الخطارة بين جهد الإحياء من “مؤسسة مفتاح السعد” وضمان العدالة والاستدامة المولوية + فيديو

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية التي تضمنها الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة، يوم الجمعة 10 أكتوبر 2025. عقدت “مؤسسة مفتاح السعد للرأسمال اللامادي للمغرب” اجتماعا استثنائيا، أمس الأربعاء 15 أكتوبر الحالي، بمقر المؤسسة. برآسة رئيستها “للا بدرة السعود العلوي” وبحضور أعضاء المكتب التنفيذي للمؤسسة”.

الاجتماع تناول بالتحليل مضامين الخطاب الملكي السامي، خاصة في الشق المتعلق بتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. وتحديدا في مجتمع الواحات ضمانا للتنمية والتنمية المستدامة.

كما وقف الاجتماع حول مسار 10 سنوات من عمل المؤسسة واشتغالها الذؤوب وبقوة في موضوع الخطارة، والدفاع عنها بكل الآليات الترافعية الممكنة. لإيصالها من المحلية إلى العالمية. وهو ما مكن من ضمان اعتراف رسمي بها كتراث إنساني عالمي من قبل منظمة “الإيسيسكو” و”الألكسو”.

وفي سياق متصل تم عرض وقراءة مقترحات “المدرسة المحمدية للمهندسين” و”المدرسة العليا للتكنولوجيا” في المجال. وتقديم قراءة في الشق التعليمي، خاصة في موضوع القافلة التعليمية المزمع إطلاقها. فضلا عن آليات التواصل مع شركاء المؤسسة، خاصة الجهات ذات الصلة بالبحث العلمي والأكاديمي.

الخطارة بين الخطاب الملكي وعمل "مؤسسة مفتاح السعد"
مؤسسة “مفتاح السعد للتراث اللامادي للمغرب”

الخطاب الملكي: تأكيد على إطلاق نموذج تنموي جديد وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية

في خطاب تاريخي أمام البرلمان، يوم 10 أكتوبر 2025. أعلن جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله وأيده. عن منعطف استراتيجي في الحكم عبر تفعيل النموذج التنموي الجديد. مع التركيز على تحقيق “الانتقال من منطق الإجراءات الجزئية إلى منطق البرامج المندمجة”.  وهو ما يمثل خارطة طريق للإصلاح الشامل مع آليات تنفيذ ملموسة ومواعيد محددة.

حيث أكد الخطاب المولوي السامي على ضرورة تفعيل آليات الحكامة الترابية المعززة لسلطة الجهات وتسريع وثيرة إصلاح منظومتي التعليم والصحة. فضلا عن تعزيز الاقتصاد الإنتاجي والاستثمار الخاص. مع اعتماد منهجية تشاركية في تنفيذ البرامج التنموية.

وشدد الخطاب الملكي السامي على ضرورة تحقيق النمو الاقتصادي والاستثمار من خلال تحفيز الاقتصاد الإنتاجي بدلا من اقتصاد الريع. مع دعوة القطاع الخاص للعب دور محوري في التنمية. وذلك من خلال تحسين مناخ الأعمال وتبسيط المساطر وتشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة ودعم المقاولة الصغرى والمتوسطة. والأهم الاهتمام بالعالم القروي، خاصة في المناطق الجبلية ومناطق الواحات. وذلك ضمانا للعدالة المجالية وتحقيقا للتنمية وضمان استدامتها بهاته المناطق. انطلاقا من إيمان جلالته على أن الإصلاح الحقيقي يبدأ من توفر إرادة سياسية صادقة.

لحلو: اجتماع اليوم الاستثنائي جاء تماشيا مع الخطاب الملكي السامي

عن الاجتماع وسياقه وأهميته قال قول الدكتور “عبد العاطي لحلو”، عضو المكتب التنفيذي ل”مؤسسة مفتاح السعد للرأسمال اللامادي للمغرب”: إن اجتماع اليوم الاستثنائي أتى تماشيا مع الخطاب الملكي السامي الأخير، الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله، في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة. الذي أعطى أهمية كبرى لتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. حاثا على ضرورة الاهتمام بالعالم القروي والمناطق الجبلية والواحات.

