مكناس: “مؤسسة وسيط المملكة” تنفتح على محيطها وتدعو لإقامة إدارة عمومية عادلة ومنصفة

ياسين بن عدي 

ياسين بن عدي 

 

تحت شعار: “الإدارة المغربية ورهان المساواة بين الجنسين”. انعقد بمقر المندوبية المحلية ل”مؤسسة وسيط المملكة بعمالة مكناس”، صباح أمس الثلاثاء. لقاء تفاعلي في إطار البرنامج الوطني “نحو إدارة المساواة”.

وقد شكل هذا الحدث محطة هامة في مسار إصلاح الإدارة العمومية، من اجل جعلها أكثر عدالة وشفافية. وضامنة بالتالي لتكافؤ الفرص بين المواطنين دون أي تمييز.

حضور متنوع وتفاعل غني

جمع هذا اللقاء الهام ممثلين عن فعاليات المجتمع المدني، أساتذة باحثين ب”جامعة المولى إسماعيل” وطلبة في سلك الدكتوراه وإعلاميين محليين. وهو ما أضفى على النقاش طابعا تشاركيا واسعا، جسّد انفتاح المؤسسة على محيطها الجمعوي والأكاديمي.

في كلمته الافتتاحية، أكد “محمد حلوان”، المندوب المحلي للمؤسسة بمكناس. أن هذا البرنامج ليس مجرد مبادرة توعوية، بل تنزيل عملي لمقتضيات الدستور المغربي المتعلقة بالمساواة وتكافؤ الفرص ومحاربة التمييز. مشددا على أن نجاح هذا الورش رهين بإقامة شراكة استراتيجية مع المجتمع المدني والجامعة، باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لتشخيص الاختلالات واقتراح الحلول.

ورشات تشخيصية وإشكالات بارزة

توزعت محاور اللقاء على أربع ورشات تناولت قضايا أساسية مرتبطة بالمساواة: العقار، المعاشات، التغطية الصحية والاجتماعية والوثائق الإدارية.

في سياق متصل، قدمت “ابتسام حموشي”، متصرفة بالمندوبية. عرضا وقفت من خلاله على عدة اختلالات مسجلة، ضمنها.

ففي مجال الحماية الاجتماعية تم تسجيل صعوبة في حصول الأمهات الحاضنات على التعويضات العائلية بعد انحلال الأسرة. مع وجود تعقيدات تحد من ولوج النساء لبرامج الدعم والتغطية الصحية.

وفيما يتعلق بالمعاشات، تم تسجيل حرمان الأزواج من معاش زوجاتهم الموظفات بعد وفاتهن. في مقابل استفادة النساء من نصف معاش أزواجهن. وهو ما يكشف عن تمييز واضح.

بينما تم تسجيل استمرار وجود عراقيل أمام النساء لحظة الرغبة في الحصول على الوثائق الإدارية، خاصة في العالم القروي. وتحديدا لحظة الرغبة في الحصول على وثائق أبنائهن بسبب العقلية الذكورية السائدة.

أما فيما يتعلق بالعقار. فقد تم تسجيل استمرار إقصاء النساء السلاليات من الاستفادة الفعلية من حقهن على الرغم من المذكرات الوزارية الصادرة. إضافة لتصنيف السكن باسم المرأة كـ”ثانوي” وهو ما يثقل كاهلهن بالضرائب.

نقاش حيّ ومقترحات عملية

مداخلات المجتمع المدني والطلبة الباحثين انصبت على ضرورة التطبيق السليم لمبدأ المساواة، خاصة في الخدمات الموجهة للفئات الهشة كالأرامل والمطلقات وكبار السن. كما تم اقتراح توصيات عملية أبرزها:

ففي مجال العقار، تمت الدعوة لتعميم منصات رقمية لتبسيط المساطر، تعزيز الشفافية وتوسيع برامج التوثيق. أما فيما يتعلق بالمعاشات، فقد تم اقتراح توحيد الأنظمة، رقمنة الإجراءات وتعميم التغطية التضامنية. وفي الشق ذا الصلة بالتغطية الصحية، تم التأكيد على إحداث نظام ضمان صحي مجاني، تقوية البنيات الأساسية والتعاون مع الجمعيات. وفيما يخص الوثائق الإدارية، فقد تم التنبيه لضرورة القيام برقمنة شاملة للإجراءات، إحداث مكاتب متنقلة وتكوين الموظفين على مبادئ الحكامة والمساواة.

توصيات ختامية ورؤية مستقبلية

خلص اللقاء لجملة من التوصيات الاستراتيجية، ضمنها: اعتماد نهج ترابي يراعي خصوصيات كل منطقة. مع تعزيز اللامركزية والمراقبة المستقلة لأداء الإدارات. إضافة لإشراك المجتمع المدني في تقييم السياسات العمومية. فضلا عن تنظيم ندوة علمية ب”جامعة المولى إسماعيل” في موضوع “نحو إدارة المساواة”.

كما اقترح المشاركون إحداث “مجلس المساواة المحلي” كآلية دائمة للتشاور. وذلك بغاية تقليص الفوارق الجنسية والاجتماعية. مع تمكين النساء والشباب من لعب أدوار قيادية في التنمية المحلية.

صوت المجتمع المدني

في كلمة قوية، قال “حسن جبوري”، رئيس الفضاء الجمعوي للتنمية التشاركية. “نحن لا نطالب بامتيازات، بل نطالب الدولة بتنفيذ ما نصّ عليه الدستور: المساواة، الكرامة والعدالة”.

ويشكل البرنامج الوطني “نحو إدارة المساواة” فرصة تاريخية لإعادة بناء علاقة جديدة بين المواطن والإدارة، على أساس الثقة والإنصاف والكرامة. غير أن السؤال الجوهري يبقى مطروحا: هل ستنجح الإدارة في ترجمة هذه التشخيصات والتوصيات إلى واقع ملموس يضمن عدالة حقيقية للجميع؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.