الإشاعة والتضليل في الفضاء الرقمي بالمغرب التحديات وسبل المواجهة

العدالة اليوم

العدالة اليوم

 

اصبح الفضاء الرقمي مكانا خصبا لانتشار الإشاعات مع تساع أشكال التضليل وتزاحم الأخبار الزائفة على منصّات التواصل والمواقع الإلكترونية المغربية.

ففي الفضاء الازرق تصبح الإشاعة أسلوبا يجد منفذا بكل يسر لعقول المتلقين من خلال عناوين مثيرة وصيغ مُضللة، في سوق يختلط فيه التضليل مع المعلومة الممزوجة بالزخم الدعائي.

هنا يمكن للذكاء الاصطناعي ان يحضر كطبقة ذات وظيفة حمائية تعين الصحفي ومدير النشر أو رئيس التحرير كما القارئ على الفزر بين المعلومة الصحيحة والمعلومة المضللة. فيكون بذلك اداة لتقريب الحقيقة وبالتالي استعادة الثقة. حيث يتعلم من أنماط الكتابة وأساليب الإيهام لتقريبنا من الحقيقة عبروضع إشارات تنبيه عند الضرورة مع اقتراح بدائل موثوقة إن لزم الأمر.

في هذا الصدد، قدم طالب بسلك الماستر في الإعلاميات التطبيقية “الأوفشورينغ” ب”كلية العلوم” ب”جامعة محمد الخامس” بالرباط. مشروع تخرج يجمع بين البحث الأكاديمي والتطوير الهندسي لمكافحة الأخبار الزائفة والمضلِّلة من خلال اعتماد نموذج تعلّم آلة متقدّم لكشف الإشاعة ونظام توصية متقدّم موجّه للأخبار الموثوقة. وهو من تأطير الأستاذ “حميد خَليفي”.

يقدم البحث حلا للإشكالية عبر دمج كشف دقيق على مستوى العناوين العربية، مع توصية تعاونية قادرة على التقاط تشابه الاهتمامات وسلوك القراءة بين المستخدمين دون المساس بخصوصيتهم. حيث ينتقل القارئ من مجرّد نفي خبر إلى مسار إيجابي يرشده لمحتوى مهني موثوق ومطابق لميوله وموافق لاهتماماته.

تعتمد المنصة معالجة لغوية وإحصائية تبدأ من تطبيع العناوين العربية لإزالة التشكيل. إضافة لتوحيد الحروف لتحويل النص إلى تمثيل رقمي دقيق يلتقط البنى الأسلوبية المميزة. وعقبها يُشغَّل المصنّف القائم على تعلّم الآلة ليفرز العنوان إلى موثوق أو إشاعة. ويرفق الحكم بدرجة ثقة قابلة للفهم. فيما يعمل نظام التوصية التعاونية بالتوازي على تحليل أنماط التفاعل وتاريخ القراءة المؤشر لتقديم اقتراحات ذات صلة عالية من مصادر معروفة بالتحرّي.

تظهر نتائج العملية عبر واجهة عربية متجاوبة، تتيح إدخال العنوان بنقرة واحدة على زر تحقق. ليتم عرض الإشارة التوضيحية والنص التفسيري المختصر. متبوعا بروابط بديلة موثوقة تراعي تفضيلات القارئ والسياق المحلي.

يستند الحل المقدم إلى “بنية ميكروسيرفيس” متقدّمة تتيح مراقبة الأخبار وتنسيق الأدوار المهنية بين الصحفي ورئيس التحرير والقارئ على حد سواء. حيث تعمل خدمات التصنيف والتوصية والتتبّع التحليلي كوحدات مستقلة متصلة عبر واجهات برمجية آمنة. ويمكن تحديث كل خدمة وإعادة تدريبها دون تعطيل باقي المكوّنات أو تجربة المستخدم.

كما تسمح لوحة إشراف موحّدة بمتابعة صحة الخدمات وسجلاتها ومؤشراتها وتيارات الأخبار المشكوك فيها في الزمن الحقيقي. بواسطتها يرى الصحفي تنبيهات العناوين عالية المخاطرة قبل النشر. كما يضبط رئيس التحرير سياسات التحرّي وسقوف الثقة والمعايير التحريرية. فيما يحصل القارئ على تجربة تحقق شفافة وتوصيات شخصية لا تنتهك خصوصيته ولا تستغل بياناته خارج سياق الخدمة.

يمتاز المشروع المقدم بملاءمته الدقيقة للسياق المغربي، من حيث اللغة والعادات التحريرية. فهو يراعي طبيعة العناوين المكثفة والفوارق الإملائية وبعض التعابير الدارجة. وهو ما يرفع دقة الكشف ويزيد من صلة التوصيات بالقراء محليا. كما يفتح آفاق استعمال واسعة تشمل دور المصفاة قبل النشر داخل هيئات التحرير. إضافة لمراقبة ما بعد النشر لرصد العناوين المضللة المتداولة. فضلا عن ورشات التربية الإعلامية والرقمية التي تحتاج إلى أمثلة تطبيقية حيّة تعلّم الجمهور كيف يميز بين الخبر والإشاعة في بيئة هجينة ثنائية اللغة.

ولا يقدم المشروع الذكاء الاصطناعي كبديل عن العمل الصحفي، بل يؤكد مبدأ المساندة المهنية والحوكمة المسؤولة عبر الشفافية في تفسير القرار. من خلال الاقتصار على معالجة العنوان والبيانات الضرورية، وتحيين بيانات التدريب بصورة دورية لتفادي الانحيازيات. فضلا عن تثبيت أن مخرجات النموذج قرائن مؤشِّرة تستوجب المراجعة البشرية عند الحاجة.

ويقترح المشروع مسارات تطوير واقعية تشمل توسيع البيانات لتغطية الدارجة والمحتوى الثنائي العربية الفرنسية ولغات أخرى. مع تعزيز قابلية التفسير بإبراز المؤشرات اللغوية المؤثرة في القرار، وإدماج إشارات غير نصية مثل “الميتاداتا” وسياق النشر. إلى جانب تعميق التوصية التعاونية ب”خوارزميات” هجينة تمزج تشابه المحتوى وتشابه المستخدمين لضمان دقة أعلى واستجابة أفضل للتغيرات السلوكية.

ويمكن هذا العمل بالتالي من تحويل المعرفة العلمية إلى أدوات عملية قابلة للنشر تخدم المجال الإعلامي والمصلحة العامة. مؤكدا صرامة منهجية ودقة في التنفيذ تمزج البحث الأكاديمي مع قابلية التطبيق الميداني في منصة تجعل الذكاء الاصطناعي شريكاً للصحفي ورئيس التحرير والقارئ في حماية الحق في الخبر الموثوق. في زمن يحتاج إلى الأدلة قبل العناوين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.