارع التكنولوجيا، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والجرائم الرقمية، ما يتطلب تحديثاً مستمراً للحفاظ على التوازن بين الفعالية الأمنية وحماية الحقوق الفردية.

على المستوى الجيوستراتيجي، ينتقل المغرب من موقع الدفاع إلى لعب دور استباقي، عبر عمليات استخباراتية دولية ساهمت في إفشال هجمات إرهابية بأوروبا وتفكيك شبكات تهريب. هذه الأدوار عززت صورة الرباط كشريك موثوق، لكنها وضعتها أيضاً في مرمى منافسة قوى إقليمية ودولية تسعى لتقويض نفوذها.

يختتم التقرير بالتأكيد على أن المغرب نجح في بناء معادلة نادرة تجمع بين ثقة الشركاء وقدرة الردع، بفضل الثنائي حموشي-المنصوري. لكن التحدي الأكبر يكمن في الاستعداد لتهديدات مستقبلية غير مسبوقة، وضمان أن يسير الإطار القانوني والتقني بذات سرعة تطور الأخطار في عالمٍ يتسم بسيولة المعلومات وتعدد الأزمات.

بهذا، يظل المغرب نموذجاً يُدرس في الجمع بين الأمن والدبلوماسية، لكن الطريق أمامه لا يخلو من اختبارات مصيرية ستحدد مدى قدرته على الحفاظ على توازنه الاستراتيجي في السنوات المقبلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.