طالب قضاة المغرب بتحقيق زيادة في أجورهم. معتبرين أن هاته الخطوة ضرورية لتعزيز استقلالية السلطة القضائية ومواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجههم. وذلك اتصالا بارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المادي للفئات ذات الرتب الأدنى.
وأكد القضاة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على ضرورة الزيادة في أجورهم. معتبرين أن العدالة الاجرية ضمانة أساسية لدعم استقلال القضاء ومواكبة المعايير الدولية.
وفي هذا السياق، قال “عبد الرزاق الجباري”، الرئيس السابق ل”نادي قضاة المغرب”: إن تحسين الوضع المادي للقضاة يعكس إدراكا بأهمية العدالة وحيادية القضاء.
وقال “هشام العماري”، رئيس “نادي قضاة المغرب”، في تصريح إعلامي: إن المطالبة بزيادة الأجور ليست جديدة. مضيفا: أن النادي” كرر هذا المطلب في مذكرات سابقة. مبرزا أن الأمر يتعلق تحديدا بقضاة الدرجات الأولى والثانية والثالثة. معتبرا أن الزيادة في الأجر مطلب يسهم في إنصاف هاته الفئة الاجتماعية.
وأوضح قائلا: إن “النادي” يتواصل مع “المجلس الأعلى للسلطة القضائية” والجهات المختصة لتلبية هذا المطلب وتحسين الوضعية المادية للقضاة. واصفا إياه بالعادل والمشروع. مضيفا أنه يعتبر ضرورة ملحة لتحصين استقلالية القضاة المالية، بما يضمن أداء رسالتهم بكفاءة وحيادية وبعيدا عن كافة الضغوطات.
ويعتبر القضاة أن تلبية هذا المطلب سيسهم في تحقيق الأمن الاقتصادي والاجتماعي، خاصة وأن القانون يمنعهم من المشاركة في بعض الأنشطة الاقتصادية لتحسين الدخل. مبرزين أن تحسين أوضاعهم المادية يعتبر أمرا حتميا لدعم استقلالية القضاء وبالتالي ضمان حيادية منظومة العدالة وتقويتها.
استقلال القضاء بين الضمانات القانونية والواقع المادي
يعتبر استقلال القضاء ركيزة أساسية في أي نظام ديمقراطي. حيث يكفل “الدستور المغربي” في فصله 109 استقلالية السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. فيما تؤكد المادة 11 من “المرسوم رقم 2.18.659″، المتعلق بالوضعية الأساسية للقضاة. على مبدأ استقلالية القاضي.
وارتباطا بهاته الضمانات القانونية والدستورية يبقى ضمان الاستقلال المالي عنصرا عنصرا أساسيا وحاسما في ترجمة هاته الضمانات إلى واقع ملموس.
ووفقا لتقارير دولية، فإن “المغرب” يحتل مرتبة متوسطة في مؤشرات استقلال القضاء على الصعيد العالمي. حيث تحدث تقرير صادر عن “المنتدى الاقتصادي العالمي” عن تحديات تتعلق بالحوكمة والشفافية. وهو ما يفرض إعادة النظر في العوامل التي تدعم استقلالية القضاة، بما في ذلك ضمان العدالة الأجرية وتوسيع الضمانات الاجتماعية.
استقلال القضاء وضمان استقلالية القضاة الاقتصادية
يواجه القضاة في المغرب، خاصة الفئات المصنفة في الرتب الدنيا، أي الدرجات الأولى والثانية والثالثة. صعوبات مادية متزايدة اتصالا بارتفاع معدلات التضخم وتكاليف المعيشة. كما أن المشرع يمنع القضاة من الانخراط في أنشطة اقتصادية بسبب القيود القانونية والأخلاقية المفروضة عليهم. وهو ما يجعل رواتبهم هي المصدر الأساسي للدخل. الأمر الذي يخلق فجوة بين متطلبات الحياة الكريمة والموارد المتاحة. مما يهدد استقلالية القضاء تحت ضغط الصعوبات المادية.
تجدر الإشارة إلى أن البيانات الصادرة عن “المندوبية السامية للتخطيط” تؤكد أن معدل التضخم السنوي يتجاوز 6% في بعض الفترات. وهو ما يؤثر سلبا على القوة الشرائية للقضاة.
وفي هذا الصدد قال “عبد الرزاق الجباري”، الرئيس السابق ل”نادي قضاة المغرب”: إن “تحسين الوضع المادي للقضاة ليس مجرد مطلب مادي. بل هو انعكاس للإدراك بأهمية العدالة وحيادية القضاء. القاضي الذي لا يشعر بالاطمئنان المالي لا يمكنه أن يحكم بحيادية تامة”.
من جهته، قال “هشام العماري”، رئيس “نادي قضاة المغرب”: إن “المطالبة بزيادة الأجور ليست جديدة، وقد كررنا هذا المطلب في مذكرات سابقة. نحن نتواصل مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية والجهات المختصة لتحسين الوضعية المادية للقضاة، وهذا المطلب عادل ومشروع”.
يأتي هذا المطلب الذي حملهه القضاة من الوعي بأهمية استقلالية القضاء. فالقضاء المستقل هو حجر الزاوية في أي ديمقراطية حقيقية. كما أنه لا يمكن الحديث عن أي حرية بدون عدالة. ولا عن عدالة بدون قضاء مستقل.
تحقيق عدالة أقوى رهين باستقلالية فعلية
تبقى مطالب القضاة المغاربة بزيادة الأجور جزء أساسي من معركة أكبر لتعزيز استقلالية القضاء وضمان نزاهته، وليست معركة فئوية فحسب. وذلك ارتباطا بالتحديات الاقتصادية والقيود المهنية. وهو ما يجعل تحسين الوضع المادي للقضاة شرطا ضروريا لتحقيق العدالة المنشودة وبناء نظام قضائي مستقل.