استيقظت مساجد متواجدة بضواحي العاصمة الفرنسية، “باريس”. على رؤوس خنازير موضوعة أمام أبوابها. في سلوك يعكس الكراهية المتفشية في الأوساط الفرنسية اتجاه المعتقدات الدينية، وخاصة الإسلامية منها.
هاته الحادثة ليست الأولى من نوعها التي يتم تسجيلها. بل سبقتها عدة حوادث مشابهة. إلا أن ما يميز هاته الحادثة كونها تأتي في سياق تنامي “الإسلاموفوبيا” في “فرنسا” بشكل غير مسبوق. مغداة بخطاب سياسي وإعلامي تحريضي.
فهاته الواقعة تعكس المناخ العام السائد في “فرنسا” المتسم بإهانة الرموز الدينية واستغلال المشاعر العامة لتغذية خطاب الكراهية. لأن استخدام رؤوس الخنازير، لم يكن من قبيل الصدفة. بل عملا متعمدا للمس بمشاعر المسلمين الذين يعيشون في فرنسا. وهو ما يمثل ضربا لحقهم في العبادة وممارستها في أجواء من الاحترام والأمن والأمان.
الردود الرسمية الفرنسية لم تتجاوز الشكل التقليدي للتعبير الخجول، أي إطلاق تصريحات شجب ووعود بفتح تحقيق في الموضوع. والتي تبقى محتشمة ولا ترقى لمستوى التصدي للنزعة المتفشية في الأوساط الفرنسية المستهدفة لحرية المعتقد. علما أن مرتكبي هاته الأفعال ليسوا مجهولين. وهو ما يفتح آلاف الأقواس من التساؤلات حول المسؤوليات؟.
الوقائع وما حملته من صدمة في نفوس المسلمين لا يمكن التعاطي معها من بوابة السلوك الفردي النشاز. بل من بوابة المناخ الثقافي والإعلامي المشرعن والمحتضن لهاته السلوكيات المنافية لحقوق الإنسان والمحرضة على الكراهية والتطرف.
فاستمرار الاعتداءات ومحدودية الرد تطرح سؤال “مواطنية” المسلمين ذاخل الجمهورية الفرنسية. وهو ما يفجر لدى أفراد الجالية المسلمة شعورا، يتسع يوما بعد يوم. بأنهم بين مطرقة التطرف وسندان صمت السلطات الفرنسية وعدم بثرها لهاته الثقافة التحريضية ضد الإسلام والمسلمين.
واقع تعكسه كتابة اسم رئيس الجمهورية الفرنسية على بعض الرؤوس، لإضفاء الشرعية على المؤسسات الرسمية في الفعل. وهو ما يمثل تحولا خطيرا في مسار التعاطي مع واقع الحقوق والحريا في عاصمة الأنوار.
والسؤال المرجعي الذي تفجره هاته الأحداث ذا صلة بقدرة الجمهورية الفرسية على حماية قيمها ومواجهة التطرف؟. أم أنها ستصبح جزءا من التطرف مغدية له من خلال ما يتم نشره من ثقافة الإلغاء للآخر؟. لأن الصمت المؤسسي أخطر من الفعل نفسه. والتفرج على مشاهد تغذيته جريمة رسمية في حق فرنسا والقيم التي حملتها الثورة الفرنسية.
واقع يتطلب من الجهات الرسمية التحلي بالمسؤولية والشجاعة لمواجهة هاته الثقافة. وذلك عبر تكريس خطاب سياسي مسؤول، يعترف بالمواطنة للجميع بعيدا عن المعتقدات. وتفعيل آليات حماية دور العبادة. مع تجريم المس بالأماكن الرمزية المقدسة لكافة الأديان. فضلا عن التصدي بقوة لثقافة التمييز والعنصرية التي بدأت تتسع.