“جمعية مفتاح السعد”: الدفاع عن استمرار “الخطارة” دفاع عن الحياة والاستدامة

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

سعيا من “مؤسسة مفتاح السعد للرأسمال اللامادي بالمغرب”، بقيادة رئيستها الفعلية “لالة بدر السعود العلوي”. للدفاع عن هذا الرأسمال وتثمينه وجعله أسلوب تدبير فعلي يضمن الحفاظ على الهوية التاريخية والثقافية والإنسانية الرابطة بين الإنسان والأرض والعلاقة الناظمة بينهما. وضمن هذا التراث تحضر “الخطارات” كقيمة شامخة تحكي قصة زمن انطلق من القرن 11 وممتدة حتى وقتنا الراهنة، طارحا إشكالات ذات صلة بضمان استدامتها كإرث حي صيق للإنسان والبيئة.

نظمت المؤسسة لقاء تواصليا بمقرها بسلا يومه السبت 27 شتنبر الحالي. من اجل إطلاق منصتها الرقمية www.miftahkhettara.com الهادفة للتعريف والدفاع عن “الخطارة” كفعل لامادي ملتصق بالإنسان المانح للمناطق الجنوبية الحياة. والمنظم تحت شعار “رقمنة عبقرية الخطارة حماية للتراث المائي المغربي”.

اللقاء المنظم تناول عدة ورقات تعريفية سواء ب”الخطارة” كإنجاز بشري عبقري كبير ممتد من القرن 11 وإلى اليوم. والدفاع عن هذا الإرث المائي من خلال قنوات عدة للترافع عن هاته الهامة التاريخية. سواء عبر كتيب “الخطارة معارف ومهارات” المنجز من قبل المؤسسة. وهو عبارة عن كتاب معد بطريقة الصور وموجه للأطفال. أو من خلال البوابة الرقمية المعدة في هذا الباب، والتي أعطيت خلال اللقاء إشارة انطلاقتها لتكون رسولا فعليا عبر فضاء الرقمنة لإيصال رسائل ذات صلة ب”الخطارة” وقيمتها كتراث مائي إنساني يجب المحافظة عليه وصيانته وإمداده بكل مقومات الحياة، ضمانا لاستدامته كتراث تاريخي وإيكولوجي هام. ليبقى المغرب من بين الدول القلائل التي لا تزال تتمتع بأنظمة ري ونقل للمياه عبر أروقة تحت أرضية اصطناعية يطلق عليها “الخطارات”.

المؤسسة التي أخذت عتلى عاتقها منذ تأسيسها عقب خطاب العرش المولوي لعام 2014. والذي أكد فيه صاحب الجلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. أن الرأسمال غير المادي يعتبر من أحدث المعايير المعتمدة دوليا، لقياس القيم الإجمالية. حمل هاته الرسالة المتعددة الابعاد والدفاع عنها وتقريبها من الناس عبر تقريب معالم جمالها وقوتها وإنسانيتها.

خطاب سام وقف على القيمة الفعلية للتراث اللامادي ودوره الهام في الحفاظ على الهوية والذاكرة التاريخية للمغرب والمغاربة والتي تشكل مفخرة تتوارثها.

"الخطارات" المغربية: صراع تراثي ضد الاندثار
الخطارة

الترافع عن الخطارة باعتبارها كنز يجب الحفاظ عليه 

أخدت “مؤسسة مفتاح السعد للرأسمال اللامادي بالمغرب” على عاتقها رسالة الترافع عن “الخطارة” وطنيا ودوليا منذ عام 2015 بدعم من وزارة الثقافة وشركاء آخرين. مسجلة عام 2019 هاته المعلمة التراثية ضمن قائمة التطبيقات المقترحة في التقرير السنوي الصادر عن “المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية IRES”. كما تم تضمينها ضمن لائحة الجرد السنوية عام 2020. إضافة لإرسال الملف رسميا “للهيئة الدولية “لليونسكو”” لتسجيل “الخطارة” ضمن التراث الإنساني الدولي. فضلا عن اعتمادها كمنشأة للري والتصريف واعتبارها تراثا إسلاميا عام 2022…

ويبقى الحفاظ على “الخطارة” كإرث إنساني رفيع من اهم الخطوات المعتمدة من قبل المؤسسة للحفاظ عليها عبر ترميمها وإعادة تأهيلها ونقل هاته التحفة المائية للأجيال الصاعدة.

