سلا/المغرب ـ أوقفت العناصر الأمنية عبر حملات أمنية متزامنة تم تنفيذها بالناظور، بارون المخدرات “موسى” و33 عناصر من شبكته الإجرامية. مفككة بذلك شبكتين إجراميتين، حيث تم نقلهم لمقر “المكتب المركزي للأبحاث القضائية “بسيج”” ب”سلا”.
تأتي فصول هاته العملية الأمنية المنجزة عقب الزفاف الأسطوري الذي نظمه “البارون موسى”. مع ما تخلله من مشاهد إطلاق نار من أسلحة نارية. الأمر الذي استنفر الأجهزة الأمنية.
وفي سياق هاته العمليات، فقد داهمت فرق خاصة تابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية منازل أشخاص ظهروا في مقاطع مصورة تم تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتفيد المعطيات الاولية ذات الصلة بالعملية، أن المصالح الأمنية أوقفت 23 شخصا ضمن المجموعة الأولى ضمنهم “موسى”. فيما تم توقيف 11 شخصا آخرين في عمليات أخرى متفرقة. كما تم حجز بعض من الأسلحة النارية المستعملة خلال موكب العرس.
وتباشر عناصر “المكتب المركزي للأبحاث القضائية “بسيج”” أبحاثا تقنية ميدانية لتفكيك امتدادات هاته الشبكة وطنيا ودوليا.
ومن المتوقع أن تتم متابعة الموقوفين بتهم تتعلق ب”تكوين عصابة إجرامية والاتجار الدولي في المخدرات”. إضافة ل”حيازة أسلحة نارية وإطلاق النار منها”.
وكانت وقائع هاته الأحداث المرتبطة بالزفاف الأسطوري الذي نظمه “البارون موسى” بمدينة “ازغنغن” وما صاحبه من خروقات أمنية، التي تم توصيفها ب”الفضيحة” قد أفضت لإعفاء القائد الجهوي للدرك الملكي ب”الناظور” من منصبه وإلحاقه بالمصالح المركزية ب”الرباط”.
وتواصل النيابة العامة المختصة تتبع تفاصيل الملف، إذ من المتوقع أن يتم عرض الموقوفين على أنظار النيابة العامة المختصة بجرائم الأموال ب”فاس”، إذا ثبت تورط مسؤولين عموميين في قضايا رشاوى. أو على الوكيل العام للملك بالناظور، في حالة ثبوت أن الأمر يتعلق بجرائم الاتجار الدولي في المخدرات وحيازة الأسلحة فقط.
وهكذا فقد تحولت فصول الزفاف الاسطوري الذي أقامه بارون المخدرات المعروف ب”موسى” إلى إطلاق عملية أمنية دقيقة ومتعددة المحاور . أفضت لتوقيف “موسى” رفقة 33 آخرين من أفراد شبكته. في عملية استباقية كشفت عن تقاطع خطير بين الجريمة المنظمة والاستعراض المسلح والفساد.
فقد تحول “الزفاف الأسطوري” المنظم من قبل بارون المخدرات “موسى” في الناظور إلى شرارة أدت إلى انهيار شبكته الإجرامية.
تجدر الإشارة إلى أن مشاهد هذا الحفل الاسطوري وما صاحبه من أحداث. والتي كانت قد غطت مواقع التواصل الاجتماعي. قد وضعت هيبة الدولة المغربية على المحك. وهو ما اقتضى تدخلا أمنيا دقيقا لإنهاء “موسى” وشبكته الإجرامية. حيث استنفرت هاته المشاهد “الفرقة الوطنية للشرطة القضائية (بسيج)”، التي نفدت مداهمات متزامنة استهدفت منازل الأشخاص الذين ظهروا في المقاطع المصورة. وهو ما يبرز العمل الاستخباراتي الدقيق المباشر من قبل الأجهزة الأمنية.
وتواجه هاته الشبكة تهما جنائية شديدة الوطأة وفق القانون الجنائي المغربي والقانون رقم “13-03″ ذا الصلة بمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية. إضافة للمادة 293 من ذات القانون ذات الصلة ب”تكوين عصابة إجرامية” والتي تصل عقوبتها حد السجن المؤبد. فيما تنص المادة 3-1 من القانون رقم “13-03″، ذات الارتباط الاتجار الدولي في المخدرات على عقوبات تتراوح بين 20 سنة والسجن المؤبد. مع غرامات مالية كبيرة تصل إلى حدود 50 مليون سنتيم. فيما حيازة أسلحة نارية وإطلاقها بدون ترخيص توجب عقوبة حبسية من سنة إلى ثلاث سنوات وفق المادة 26 من ظهير 1956 المتعلق بالسلاح والذخيرة.
في سياق متصل فإن جريمة “الرشوة لموظفين عموميين” في حالة تبوثها تستوجب، وفق المادة 248 من القانون الجنائي المغربي. عقوبة حبسية تمتد من 5 إلى 10 سنوات مع الغرامة.
وقائع تتجاوز الحدث الإعلامي لتكشف عن حقائق عميقة وخطيرة، ضمنها “التحدي العلني للسلطة” عبر الاستعراض بالسلاح خلال حفل زفاف. حيث أبرزت هاته الوقائع أن الأمر لا يتعلق ب”فساد أمني” فحسب، بل برسالة تحد وجهتها عصابات الجريمة المنظمة للمؤسسات وهو استدعى ردا حاسما وقويا.
كما أوضحت الأبحاث أن “موسى” ليس مجرد تاجر محلي للممنوعات بل قطب أساسي ضمن شبكة دولية لتهريب المخدرات، (الكوكايين والحشيش)، بين المغرب وأوروبا. كما أن احتمال عرض القضية على أنظارنيابة جرائم الأموال ب”فاس” تشير إلى وجود شبكة فساد ورشاوى ممنهجة شملت مسؤولين عموميين وأعوان سلطة، ساهموا في حماية هذه الشبكة. وهو ما يجعل هؤلاء المسؤولين في مواجة عقوبة سجنية، في حالة ثبوت التهم الموجهة إليهم. والتي تمتد من خمس إلى عشر سنوات وغرامة تتراوح ما بين مائة ألف إلى مليون درهم مغربي. وذلك وفق المادة 248 من القانون الجنائي التعلق بالرشوة.
وسبق ل”عبد اللطيف حموشي”، المدير العام للأمن الوطني أن اعتبر أن “الجريمة المنظمة هي سرطان يهدد أمن الدول واستقرارها”. مضيفا أن “ضربها في الصميم يتطلب إرادة سياسية وفعالية أمنية لا هوادة فيها”. فيما اعتبر “أندري ميشيل فينتو André-Michel Vento”، رئيس وحدة مكافحة الجريمة المنظمة بـ “اليوروبول”. شبكات المخدرات الدولية بكونها “تعمل كشركات متعددة الجنسيات. تقطيع أوصالها يحتاج إلى تعاون دولي لا مركزي واستخدام لأحدث التقنيات”. بينما اعتبر خبير أمني مغربي (فضل عدم الكشف عن هويته): أن “الاستعراض بالسلاح هو نقطة ضعف هذه العصابات”. مضيفا أن “غرورهم ودعايتهم لأنفسهم هي التي تقود غالباً إلى سقوطهم”.