تصعيد النقابات في وجه الحكومة المغربية في موضوع إصلاح أنظمة التقاعد أي أفق؟

العدالة اليوم

العدالة اليوم

 

حالة تصعيد نقابية يعيشها “المغرب” في مواجهة الحكومة. وذلك في موضوع إصلاح أنظمة التقاعد، حيث رفضت مركزيات نقابية، ما وصفته، نهج الحكومة الأحادي في مواجهة المطالب الاجتماعية. داعية إياها لحوار شامل في مجمل القضايا ذات الصلة بالشأن الاجتماعي.

وقائع تعكس شدة الصراع الاجتماعي القائم بين النقابات والحكومة حول ملف “إصلاح أنظمة التقاعد”. حيث ترفض النقابات أي مساس بحقوق الأجراء والمتقاعدين. داعية الحكومة للكشف عن الوضع المالي الحقيقي الذي تعيشه صناديق التقاعد، مع استرداد الأموال المنهوبة.

وأكدت النقابات على ضرورة وضع نظام تمويل عادل يعتمد مقاربة تساهم فيه الدولة وأرباب العمل بنسبة الثلثين. فيما يتحمل الأجراء الثلث المتبقي. مشددة على ضرورة رفع معاشات المتقاعدين لمواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة. ومحذرة في الوقت نفسه من تصعيد قد يعصف بالاستقرار الاجتماعي في حال استمرت الإجراءات الأحادية دون تفاوض جاد.

واقع يضع الوضع الاجتماعي أمام تصعيد غير مسبوق رفضا للإجراءات الأحادية للحكومة بشأن إصلاح أنظمة التقاعد. ففي مقابل رفض النقابات أي مساس بحقوق العمال والمتقاعدين والكشف عن الوضع المالي الحقيقي للصناديق. وجهت هاته الأخيرة تحذيرا صريحا من حدوث انهيار للاستقرار الاجتماعي في حال استمرار الوضع الراهن على ما هو عليه. أي في انتهاج الحكومة لغة الصمت وتقديم الأرقام ليس إلا.

الواقع الاجتماعي بالمغرب بين الرفض والوعود أية أساب لأية معضلة؟ 

وهكذا، فقد رفضت النقابات، ما أسمته، الإجراءات الأحادية المنتهجة من قبل الحكومة. وما يصاحب كل ذلك من غياب أي حوار جدي، قد يساهم في التخفيف من التوثرات القائمة. رافضة بذلك أي إصلاح لا يتم بناؤه على أساس التفاوض الجماعي والحوار المسبق مع جميع الأطراف المعنية. معتبرة أن الإجراءات الأحادية تسلب الحقوق وتعمل بالتالي على إجهاض مبدأ الديمقراطية الاجتماعية.

في الوقت نفسه طالبت النقابات الحكومة بانتهاج أسلوب الشفافية المالية في تدبير ملفات صناديق التقاعد. داعية إياها لاسترداد الأموال “المنهوبة”. علما أن التقارير الميدانية تشير إلى أن نسبة العجز المفترض قد يكون نتاج سوء تدبير أو اختلاسات.

وفي هذا السياق، طالبت النقابات الحكومة باسترداد الأموال المنهوبة قبل الحديث عن أي إصلاح يمس مكتسبات المجتمع. وهو ما يتطلب مراجعة شاملة لحسابات “الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي” من قبل جهات تدقيق مستقلة. مع اقتراح انتهاج، ما أسمته، نظام تمويل عادل. واعتماد خطة لتوزيع المسؤوليات تنطلق من تصور واقعي للحل تتحمل فيه الدولة وأرباب العمل، (القطاع الخاص)، نسبة الثلثين، “2/3”. فيما يتحمل الأجراء الثلث، “1/3”.

وتستند النقابات في هذا الاقتراح على مبدأ “”التضامن الوطني” والمسؤولية الاجتماعية للمشغلين، أرباب العمل والدولة كضامن أخير للعدالة الاجتماعية. والأجراء من جهة ثانية، وفق إفادتها.

وأكدت النقابات على أن الارتفاعات القياسية في تكاليف المعيشة، (التضخم). تفرض على الحكومة رفع قيمة المعاشات لضمان حياة كريمة للمتقاعدين. الذين تعيش غالبيتهم تحت عتبة الفقر، وهو ما تؤكده العديد من التقارير الحقوقية.

تجدر الإشارة إلى أن المغرب يعيش تحت وقع نمو ديمغرافي يتسم بارتفاع معدل الشيخوخة وانخفاض معدلات الخصوبة. وهو ما يؤدي بالضرورة لانخفاض عدد المساهمين النشيطين في مقابل عدد المتقاعدين المستفيدين. وبالتالي حصول اختلال مالي.

واقع يرخي بظلاله على الواقع العام، وهو ما يدفع الحكومة لانتهاج “سياسات التقشف” عبر رفع سن التقاعد أو خفض المعاشات أو زيادة نسبة المساهمة. وهو ما يثير غضب الطبقة العاملة التي تجد نفسها حطب الأزمات الحكومية وسوء التدبير للمالية العامة.

فالأزمة التي يعيشها المغرب ليست أزمة نظام، بل أزمة نخب حاكمة، وبالتالي لا يمكن أن يكون الحديث عن أي إصلاح فعلي على حساب الفئات الأكثر هشاشة. فتحقيق العدالة الاجتماعية هي الأساس الحقيقي لتحقيق سلام دائم.

وهكذا، فالواقع الحالي مفتوح على كافة الخيارات. ضمنها الاستجابة للحوار من خلال دعوة الحكومة للنقابات لإجراء حوار جاد قد يؤدي إلى اتفاق وسطي. أو الإصرار على السياسة الأحادية، وهو ما قد يؤدي لحصول تصعيد كبير  بما يحمله من إشعال الجو العام. وهو ما سيعصف بما تبقى من استقرار اجتماعي واقتصادي. كما أن استمرار حالة الجمود في الوضع المالي للصناديق القائمة سيؤدي لمزيد من تعقيد المشكلة مستقبلا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.