شهدت المحكمة الابتدائية ب”الرباط”، صباح اليوم. محطة جديدة في النزاع القضائي القائم بين “الأمير هشام العلوي” و”اليوتيوبر محمد رضا الطاوجني”. حيث تقرر تأجيل البت في الدعوى إلى 9 ديسمبر المقبل.
قضية تثير أسئلة جوهرية حول التوازن بين حرية التعبير وحدود المسؤولية، لتتحول إلى منصة لاختبار الإطار القانوني المنظم للإعلام والصحافة في المغرب.
وقد حضر “الأمير هشام العلوي”، و”رضا الطاوجني” للمحكمة لحضور أولى أطوار المحاكمة المرفوعة.ليتقرر تأجيل البث فيها لجلسة 09 دجنبر المقبل.
وكان “الأمير هشام العلوي”، قد تقدم بشكاية في مواجهة “الطاوجني” يتهمه من خلالها ب”القذف والإساءة للشرف والاعتبار” في حقه. وذلك على خلفية شريط فيديو بثه هذا الأخير.
الامير مولاي هشام” على “الطاوجني” إثبات صحة الادعاء
عقب الجلسة، أكد “مولاي هشام” في تصريح للصحافة، أن الدعوى المقامة أتت نتيجة تصريحات أطلقها “الطاوجني”، متهما إياه من خلالها ب”تحويل ملايين من الدولارات أثناء قراره الإقامة في الولايات المتحدة الامريكية”. مبرزا أن المطلوب من المدعى عليه إثبات صحة الادعاء.
ووقف “مولاي هشام” حول قانون الصحافة، مبرزا أنه واضح ويجرم الاتهام بدون أدلة ثابتة وقطعية. مبرزا ان ما صدر عن “الطاوجني” غير معقول وغير مسؤول.
وأكد أن هجوم “الطاوجني” جاء عقب حواره مع “الكنفنسيال”، يوم 12 شتنبر. مضيفا أنه لا يتوفر على أية أدلة. مفيدا بأنه مع دفاعه سيلزمان “الطاوجني” بالإدلاء بأدلته والبقاء في موضوع وجوهر الدعوى. مضيفا أن هذا الأخير يقول بأن له مصادره “هذا حقه ونحن نشجعه على ذلك”.
وأوضح “مولاي هشام” أن “الطاوجني” مطالب بالإتيان بما في جعبته من القانون لا بما في سلته. مبرزا أن المسافة بين الاثنين كبيرة. فما بجعبته يعني ما له ارتباط بصلب الدعوى. أما بما بسلته فليقدمه خارج المحاكمة لأنه ليس من سياق الدعوى القائمة.
وشدد “مولاي هشام” على إيمانه بالشفافية والحرية في التعبير عن الرأي من أجل الحقيقة والدفاع عنها. معتبرا الأمر واجبا من أجل السمو بالمجتمع. مؤكدا أن الواجب يفرض الإتيان بالحجة في مضمار تناول وقائع في الصحافة. مشددا على ضرورة المحاسبة والحق في المعرفة وحماية حرية التعبير، لكن مع احترام أخلاقيات مهنة الصحافة. والحاجة للحقيقة من أجل تحصين المجتمع وذلك من خلال احترام حرية التعبير ولكن أيضا احترام أخلاقيات المهنة.
وأوضح “مولاي هشام” ان الكل معرض لمصاعب يصعب حلها. ومن هنا يبقى اللجوء إلى العدالة والقضاء المفوض من قبل المجتمع من أجل إعادة الدفئ والهدوء بين الناس.
الطاوجني: أتوفر على وثائق تثبت الادعاء
من جهته قال “الطاوجني”: بعد أن قدم طعنا في شكل الدعوى، مبرزا أن الاختصاص في البث في الدعوى يعود لمحكمة “آكادير”، حيث موطن الموقع وليس الرباط. مضيفا: بأنه يتوفر على وثائق تثبت صحة الادعاء وأنه سيقدمها للمحكمة.
ووقف “الطاوجني” حول شكليات لا صلة لها بموضوع الدعوى. من خلال الإشارة إلى التصريح الصحفي الذي قدمه “الأمير مولاي هشام” والذي تجاوزت مدته 18 دقيقة.