وأبرز أهمية الخطارة في التنمية المحلية المستدامة. مفيدا بأن المؤسسة بعد 10 سنوات من التجربة تمكنت من وضع ملف الخطارة على الصعيد العالمي حيث نالت اعتراف منظمة “الإيسيسكو” و”الآلكسو”.

وأضاف أن هناك رهانات كبرى يجب متابعتها لدعم مناطق الواحات من قبل القطاعين العام والخاص وكافة المتدخلين في المجال. مبرزا الجهد المبذول لرقمنة الخطارة وانفتاح المؤسسة على محيطها المحلي والإقليمي والجهوي والوطني والدولي لدعمها. مستنيرين بالتوجيهات الملكية الداعية للحفاظ على التراث اللامادي وتحويل المشاريع إلى منجزات لدعم الخطارة كتراث وطني هام.  

الخطارة: من التراث إلى المنجز التنموي

أكد “لحلو” على ضرورة اعتماد “مشروع الخطارة الوطنية” كبرنامج تنموي متكامل يدمج بين الحفاظ على التراث وتحقيق العدالة المجالية، عبر تخصيص استثمارات عمومية لدعمها. ودور المؤسسة كجهة منسقة.

خطوات للحفاط على الخطارة

لتمكين الخطارة من نسمة حياة لا بد من اعتماد مجموعة من الآليات. ضمنها إنشاء “مرصد وطني للخطارات” مع رقمنة 100 منظومة تقليدية. فضلا عن إطلاق برنامج لتكوين 200 شاب في تقنيات إدارة الخطارات وتطوير علامة منتجات الواحات المستدامة المرتبطة بالخطارات. إضافة لإدراج 50 خطارة في برنامج السياحة البيئية الجهوية.

الخطارة بين الخطاب الملكي وعمل "مؤسسة مفتاح السعد"
مؤسسة “مفتاح السعد للتراث اللامادي للمغرب”

الخطارة بين الاعتراف الدولي والعناية المولوية السامية

تزامن اجتماع “مؤسسة مفتاح السعد للتراث اللامادي للمغرب” مع الخطاب الملكي السامي بما حمله من توجيهات سامية. شددت على أولوية تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. مع الاهتمام بالعالم القروي والمناطق الهشة. فضلا عن تحويل المشاريع إلى منجزات ملموسة.

توجيهات سارت على منوالها “المؤسسة” منذ إنشائها قبل 10 سنوات خلت. وهو ما مكن من انتزاع اعتراف دولي من قبل “منظمة الإيسيسكو”، (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) واعتراف “الألكسو”، (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) بالخطارة كتراث خاضع للحماية. مع وضع الملف على الصعيد العالمي كتراث إنساني لامادي.

خطوات تهدف لتحقيق مجموعة من الرهانات الهيكلية. ضمنها الرهان البيئي المتمثل في مكافحة التصحر عبر الحفاظ على النظم البيئية الواحية والتكيف مع التغيرات المناخية. فضلا عن الحفاظ على التنوع البيولوجي.

إضافة للرهان الاجتماعي القائم على محاربة الهجرة القروية، عبر خلق فرص شغل محلية والحفاظ على الذاكرة الجماعية والمهارات التقليدية. فضلا عن تحسين ظروف عيش السكان.

فضلا عن الرهان الاقتصادي، القائم على تثمين المنتجات الواحية المرتبطة بالخطارات وتنمية السياحة الإيكولوجية. فضلا عن خلق اقتصاد دائري يعتمد على الموارد المحلية.

وهي رهانات تنسجم مع الفلسفة التي خط أسسها صاحب الجلالة الملك “محمد السادس”، أعزه الله. حيث قال جلالته: إن العدالة المجالية شرط أساسي للتنمية المستدامة. ومن هنا يمكن النظر للخطارة لا كتقنية للري فحسب، بل كنظام حياة وشاهد على حكمة أجدادنا في تدبير الندرة. لأنه الحضارة بدون تراث كشجرة بدون جذور. فضلا عن كون التراث اللامادي ذاكرة للأمم ووعاء حكمتها.

