مشروع “مراقبة الدردشة”: حماية للقاصرين أم إنها للخصوصية؟

العدالة اليوم

العدالة اليوم

 

يستعد “الاتحاد الأوروبي”، هذا الشهر. للقيام بخطوة مثيرة للجدل، قد تغير وجه الاتصالات الرقمية كما نعرفها. ويتعلق الأمر بمشروع “مراقبة الدردشة” (Chat Control).

ويهدف القرار لمكافحة ما اسماه “المحتوى الضار بالقاصرين”. لكنه يثير مخاوف جدية بشأن انتهاك الخصوصية والحريات الفردية.

المشروع، الذي يُنظر إليه على أنه ذو “نوايا نبيلة”. يفرض على منصات التراسل والتخزين السحابي، مثل “واتساب” و”غوغل درايف”،مسح رسائل المستخدمين وصورهم ومقاطع الفيديو الخاصة بهم قبل إرسالها أو تحميلها.

عملية يطلق عليها اسم “المسح من جانب العميل” (client-side scanning). والتي تعني أن محتوى المستخدم سيتم فحصه على جهازه الخاص قبل أن يتم تشفيره وإرساله.

وعلى الرغم من أن الهدف المعلن هو محاربة الجرائم المتعلقة بالاعتداء على الأطفال. إلا أن النقاد يرون في فيه سيفا ذا حدين. منبهين لتداعياته الخطيرة. ضمنها فقدان التشفير، حيث سيشكل هذا الإجراء ضربة قاضية لمبدأ التشفير من طرف إلى طرف، الذي يضمن سرية الاتصالات. كما أن المسح المسبق للمحتوى يجعل البيانات عرضة للمراقبة قبل أن تتحول إلى صيغة غير قابلة للقراءة.

كما أن هاته الخطوة ستفتح الباب على مصراعيه أمام المراقبة الجماعية، مثيرا تساؤلات عن الجهة التي ستقوم بالمسح ومن سيصل إلى نتائج العملية. فاتحا الباب امام إمكانية وصول الحكومات أو أطراف ثالثة إلى هذه البيانات. وهو ما يعني مراقبة جماعية غير مسبوقة للمواطنين. الأمر الذي سيحول المجتمعات من حالة “الحرية” إلى حالة “التضييق والإذن المسبق”. حيث ستركز قاعدة جديدة مفادها أن الكل مذنب حتى تثبت براءته.

كما أن هذا النظام سيعتمد على الذكاء الاصطناعي، وهو ما يزيد من احتمالية حدوث أخطاء. كالإبلاغ عن عائلة ترسل صورا عائلية عادية على أنها ترتكب جريمة. مما قد يتسبب في صدمات نفسية وإجراءات قانونية غير مبررة.

إجراء قد يدفع بالمجرمين لاستخدام منصات أكثر سرية وغير خاضعة للتنظيم. وهو ما يجعل جهود المراقبة في المنصات الرئيسية غير فعالة. وبالتالي تضييق الخناق على الأبرياء فقط دون الجناة الفعليين.

المدافعون عن الخطوة رفعوا شعارا مركزيا مفاده: “إذا لم يكن لديك ما تخفيه، فلماذا تقلق؟”. وهو مفهوم خاطئ لا يميز بين “السرية” والخصوصية”.

فالخصوصية ليست مرادفا لإخفاء الأسرار، بل هي حق أساسي في الحفاظ على مساحة شخصية غير مرصودة. وهي أساس المجتمعات الحرة والديمقراطية.

تجدر الإشارة غلى أن هذا النظام ظل قيد الدراسة والنقاش منذ عام 2022. وهو يمثل تجولا كبيرا في العلاقة بين الفرد بالتقنية والدولة. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.