يعتبر الأدب أقوى سلاح لتغيير المجتمعات ومواجهة الظلم والتهميش والإقصاء، فهو الرافعة القوية لصوت المهمشين. بهاته الكلمات المستوحاة من مقولة الفيلسوف “جان بول سارتر”. وعلى هذا الوقع الأدبي كان لقاؤنا بالشاب والكاتب الواعد “بلال عنتر” بمقر إقامته في “الرباط”. تقاسمنا تفاصيل رحلته الإبداعية المؤثرة المنطلقة من أزقة صفيح مدينة “القنيطرة” لتصل لأروقة كلية الحقوق وأضواء المنصات الثقافية، معلنا عن إطلاق روايته الأولى “السجن أرحم لي”، قريبا.
انطلق “بلال”، ابن مدينة القنيطرة، ذا 20 عاما. في حياة الإبداع من أزقة الفقر الموجع ليتوجه صوب القانون كطالب في الباكالوروس ب”كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية” ب”سلا”، “جامعة محمد الخامس أكدال” ب”الرباط”.
من الفضاء القانوني إلى مسرح الإبداع الأدبي
من الدراسات القانونية إلى الإبداع الأدبي تفتحت مسيرة “بلال” ليصبح عضوا نشطا في “شبكة القراءة بالمغرب – فرع الرباط”، وهي شبكة مجتمعية تهدف لتشجيع القراءة. فالعضوية في “لجنة تحكيم جائزة الشباب للكتاب المغربي”، كمبادرة تهدف لدعم المواهب الشابة.
رواية “السجن أرحم لي” إحياء لذكرى الألم والأمل في غد أفضل
تمثل رواية “السجن ارحم لي”، المرتقب صدورها خلال الأيام القادمة. العمل الأبرز في مسيرة “عنتر” الأدبية. وهي رواية اجتماعية تراجيدية تستحضر الواقع المأساوي لأحياء الصفيح، متخذة من “مدينة القنيطرة” خلفية لها.
تعتمد الرواية على تجربة الكاتب الشخصية، مجسدة في شخصية الطفل “أسير”، لترسم انتقالا مؤلما من ماض مليء بالانكسارات إلى حاضر يبحث فيه عن النجاة عبر التعليم والأدب.
عمل يذكرنا بمقولة الكاتب المغربي “الطاهر بن جلون: “الكتابة فعل مقاومة. أنا أقاوم النسيان، أقاوم الصمت”. وهو بالضبط ما يؤكده “عنتر” حيث يقول: “وجدت في الكتب ملاذا من قسوة الواقع، والكتابة هي محاولتي لمقاومة ذلك الواقع وتغييره، ولو بقصة واحدة”.
رحلة في عوالم التألق على الرغم من صغر السن
لم ينتظر “بلال” صدور روايته ليبدأ مشواره مع التألق، حيث كان أول ظهور أدبي له عبر تقديم قراءة نقدية لرواية “طيف سببية”، للكاتبة “لطيفة لبصير”. وذلك على هامش فعاليات “المعرض الدولي للكتاب بالرباط”. لافتا انتباه الحضور بحسه النقدي المتقدم.
تنوع عطاء الشاب “بلال” بين الشعر الحر، الموسوم بإبداع مجموعة من القصائد التي شارك بها في أندية ومراكز ثقافية. ضمنها: “أيي”، “لحن الحياة”، “صرخة يتيم”، “تراتيل الحب”، و”حلم الطائر الجريح”. إلى تجربة مسرحية مميزة، من خلال مشاركته في مسرحية “كأس قهوة” للمخرج “محمد تيمد”. وهو ما وسع دائرة تجاربه التعبيرية.
ولعل دراسة “بلال” للقانون مكنته من امتلاك أدوات فهم البنى الاجتماعية والقانونية التي قد تساهم في إدامة أو حل إشكاليات مثل تلك التي يعاني منها سكان أحياء الصفيح. كما أن كتاباته قد تشكل، مستقبلا، جسرا بين العالم الأدبي والعالم القانوني.
يطمح “بلال عنتر”،ليساهم في إثراء مسيرة الأدب المغربي وترك أثر أدبي وإنساني يخلد تجربته ويلهم الآخرين ممن عاشوا ظروفاً مشابهة. حاملا قلمه كأداة للتعبير عن الذات وإحياء القضايا الاجتماعية ذات الصلة بالإنسان. مؤمنا بأن القراءة والكتابة “ليستا مجرد هواية، بل هما فعل مقاومة وبناء”.