السياسي و “الخوروطو” في لعبة البحث عن الكرسي

الدكتور العمراني عثمان

الدكتور العمراني عثمان

 

السياسي ينتظر “الخوروطو” ليصوت عليه، و “الخوروطو” ينتظر من السياسي أن يعطيه العسل والحليب. في المقابل “الخوروطو” يعرف أن السياسي لن يعطيه الحليب والعسل، بينما السياسي يعرف أن “الخوروطو” يطمع فيه من أجل مصالحه.

“الخوروطو” والسياسي يعرفون بعضهم البعض جيدا. فلا أحد منهما يثق في الآخر. كلاهما “عايق” بالآخر. ف”الخوروطو” يقول في سره و بعض علنه: إن السياسيين في غالبيتهم يتقاتلون من أجل المقاعد. بينما السياسيين يعرف جيدا أن “الخوروطو” لا يصلح إلا لمرة واحدة خلال خمس سنوات. و”الخوروطو” يعرف ذلك جدا جدا.

لكن “الخوروطو”، الذي يعرف أن السياسي “عايق” بقوالبه، يهدف إلى حلب السياسي حلبا خلال فترة الإنتخابات. لأنها، بالنسبة إليه المناسبة الوحيدة المواتية لاستحلاب و ابتزاز السياسي بطريقة شرعية. فيما السياسي همه الوحيد الجلوس على مقعد أو كرسي في الحكم، في البرلمان أو في إحدى الجماعات الترابية خلال فترة خمس سنوات.

الغريب، أنه وخلال فترة ما بعد وخلال الإنتخابات، الكل “يتسيف”، يتقلب، يتشقلب، كلاهما ما عرف ولا فهم ولا حدثاك يوما، ولو بالإشارة في يوم من الايام. حتى ترفع الأقلام وتجف الصحف ويربح من يربح ويخسر من يخسر. و حتما هناك رابحون كما ان هناك خاسرون.

لا يهم من سيخسر ومن سيربح. الأهم هو هذا الكرنفال الإجتماعي المزخرف، المسرح الشعبي المتفق عليه. و يا له من مسرح جميل، ممثلوه و متفرجوه يعرف بعضهم البعض. الجميع قارئ جيدا للسيناريو، الكل حافظ متقن دوره لدرجة التفاني. و لا خطأ خارج السيناريو، ولا ارتجال واحد من أجل ملح الطعام، ولا خروج على النص بدون مخرج ولا سيناريست.

بعد ذلك، تسدل الستائر، يقف السياسيون، أو بالأحرى يقفل الناجحون منهم هواتفهم النقالة. بينما “الخوروطو” لا تقف هواتفهم عن مهاتفة مرشحيهم لتهنئتهم، لكي يضمنوا تواصلهم من بعد الفوز.

لكن السياسي، بما حباه الله من ذكاء رباني فطري. يستبق الفقرة اللاحقة من بعد فرز النتائج، ويكون قد أغلق هاتف التواصل الخاص ب”الخوروطو” و شغل الهاتف الآخر، الهاتف الخاص بالتوافقات والتوازنات.

“الخوروطو”، هنا يعلم بفطرته الربانية كذلك، بعد 12 ليلا، أن مهمته انتهت، وأن السوق قد انفض، وما عادت كفة الابتزاز تنفع و لن تنفع. حيث أن الأمور، بعد المسرح ستتحول لدراما أخرى.

فبعد أن كان السياسي يلاحق “الخوروطو”، سيصبح الأخير يلاحق السياسي، وسيكمن له قرب باب المنزل، أمام مقر المكتب الذي فتح خصيصا لفترة الدعاية والذي سيغلق حتما بعدها، قرب مقر الحزب أو داخله.

السياسي هنا مشغول، ليس له وقت، كل همه معرفة أي كرسي سيجلس عليه، وأي تحالف سيدخل فيه حتى يرتب أوراقه، فيما “الخوروطو” أسقط في يده ولا حيلة له.

و القصة لا زالت لم تنته… يتبع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.