الهجرة والمهاجرين وفق مفهوم الظلم “الترامبي”

د. العمراني عثمان

د. العمراني عثمان

 

قد يكون “ترامب”، الأمبراطور الأمريكي، محقا في تدخله امام “الجمعيه العامة للأمم المتحدة”، حينما قال: إن الهجرة السرية هي أم المشاكل. وبالتالي فهو يركز ضمنيا على محاربة الهجرة السرية والمهاجرين السريين في بلد كبير مثل “الولايات المتحدة الأمريكية”. لكن دون أن يخبرنا عن الطريقة التي سيتم بها تحقيق ذلك. فقوله يعكس ضمنيا، بأن هاته الأساليب لوقفها وفق منظور “الترامبية” ستتجاوز الأساليب القانونية التي ستدوس على حقوق الإنسان.

منطقيا، فالرجل يدافع عن بلده كقوة عظمى من أجل الحفاظ عليه من الهجرة السرية التي تضر به، حسب اعتقاده، وحسب مركزه على رأس الهرم في السلطة. وأيا كان في موقع السلطة سيقوم بنفس الخطوة، أي حماية مصالح البلد. لكن بأساليب و طرق أخرى حضارية تراعى حقوق البشر.

كما أن “الولايات المتحدة الأمريكية”، ومن موقع تحكمها في جل دول العالم. ومحاولتها إخضاع باقي الدول غير الخاضعة لسيطرتها، أو المارقة حسب توصيفها. فهي بسبب منطق حضورها غير الأخلاقي وتدخلاتها العنيفة وتهديدها للدول الرافضة لطوقها بالتدخل العسكري، تحدث حالة من عدم الإستقرار في مختلف مناطق العالم. مسببة بذلك الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفوضى. وهو ما ينتج عنه هجرات قسرية بسبب المجاعة وعدم الاستقرار، خصوصا في الدول المجاورة “للولايات المتحدة الأمريكية” نفسها، ضمنها “المكسيك” التي التهمت “الولايات المتحده الامريكيه” نصف مساحتها الشمالية. و”كوبا” التي تتعرض للحصار الأمريكي. و”فنزويلا” التي تعيش تحت وطأة التهديد.

الهجرة ليس مشكلة كما عرفها الرئيس الأمريكي.بل على العكس من ذلك فهي ظاهرة اجتماعية، عالمية تاريخية لم يسلم منها أحد. فهي نتاج أزمات اجتماعية، اقتصادية والأخطر سياسية. نتاج رغبات فردية أو جماعية مقرونة بتواجد البشر.

“ترامب” لم يحدد أسباب الهجرة السرية. كما أنه لم يقدم المسببات التي تدفع آلاف “المكسيكيين” للمغامرة من أجل معانقة الحلم الأمريكي. ولم يتوقف حول المشكل الحقيقي في تفاقم الهجرة التي تصل حد النزوح. أي أنه لم يقف عند الظاهرة في أبعادها المتعددة، وبالتالي لم يقدم حلولا لها. والاخطر من ذلك كله هو دور “الولايات المتحده الامريكيه” في إنضاج هاته الأزمات وتقوية فصولها المأساوية.

“ترامب”، الرئيس المثير للجدل، مستندا على كرسي الزعامة المدعومة بالقوة العسكرية. يتناسى أن “الولايات المتحدة الأمريكية”، موجودة بالأساس بسبب سواعد المهاجرين من كل أنحاء العالم، الذين ساهموا ويساهمون في بناء أقوى قوة اقتصادية وعسكرية في العالم.

كان من الأجدى ل”ترامب” بدل أن يحمل الهجرة والمهاجرين المسؤولية، أن يتحدث عن “عدالة” الاستغلال ونهب الثروات والخيرات التي تمارسها “الولايات المتحده الامريكيه”. والسياسات الظالمة التي تدير بها دول العالم مستعينة بالتدخلات المباشرة، عبر استعمال القوة العسكرية. أو غير المباشرة، من خلال خلق أجواء التوثر والانقلابات التي تفجرها “السي آي إي”. فضلا عن دعمها لممارسة الظلم وقتل الأطفال والنساء في أماكن مختلفة من دول العالم، خاصة في المنطقة العربية. باسم الحقوق والحريات والديمقراطية كشعارات ديماغوجية لتبرير التسلط والقتل والنهب.

فالهجرة كظاهرة، وعلى خلاف توصيف “ترامب” لها. هي حالة اجتماعية ممتدة على مر الزمان، عرفتها كل مناطق العالم. ولن تنتهي إلا بإزالة الأسباب الظالمة المولدة لها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.