توضيحالأسباب تقديمه لاستقالته من منصبه كنائب برلماني عن دائرة “مرس السلطان” بالدار البيضاء، أعلن “محمد التويمي بنجلون” ما سبق أن ادلى به من تصريحات. رابطا القرار بما يعرفه المغرب من حراك شبابي.
خطوة تعكس حدة المشهد السياسي والاجتماعي الراهن. والتفاعل غير المسبوق مع حركة احتجاجية شعبية.
وفي هذا السياق، أوضح “التويمي”، في اتصال بجريدة “العدالة اليوم”، أن تقديم استقالته جاءت تفاعلا مع مطالب محتجي حركة “جيل زد”. مبرزا أنه ومنذ نيله ثقة المواطنين والمواطنات عقب الاستحقاقات التشريعية لعام 2021، عن “حزب الأصالة والمعاصرة”. عمل على أداء هاته الرسالة على الوجه الأمثل. سواء في الباب التشريعي أو الرقابي أوالتقييمي للسياسات العمومية أوالانخراط في الدبلوماسية البرلمانية، وفق إفادته.
وأضاف أن هاته الأدوار تؤكدها محاضر اللجان الدائمة. لا سيما لجنة القطاعات الاجتماعية، فضلا عن محاضر الجلسات العامة. ذات الصلة بجلسات الأسئلة الشفهية أو الجلسات التشريعية العامة المنشورة بالجريدة الرسمية للبرلمان.
وأكد “التويمي” أن انتسابه ل”حزب الأصالة والمعاصرة” كجزء من التدبير الحكومي تفرض عليه الانضباط لتوجهات الحزب.
وفي سياق تقييمه للحراك الشباب المؤطر ضمن حركة “جيل زد”، قال التويمي: انه لم يجد جوابا ملائما لمطالب الشباب. ولهذا قرر تقديم استقالته تفاعلا مع الشباب ومساندة لمطالبهم. مضيفا انه لا يطمح في أي منصب ولا في أية مسؤولية سوى خدمة الوطن والشباب. مدافعا عن مصالحهم ومعززا الإنجازات التي تم إطلاقها بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. والتي بدأت تؤتي أكلها، حسب إفادته دائما.
تجدر الإشارة إلى أن حركة “جيل زد” حركة احتجاجية سلمية شبابية تفجرت مؤخرا في المغرب. مطالبة بمحاربة الفساد والمحسوبية وإصلاح النظام التعليمي والصحي وتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية مع توفير فرص عمل للشباب.
قراءة في مبررات خطاب الاستقالة
بالرجوع للتصريح الذي أدلى “التويمي” يمكن استنتاج المعطيات التالية. أنها نوع من الإقرار بمسؤولية التمثيل. من خلال اعتباره أن منصبه “أمانة جسيمة وواجب كبير” نالها من خلال حصوله على ثقة الناخبين. محاولا إضفاء نوعا من المسؤولية الأخلاقية على قراره المتخذ.
وأبرز أيضا التعارض بين الولاء الحزبي والمطالب الشعبية. في حديثه عن الانضباط لقرارات “حزب الأصالة والمعاصرة” أحد مكونات التحالف الحكومي القائم. وهو ما يوحي بوجود ضغوط داخلية تتعارض مع الدفاع عن مطالب المحتجين. وهو ما يجعل الاستقالة هي المخرج الوحيد لتحرير إرادته.
وفي سياق متصل، نقل “التويمي” تضامنه الصريح مع المحتجين قائلا: “لم أجد جوابا ملائما على مطالبكم. أتقدم باستقالتي تفاعلا معكم وأساند مطالب الشباب”. وهو ما يمثل تحولا في لغة الخطاب السياسي التقليدي، حيث يعلن سياسي من الأغلبية تضامنه الكامل مع حركة احتجاجية.
ليختتم قوله بتأكيد دعمه للتوجيهات الملكية السامية: “مدافعا عن مصالحكم ومعززا للإنجازات التي بدأت تعطي ثمارها تحت التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس”. في محاولة للتوفيق بين دعم الاحتجاج المشروع والبقاء ضمن الإطار العام للنظام.
تجدر الإشارة أيضا أن العضوية والاستقالة من مجلس النواب تخضع لضوابط دستورية وقانونية. ضمنها مقتضيات “الفصل 62 من الدستور المغربي”. الذي ينص على أن تمثيلية النائب النائب البرلماني كممثل للأمة، وعدم خضوعه للتكليف أو التقيد بأية تعليمات ملزمة. وهو ما يعزز فكرة الاستقلالية في اتخاذ القرار، بما في ذلك قرار الاستقالة كتعبير عن إرادة شخصية في تمثيل الأمة. إضافة “للفصل 41 من القانون الداخلي لمجلس النواب”، الذي ينظم شروط قبول الاستقالة، والتي يجب أن تقدم كتابيا وتصبح نهائية بمجرد إشعار مجلس النواب بقبولها من قبل رئيسه. فضلا عن القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية. الذي يثير تساؤلات حول علاقة النائب بحزبه ومدى انضباطه للخط الحزبي، خاصة عندما يتعارض مع قناعته الشخصية أو مع مطالب ناخبيه المباشرين.
تداعيات الاستقالة والسياقات المحتملة
يمكن قراء القرار بعيدا عن قراءة الحسابات الشخصية في قدرة الاحتجاجات غير التقليدية ممارسة ضغط مباشر على البرلمان. كما أنها تكرس الشعور بعدم قدرة الأحزاب التقليدية على استيعاب غضب الشباب وطاقاتهم. وهو ما يدفع ببعض عناصرها لاتخاذ خطوات فردية لاستعادة جزء من المصداقية. كما انها اختبار للانضباط الحزبي، حيث تضع “حزب الأصالة والمعاصرة”، كجزء من الأغلبية الحكومية، في موقف حرج. حيث تتعارض ولاءاته الحزبية والائتلافية مع صوت الشارع الذي يمثله أحد أعضائه.