الراشيدية: الفساد يجر برلمانيا و34 آخرين للمحاكمة باستئنافية فاس

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

يمثل، اليوم الخميس. أحد النواب البرلمانيين عن “حزب الاتحاد الاشتراكي”، أمام قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال ب”محكمة الاستئناف بفاس”، في إطار التحقيق التفصيلي. اتصالا بقضية فساد مالي وإداري هزت إحدى الجماعات الترابية ب”إقليم الرشيدية”. بتهم “الاختلاس، تزوير المحررات الرسمية وهذر المال العام”.

ويتابع في هذا الملف الذي هز الرأي العام المحلي والوطني، 35 شخصا، ضمنهم أحد النواب البرلمانيين و10 موظفين عموميين ومقاولون. وذلك بتهم تتصل ب”اختلاس المال العام وتزوير محررات رسمية وتبديد المال العام ب”جماعة ملعب” ب”إقليم الرشيدية”. وذلك خلال الولاية السابقة. استنادا لمحاضر “الفرقة الجهوية للشرطة القضائية” وتقارير مفصلة صادرة عن “المفتشية العامة للإدارة الترابية” التابعة ل”وزارة الداخلية”.

رسوم غير قانونية واختلالات بنيوية في تدبير الجماعة 

وكانت التحقيقات قد كشفت عن وجود اختلالات هيكلية في تدبير المداخيل والنفقات. ضمنها فرض رسوم على الأنشطة التجارية واستخراج مواد المقالع بدون سند قانوني. إضافة لعدم مراجعة السومات الكرائية وتراخي تحصيل كراء الممتلكات الجماعية. فضلا عن حصول تجاوزات في الصفقات، من خلال منح سندات طلب بمبالغ ضخمة دون مواصفات تقنية وتكليف مكاتب دراسات وشركات غير مؤهلة. إضافة إلى ضبط مشاريع غير القانونية، ضمنها إنجاز مشاريع دون تراخيص أو دراسات فنية. فضلا عن منح امتيازات مالية غير مبررة، من خلال صرف منح لجمعيات وتعاونيات دون معايير قانونية. وكذا تسجيل خروقات إدارية تتصل بتوقيعات على فواتير قبل التأشير الفني.

تجدر الإشارة إلى أن المتهمين يتابعون طبقا “للفصل 240 من القانون الجنائي المغربي”، الذي يعاقب على اختلاس المال العام بالسجن من 5 إلى 20 سنة. و”الفصل 241 من ذات القانون”، المتعلق بتبديد أموال عمومية. فضلا عن “قانون الصفقات العمومية”، ذا الصلة بإبرام الصفقات.

قرار المتابعة تم عقب تقرير أسود صدر عن “المفتشية العامة للإدارة الترابية”، المؤهلة قانونيا لمراقبة تدبير الجماعات الترابية وضمان الشفافية. علما أن الفساد المالي “في المغرب” يشكل تحديا كبيرا. حيث تم تصنيف “المغرب” في المرتبة 86 في “مؤشر مدركات الفساد لعام 2022”. 

تعكس هاته القضية كما قضايا أخرى مفتوحة في مواجهة رؤوس فساد عزم النظام القضائي المغربي على محاربة الفساد. ومواجهة كل أشكال التلاعب بالمال العام. فيما يتطلع الرأي العام إلى محاكمة عادلة، تبرز الحاجة إلى تعزيز آليات الرقابة وترسيخ ثقافة النزاهة والشفافية. كما أنها تعتبر اختبارا حقيقيا لـ”استقلالية القضاء ومصداقية مؤسسات الرقابة”. خاصة وأن الأمر يتعلق بمنتخب يحمل صفة برلمانية حالية. وهو ما يطرح تساؤلات حول حدود الحصانة البرلمانية في قضايا المال العام. إضافة لفعالية الآليات الرقابية الجهوية والمركزية. فضلا عن جاهزية السلطة القضائية للانتقال من رصد الفساد إلى محاسبة حقيقية وشفافة.

فلا يمكن بالمطلق الحديث عن تنمية محلية بدون شفافية، ولا وجود لديمقراطية حقيقية إذا ظل الفساد بدون مساءلة ومحاسبة.

المحاكمة خطوة نحو استعادة ثقة المواطنين في المؤسسات

يرى متابعون أن هاته القضية قد تشكل منعطفا هاما في مسار العدالة المالية ب”المغرب”. وذلك في ظل الدعوات الشعبية لمحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة، كما أكد على ذلك الخطاب الملكي السامي بتاريخ 29 يوليوز 2023. فالوضع الراهن والتحديات التي يواجهها “المغرب” تفرض اعتماد آليات صارمة لمحاربة الفساد ومتابعة كل من يثبت تورطه في هدر المال العام. والحكم الصادر لن يكون مجرد قرار قضائي، بل مؤشر حقيقي وفعلي على جدية الدولة في حماية المال العام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.