تجدر الإشارة إلى أن “الخطارات” تنتشر في خمس جهات من المملكة المغربية. وقد عمل المؤتمر الدولي الأول للواحات ونخيل التمر المنعقد ب”مدينة ورزازات” عام 2023 على وضع خريطة طريق لإعادة تأهيلها وحمايتها من اجل استدامة دورها في التنمية الاجتماعية والبشرية.

كما تجدر الإشارة أيضا إلى أن أول “خطارة” تمت إقامتها على عهد “المرابطين”، وفق ما نقله “الشريف الإدريسي”. والتي أحدث إطلاقها حينها ب”مدينة مراكش” نقلة مائية كبرى، بعد أن كانت المياه لا تكفي إلا لتغطية حاجيات الحامية العسكرية المتواجدة بها. لتنتشر لاحقا في الفضاءات الصحراوية وتصبح بالتالي مكونا اقتصاديا وثقافيا هاما في عدة مناطق من المغرب. ولا زال هذا الإرث حيا حتى وقتنا الراهن. وتشير الإحصائيات أن حوالي 300 الف شخصا يستفيدون بشكل مباشر أو غير مباشر من الأنشطة الاقتصادية ذات الصلة ب”الخطارات”.

"الخطارات" المغربية: صراع تراثي ضد الاندثار
الخطارة

“الخطارات” هيكل إيكولوجي هيدروليكي صديق للإنسان 

تسمح “الخطارات” بنقل المياه الجوفية عبر الصحراء القاحلة، وهي لا تحتاج لأي مجهود ميكانيكي وبالتالي لا تبعث الغازات المسببة للاحتباس الحراري. كما تساهم “الخطارة” في استقرار الساكنة وضمان استدامة الموارد الاقتصادية وبالتالي الحد من التصحر. فضلا عن العلاقات الاجتماعية المنسوجة في عملية السقي والتي تقوم على أساس ديمقراطي من خلال تقاسم المياه بالتساوي. واتصالا بالمعايير المعتمدة من قبل “اليونسكو” بشأن حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي. والتي لا تقف عند حدود معيار واحد. فإن “الخطارة” تتوفر على 7 من هاته المعايير الموضوعة والمطلوبة من قبل المنظمة وعددها. وهو ما يقوي إمكانية اعتمادها من قبل هاته المنظمة الثقافية الكونية.

"الخطارات" المغربية: صراع تراثي ضد الاندثار
الخطارة

“الخطارة” التاريخ القوي المحتاج لإمداده بالحياة

تواجه “الخطارة” في واقعنا المعاصر خطر الاندثار إذا لم تعمد المؤسسات الرسمية وهيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص والساكنة على إمدادها ب”أوكسيجين الحياة” لتلافى السكتة القلبية. وذلك من خلال صيانتها وإعادة تأهيلها حفاظا على جودة المياه وضمانا لاستدامة صبيبها وبالتالي مساهمتها في الدورة الاقتصادية المحلية. وهو ما سعت المؤسسة جاهدة على تحقيقه من خلال هاته الخطوة الهامة.

فالدغاع عن “الخطارة” دفاع عن الحياة وعن الاستدامة في توفير موارد دخل قارة للساكنة والحد من إشكاليات الهجرة من تلك المناطق المتسمة بالجفاف وندرة المياه.

لالة بدر السعودي العلوي: “الخطارة” رمز إنسي إيكولوجي يستحق الدفاع عنه من اجل الحياة 

اعتبرت “لالة بدر السعودي العلوي”، رئيسة “مؤسسة مفتاح السعد للرأسمال اللامادي بالمغرب”، في تصريح للجريدة. أن تأسيس هات المؤسسة المهتمة بالرأسمال اللامادي، جاء استجابة لمضامين خطاب عيد العرش السامي لعام 2014، والذي أكد من خلاله جلاله الملك، محمد السادس، نصره الله. على أهمية التراث اللامادي دوليا باعتباره من أحدث المعايير المعتمدة دوليا لقياس القيمة الإجمالية.