منير مباشر: جهد رئيسة المؤسسة والشركاء يمكن من ربح رهان الخطارة

من جهته عرج “منير مباشر”، نائب الكاتب العام ل”مؤسسة مفتاح السعد”. على الموضوع من باب الوقوف على 10 سنوات من التجربة والترافع في موضوع الدفاع عن الخطارة. وقوفا على استكمال المؤسسة لجميع الآليات في المجال وبنجاح كبير. وذلك بفضل المجهود الكبير الذي تقوم به رئيس المؤسسة “للا بدر السعود العلوي” وباقي أعضاء المؤسسة والشركاء خاصة وزارة الفلاحة. وهو ما مكن من وضع “خريطة وطنية للخطارات”، المتواجدة بخمس جهات من المغرب. ضمانا للاستقرار وترسيخا لمنظومة تضامنية تضمن الاستدامة في التنمية والترافع عنها بقوة محليا وإقليميا وجهويا ووطنيا وعالميا.

كما وقف حول تنويع أشكال الترافع، ضمنها إعداد ملحمة وطنية في الموضوع وأيضا مسرحية ذات صلة بالخطارة، بما تحمله هاته الإبداعات من آمال حياة معقودة على المجتمع الوطني والكوني من أجل الدفاع عن الخطارة. وأيضا حمايتها كتراث وطني وإنساني هام. دون إغفال المواكبة الرقمية لأهميتها في عصر التكنولوجيا المتطور والانفتاح على الكون عبر وسائل التواصل الممكنة ضمانا لحياة الخطارة ومجتمع الواحات.

عقد من الترافع: الخطارة من المحلية إلى العالمية

اعتمدت “مؤسسة مفتاح السعد” أسلوبا للترافع المتكامل كنموذج عمل مؤسسي يرتكز على تعزيز تواجد وحضور الخطارة في المحافل العالمية. وهو ما يقتضي توثيق هذا النموذج الهام في كتيب إرشادي مع إطلاق برنامج “سفراء الخطارة” دوليا. فضلا عن تطوير محتوى فني وإبداعي داعم للتراث. مع تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية المعنية بالتراث.

“مؤسسة مفتاح السعد” منهجية ترافع متعددة لضمان الحياة للخطارة

نوعت مؤسسة “مفتاح السعد للتراث اللامادي للمغرب” من أساليب وأشكال دفاعها عن الخطارة. بين الترافع المحلي والإقليمي، من خلال إشراك المجالس الترابية. والعمل أيضا على تحسيس الساكنة المحلية وإدماج الخطارة في برامج التنمية المحلية.

كما اعتمدت أسلوب الترافع الوطني عبر إقامة شراكة مع وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنسيق مع المؤسسات الوطنية العامةوالخاصة. فضلا عن إدراج الخطارة في السياسات العمومية.

ولم يقف جهد المؤسسة على الترافع المحلي والوطني بل امتد لنهج أسلوب الترافع الدولي. وهو ما أثمر اعتراف منظمة “الإيسيسكو” و”الألكسو” مع ترشيح الخطارة لقوائم “اليونسكو”. فضلا عن بناء شبكات دولية متخصصة.

“مؤسسة مفتاح السعد” رهان نجاح بفضل حكمة إدارة

يلعب الطاقم المسير ل”مؤسسة مفتاح السعد”، وعلى رأسها “للا برد السعود العلوي”، دورا هاما في قيادة استراتيجية وتوجيه مسار فريق العمل لتنفيذ البرامج والمشاريع المقررة بالتنسيق مع الشركاء. وذلك بغاية تقديم الدعم المؤسسي والتقني والعلمي الاكاديمي اللازم لمشروع “المؤسسة”. فضلا عن المصاحبة الفنية الإبداعية لتقريب الترافع من أكبر عدد من المتلقين وتحقيق إجماع حول سمو الهدف المنشود عبر إطلاق ملحمة وطنية كبرى. مع تقديم سردية فنية لتاريخ الخطارة. فضلا عن توثيق قصص كفاح مجتمعات الواحات كأداة تحسيسية موجهة للأجيال الناشئة. إضافة لتقديم عروض تفاعلية متنقلة بلغة فنية بسيطة وتأثير عاطفي وجماهيري. فالترافع الفعال يجعل من القضية المحلية قضية عالمية ويمكن بالتالي من تحقيق الأهداف المرجوة. علما أن وراء كل إنجاز عظيم رؤية قيادية ملهمة، كما ان العمل المؤسسي هو الضامن لاستمرارية الإنجازات.

