فتحت المحكمة العليا الإسبانية، أمس الثلاثاء. محاكمة رسمية في مواجهة المدعي العام للدولة، “ألفارو غارسيا أورتيز”. وذلك بتهمة “الإفشاء غير المشروع لأسرار مهنية”. وذلك اتصالا بقضية أثارت جدلا سياسيا وقضائيا واسعا في البلاد.
خطوة تعتبر غير مسبوقة في تاريخ القضاء الإسباني. مؤكدة أن العدالة في البلاد لا تستثني أحدا وأنها تطال الجميع دون تمييز.
جاء هذا القرار التاريخي عقب انتهاء جلسات التحقيق التي باشرها “القاضي أنخيل لويس هورتادو”، منذ العام الماضي. وذلك على خلفية اتهام تم توجيهه ل”أورتيز” بتسريب مراسلة سرية بين “المحامي ألبيرتو غونزاليس أَمادور”، شريك رئيسة “جهة مدريد”، إيزابيل دياز أيوسو”. وجهات قضائية. ذات صلة بملف ضريبي وصفقة قضائية محتملة.
وعلى الرغم من جسامة التهمة الموجهة. فقد قرر القاضي عدم تعليق مهام المدعي العام أو توقيفه مؤقتا. مكتفيا بفرض كفالة مالية قدرها 150 ألف يورو، يتعين على “أورتيز” دفعها خلال خمسة أيام. تحت طائلة الحجز على ممتلكاته لتغطية أية تبعات مالية محتملة.
وتعتبر هاته المحاكمة هي الأولى من نوعها في تاريخ إسبانيا الحديث. حيث لم يسبق أن تم توجيه أية تهمة لرئاسة النيابة العامة. وهو الأمر الذي دفع المتتبعين لاعتبارها سابقة قضائية ستشكل اختبارا حقيقيا لاستقلالية العدالة ومصداقية المؤسسات.
وفي أول رد فعل رسمي، أكدت الحكومة الإسبانية، على لسان المتحدثة باسمها ووزيرة التعليم، “بيلار أليغريا”. “ثقتها الكاملة” في براءة “أورتيز”، معتبرة أن قرار المحكمة لا يغير من دعمها له.
في سياق متصل، اعتبر “حزب الشعب” المعارض: أن “أورتيز” “لم يعد مؤهلا أخلاقيا للاستمرار في منصبه”. مطالبا باستقالته الفورية حفاظا على ما تبقى من ثقة الرأي العام في المؤسسة القضائية.
تجدر الإشارة إلى أن المادة 417 من القانون الجنائي الإسباني تعاقب على جريمة إفشاء الأسرار من قبل الموظفين العموميين بالسجن والغرامة. وهو ما يعرض “أورتيز” في حالة الإدانة لعقوبات ثقيلة.
وفي تفاعلات هاته القضية، من المتوقع أن تفجر هاته المحاكمة نقاشا واسعا حول العلاقة بين السلطتين القضائية والتنفيذية في “إسبانيا”. وذلك في ظل تصاعد الانتقادات بشأن تسييس الجهاز القضائي وتوظيفه في معارك انتخابية.