وأوضحت “لالة بدر السعودي” أن “الخطارة” تعتبر جزءا أساسيا من هذا التراث الذي يجب الحفاظ عليه وإمداده بمقومات الحياة. انطلاقا من كونه يعبر عن الهوية المتأصلة الممتدة منذ القرن 11 م. فضلا عن كونه معبرا عن العمق الحضاري للمملكة المغربية الشريفة. وبالتالي فالمحافظة عليه هو ترسيخ لهاته القيمة المثلى لأي شعب من الشعوب التي لا يمكن ان ننسلخ منها.

وأكدت على ضرورة اقتفاء اثر التوجيهات الملكية السامية الداعية للحفاظ على الهوية المغربية التاريخية والحضارية والثقافية والإنسانية. ونقلها للأجيال المتعاقبة. مع ضرورة الوعي بها أولا والمحافظة عليها ثانيا وضمان استدامتها ثالثا.

ووقفت “لالة بدر السعودي” حول “الخطارة” وعظمتها كموروث لا زال يواجه الصعاب من اجل البقاء بالقول: “الخطارة وما ادراك ما الخطارة”، مضيفة أنها تشتغل وروحها تتغذى من الماء، الذي ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم بالقول: “وجعلنا من الماء كل شيء حي”، أي أن أساس وجود الكون كله يتغذى من الماء ويحيا بالماء.

وأوضحت أن “الخطارة” لعبت دورا هاما في الحفاظ على الماء وحسن تدبيره بعبقرية إنسانية رائعة لا تحتاج لا لعلوم ولا لميكانيكا. بل لقيم إنسانية جمعت الناس حولها واضعين قواعد محبة في تدبيرها والحفاظ عليها كقانون متعارف عليه ومتوارث جيل بعد جيل. ومن هنا قيمتها الإنسانية الحاملة لمعاني التسامح والتشارك والديمقراطية في التوزيع، إلى جانب قيمتها المادية والإيكولوجية.

وأبرزت “لالة بدر السعودي” أن ما ضمن الاستدامة لهاته المعلمة التراثية اللامادية هو ارتباطها الروحي، باعتبارها كانت ولا تزال وسيلة لإمداد المسجد والكنيسة وأماكن تعبد اليهود بالماء. وهو الأمر الذي منحها هذا النفس الطويل وضمن استدامتها على الرغم من صعوبة الواقع بتلك المناطق.

وأضافت أن “الخطارة” دافعت عن وجودها بكل عنفوان. مبرزة أنها تنتشر في خمس جهات من المملكة المغربية، وهنا قوة حضورها. مبرزة ان الدفاع عنها كتراث إنساني وإيكولوجي صديق للإنسان واجب على الأفراد كما المؤسسات العامة والخاصة وهو ما يحمله مشروع “المؤسسة” والذي تترافع عنه بقوة.

وأوضحت أنه هذا الدفاع نابع من إيمانها بضرورة خلق الثروة وإدامة الاستقرار فضلا عن ارتباطها بعمق إمارة المؤمنين والتاريخ المغربي الحافل. وهو ما يقتضي المحافظة عليها. مبرزة أنها تفاجأت خلال زيارتها لمدينة “الراشيدية” لما يحيط ب”الخطارة” من قوة حضور وإنسانية علاقات بعيد عن أثرها الاقتصادي والاجتماعي. حيث أنها تفاجأت بوجود شيوخ لهاته “الخطارات” يعملون على تدبيرها وفق الأعراف السائدة من أجل ضمان نفس من الحياة لهاته المنشأة المائية التراثية.

"الخطارات" المغربية: صراع تراثي ضد الاندثار
الخطارة

“OMAR BALDi” خطوة إطلاق موقع خاص بالخطارة خطوة حياة 

في السياق ذاته اعتبر “عمر بالدي OMAR BALDI” أن خطوة إطلاق موقع رسمي “للخطارة” هام جدا لعدة اعتبارات. أولها أنه سيكون وسيلة للتعريف بهذا التراث اللامادي الإنساني. وثانيا لكونه سيكون وسيلة للترافع على قضايا “الخطارة” وجعله ورقة هامة من أجل تقريب اعتراف منظمة “اليونسكو” بهاته المعلمة المائية الإيكولوجية الإنسية.