“العلالي”: المنصة الرقمية للخطارة توثيق وتثمين

من جانبه أوضح “عبد العالي العلالي”، عضو المؤسسة. الجهد المبذول في مجال التعريف بالخطارة والترافع عنها من خلال إطلاق ثلاث مواقع إلكترونية، أهمها موقع “مفتاح الخطارة”. الذي يقدم مقاربة شاملة للخطارة. منطلقا من التعريف بها إلى مجموعة من الآليات الموضوعة للترافع عنها، ضمنها “رجل كنز” و”مسار مواقع الخطارة”. فضلا عن عرض خريطة للخطارات بالمملكة. والتي تنتشر في خمس جهات. إضافة لعرض لإصدارات المؤسسة كما الباحثين في المجال وأنشطتها مع عرض للخطاب الملكي السامي الذي تم اعتماده كأرضية لانطلاق المؤسسة قبل 10 سنوات. واقفا حول إطلاق المؤسسة لتطبيقات على الهواتف المحمولة و”المرصد الدولي للخطارة”.

وهكذا فقد مكن الجهد المبذول من توحيد المنصات الرقمية تحت مظلة واحدة. وهو ما أثمر رقمنة 100% من مسارات الخطارات المسجلة مع إطلاق تطبيق موحد للهواتف الذكية بميزات تفاعلية.

مشروع “مؤسسة مفتاح السعد” استخدام التحول الرقمي لحفظ التراث

أطلقت “مؤسسة مفتاح السعد” منظومة رقمية متكاملة اعتمدت فيها على ثلاث ركائز أساسية. ضمنها موقع “مفتاح الخطارة”، كمنصة شاملة مع بوابة معرفية متكاملة عن الخطارات. فضلا عن تقديم قاعدة بيانات موثقة للباحثين مع عرض أرشيف رقمي للخطب الملكية التأسيسية.

كما اطلقت المؤسسة تطبيقات على الهواتف المحمولة، مستثمرة ما لها من أدوات تفاعلية للزوار والسياح ونظام تتبع للمسارات الواحية. إضافة لكونها منصة تواصل للمهتمين. دون إغفال أهمية “المرصد الدولي للخطارة” كمركز دراسات مقارنة وشبكة دولية للخبراء ونظام إنذار مبكر للمخاطر. إضافة لبرنامج “رجل كنز” المعد لتثمين الخطارات عبر تدوين سجل المعرفة التقليدية وتوثيق المهارات. إضافة لإطلاق برنامج إدماج الخبرات المحلية. فضلا عما يحمله مشروع “مسار مواقع الخطارة” كمحتوى تفاعلي من جولات افتراضية ومقاطع فيديو توضيحية وخرائط تفاعلية للمسارات عبر جهات خمس رئيسية. والأمر يتعلق بكل من “جهة درعة تافيلالت”، “جهة سوس ماسة” و”جهة كلميم واد نون. فضلا عن “جهة الشرق” و”جهة بني ملال خنيفرة”.

وتهدف هاته الجهود المبذولة من قبل المؤسسة لرفع الوعي بأهمية التراث المائي وتحسين تدبير الموارد المائية التقليدية. مع تعزيز البحث العلمي في المجال. إضافة لضمان الاعتراف الدولي بالخطارة كتراث إنساني وتبادل الخبرات مع الدول ذات الأنظمة المماثلة وجذب الاستثمار في مجال السياحة البيئية. علما أن التحول الرقمي يعتبر ضرورة استراتيجية للحفاظ على التراث والهوية. على اعتبار أن المنصات الرقمية جسر بين حكمة الماضي وتحديات المستقبل.