وقدم “الطاوجني” أيضا وقائع لا صلة لها بما يتم تداوله في المحكمة من قبيل تصريحات “مولاي هشام” لإحدى الصحف الإسبانية التي قال عنها: إنها معادية للوحدة الترابية للمملكة المغربية. مضيفا أن هاته الخرجة جاءت بعد حملة جريدة “لوموند” الفرنسية.
ومهما يكن فإن هاته المحاكمة تعكس صحة النموذج الديمقراطي المغربي لتبقى العدالة المستقلة هي الفيصل ما بين الادعاء والدفاع ترسيخا لدولة الحق والمؤسسات.
الأسس القانونية للادعاء
تقوم الدعوى التي أقامها “الأمير مولاي هشام” على تهمة ذات صلة ب”القذف والإساءة للشرف والاعتبار” المنصوص عليها في المواد المتعلقة بالجرائم الصحفية والحدود القانونية للنقد والتعبير. في قانون الصحافة والنشر. وأيضا الباب المتعلق بالجرائم ضد الأشخاص، (الشرف والاعتبار). ضمن مجموعة القانون الجنائي المغربي.
دفاع “الطاوجني” أكد في دفوعاته الشكلية على خلاف إجرائي. ذا صلة بالاختصاص الترابي الذي يعود لمحكمة “أكادير”، موطن الموقع الناشر للفيديو وليس “مدينة الرباط”. والذي يخضع لأحكام قانون المسطرة المدنية فيما يتعلق بتحديد المحكمة المختصة.
جوهر النزاع ودفوعات كل طرف في الدعوى
يتصل جوهر النزاع، لاتهامات وجهها “الطاوجني” “للأمير هشام” بـ”تحويل ملايين الدولارات” أثناء قراره الإقامة في “الولايات المتحدة”. فيما يطالب “الأمير هشام” بـ”إثبات صحة الادعاءات” وفق القاعدة القانونية القائلة: “البينة على من ادعى”.
وفي هذا السياق يؤكد “الأمير هشام”، إيمانه بـحرية التعبير. ولكن في إطار أخلاقيات مهنة الصحافة. واضعا مسافة فيما أسماه ما هو “في جعبة القانون”، أي ما له صلة بموضوع الدعوى. وما هو “في سلته”، أي ما لا صلة له بالموضوع. مشددا على أن الهجوم جاء ردا على حواره مع “الكونفيدنسيال” الإسبانية في 12 شتنبر.
من جهته يؤكد “الطاوجني” توفره على وثائق تثبت صحة الادعاء. مضيفا أنه سيقدمها للمحكمة. محاولا في الوقت نفسه توسيع إطار النقاش من خلال إشارته إلى مدة التصريح الصحفي للأمير التي تجاوزت 18 دقيقة. وتصريحات الأمير لصحيفة “إلباييس” الإسبانية التي وصفها بـ”المعادية للوحدة الترابية”.
تجدر الإشارة إلى أن الدستور المغربي يضمن حرية التعبير والفكر محددا في الوقت نفسه الضوابط القانونية لممارسة هاته الحريات. كما يحدد “قانون الصحافة والنشر” جرائم الصحافة والعقوبات المترتبة عنها.
وتبقى حرية الفرد مقيدة حينما تسيء لحرية الآخرين، وبالتالي يجب حصول التوازن بين حرية التعبير وحقوق الآخرين. كما أن المحاكمة تأكيد على عمق الديمقراطية المغربية وسلطة القضاء المستقل في الفصل في كافة النزاعات بعيدا عن الألقاب لأن الحق يبقى هو الفيصل. أي أنه لا سيادة إلا للقانون والضمانة تكمن في استقلالية القضاء.
وهكذا تتحول هاته القضية إلى محك حقيقي للفصل بين النقد المشروع والقذف غير المسؤول. وأيضا اختبارا عمليا لاستقلالية القضاء المغربي وقدرته على الفصل في قضايا تمس شخصيات بارزة. فضلا عن كونه نموذج دراسي لتداخل عالم الإعلام التقليدي مع منصات التواصل الاجتماعي في تشكيل الرأي العام.
ويبقى السؤال القانوني المطروح. هل سيقنع “الطاوجني” المحكمة بصحة ادعاءاته بأدلة ملموسة لا ترقى للشك؟ أم أن “الأمير هشام” سينجح في إثبات تعرضه لقذف غير مبرر، لترتسم صورة جديدة في التعامل مع إعلام اليوتيوب؟