مدير التراث الثقافي بوزارة الثقافة: حماية “الخطارة” ضمانه للاستدامة الاقتصادية والبشرية بالأقاليم الصحراوية 

من جهته وقف مدير التراث بوزارة الثقافة والشباب والتواصل، “مصطفى جلوق”، الذي حضر اليوم التواصلي نيابة عن الوزير “بنسعيد”. حول مسار عمل وزارة الثقافة و”مؤسسة مفتاح السعد” في تبني والدفاع والترويج “للخطارات”. إضافة للعمل المشترك من أجل اعتمادها ضمن التراث اللامادي لمنظمة “اليونسكو”، مبرزا أن الوزارة وضعت طلبا في الموضوع وتدافع عن هاته الخطوة بكل الوسائل. ولا زالت تنتظر القرار النهائي المتخذ من قبل هاته المنظمة العالمية من أجل اعتماد “الخطارة” كتراث لامادي عالمي.

ووقف حول الواقع المصاحب لهاته المعلمة الإيكولوجية التراثية المنتصبة في عمق الرمال والصحراء والتي تستوجب حمايتها ضمانا للاستدامة والحياة، واقفا حول مجموعة من الإكراهات ذات الصلة بنتائج الجفاف وهو ما يؤثر بعض الشيء على واقع حالها، وهو ما يتهدد وجودها كتراث عالمي، اعتبارا لكون “الخطارة” تراث حي وبالتالي ستكون معرضة للزوال والاندثار إذا لم يكن هناك اهتمام يومي بها واحترام للأعراف المنظمة لتدبيرها.

وأوضح أن الجفاف يأتي ولكنه يرحل حتما. إلا ان المطلوب أكثر هو الاهتمام ب”الخطارة” وإمدادها بسبل الاستدامة، وهنا المشكلة الكبرى التي تتهددها. مبرزا أن هناك مشاكل أخرى قائمة ضمنها انتشار الآبار التي تستعمل محركات وهو ما يقلص من منسوب الفرشاة المائية ويؤدي بالضرورة لانعكاسات خطيرة تعطل ضمان الاستدامة المائية “للخطارات” وبالتالي تهدد وجودها.

وأكد على ضرورة توفر إرادة سياسية وعملية من قبل الجميع للدفاع عن حق “الخطارة” في الوجود والحياة لتبقى رمزا تراثيا غنيا نابضا بالحياة وصديقا للبيئة والإنسان. وتراثا حيا إنسانيا تاريخيا وأنتروبولوجيا. مذكرا في الوقت نفسه بالمجهود الذي تبدله الوزارة للمحافظة عليها علما أن استمراريتها تتطلب مجهودا مضاعفا وصيانة دائمة يومية وأسبوعية لتستمر في أداء مهامها الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية الرفيعة.

"الخطارات" المغربية: صراع تراثي ضد الاندثار
الخطارة

“شيخ الخطارة”: ندعو للمحافظة على “الخطارة” لأنها تعني الحياة 

عبر شيخ “الخطارة، “الصغيري عبد الغاني”. عن سعادته بهاته الخطوة ذات الصلة برقمنة هذا الموروث الحي.

ووقف حول ما يتهدد وجودها، ضمنها الفيضانات والتي أدت لانهيار جزء كبير منها. مؤكدا على أن “الخطارة” هي عصب الحياة في المنطقة الجنوبية. داعيا الجميع لمساعدة هذا الموروث على الحياة والاسمترار في أداء دوره الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من خلال إطلاق برامج لصيانتها بشكل دوري. لأنها هي الحياة في المناطق الصحراوية وأداة من أدوات الاستقرار وتوفير دخل قار.

وهكذا تبقى “الخطارة” صامدة عصية تتحدى عوامل الطبيعة والزمن وتأبى الاندثار. بجهد رجال ونساء عاهدوا على ضمان استمراريتها واستدامتها كصديقة وفية للإنسان المجال وللتاريخ الهوية والإيكولوجيا الحياة. فهي روح تتغذى من الماء. كما قالت: “لالة بدر السعودي العلوي”، رئيسة “مؤسسة مفتاح السعد”. وحمايتها ضمان للاستدامة الاقتصادية والبشرية في الأقاليم الصحراوية، كما قال: مدير الشؤون الثقافية بوزارة الثقافة والشباب والنتواص، “مصطفى جلوق”. وهي عصب الحياة في المناطق الجنوبية وأداة للاستقرار، كما قال شيخ الخطارة “لصغيري عبد الغاني”. شيخ الخطارة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.