“مؤسسة مفتاح السعد” جهود مضنية للدفاع عن الرأسمال اللامادي

مثلت “مؤسسة مفتاح السعد” منذ تأسيسها نموذجا رياديا في إدارة الرأسمال اللامادي بالمغرب. حيث تتبنى مقاربة شاملة تجمع بين الأبعاد الثقافية والاقتصادية. مشكلة من خلال عملها جسرا بين التراث المغربي الأصيل ومتطلبات التنمية المستدامة والحفاظ على الهوية الوطنية.

من هاته الفلسفة انطلقت المؤسسة مستلهمة في مسار عملها التوجيهات المولوية السامية. حيث عملت على تطوير برامج توثيق وتصنيف الرأسمال اللامادي المغربي مع إنشاء منصة رقمية للباحثين والمهتمين. فضلا عن تعزيز الشراكات مع المؤسسات الأكاديمية الوطنية والدولية وإطلاق مبادرات لتثمين الرأسمال اللامادي في الاقتصاد الوطني. وذلك ضمن رؤية تهدف لحفظ الموروث الثقافي والروحي المغربي من خلال ربط الحاضر بالماضي عبر توثيق التراث اللامادي. وتثمين الرأسمال اللامادي كرافعة للتنمية المحلية والوطنية من خلال تبني المؤسسة مقاربة تقوم على تحويل الرأسمال اللامادي إلى قيمة اقتصادية مضافة. وذلك من خلال اعتماد برامج للتكوين في الصناعات التراثية ودعم السياحة الثقافية. فضلا عن تطوير منتجات تراثية قابلة للتسويق. انطلاقا من إيمانها بأن الأمة التي تحافظ على تراثها هي أمة تمتلك مستقبلها، كما سبق أن اكد على ذلك جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. اعتبارا لكون الرأسمال اللامادي هو كنز الأمة الحقيقي وأن الحضارة قيم وأخلاق ومعرفة. كما أن التراث هو هوية الأمم وبصمتها في التاريخ.

“نعيمة استيتو”: القافلة التعليمية جسر التراث نحو التنمية

من جانبها أكدت “نعيمة استيتو”، نائبة رئيسة “مؤسسة مفتاح السعد للرأسمال اللامادي للمغرب”. أن هذا الاجتماع الاستثنائي الذي جاء تزامنا مع الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالته، حفظه الله، يوم 10 أكتوبر الجاري. والذي أكد من خلاله جلالته على ضرورة الاهتمام بالتنمية المحلية وضمان استدامتها، ضمنها الخطارة كوسيلة للري في الواحات.

ووقفت حول جهد المؤسسة وانفتاحها على المستوى التعليمي وأهمية القافلة التعليمية المسيرة من أجل التعريف بالتراث الوطني والرأسمال اللامادي. وتوضيح أهميته في ضمان التنمية والاستدامة في التنمية. مؤكدة على ضرورة السير بخطى واحدة في مجال الإقلاع التنموي. مبرزة أهمية برنامج “القافلة التعليمية للتراث اللامادي” ضمن المناهج التعليمية الوطنية. داعية لتوسيع نطاقها لتشمل المناطق القروية.

قافلة تعليمية لتوطين المعرفة بالخطارة وأهميتها

يعتبر توطين المعرفة بالخطارة ضمن المنظومة التربوية، وإطلاق منصة رقمية تفاعلية للتراث اللامادي. فضلا عن إنتاج أدوات بيداغوجية حول التقنيات المائية التقليدية. ذا أهمية كبيرة في التعريف بالخطارة والتراث اللامادي ككل. وضمان استدامته من خلال التوعية بأهميته وأهمية الحفاظ عليه والترافع عن جوهره. وذلك من خلال إطلاق وحدات متنقلة للتعريف بالتراث اللامادي وإقامة ورشات تطبيقية حول تقنيات الخطارة. فضلا عن اعتماد مواد بيداغوجية ملائمة للمستويات التعليمية وخلق شراكات مع الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

خطوات تبقى ضرورية من أجل دمج التراث في المنظومة التعليمية. وذلك عبر إعداد كتيبات بيداغوجية عن التقنيات المائية التقليدية وتنظيم زيارات ميدانية لمنظومات الخطارات. مع إدماج مفاهيم التراث في مواد الاجتماعيات والعلوم. وذلك للمساهمة في تحقيق الاستدامة التنموية عبر التعليم من خلال تعزيز الانتماء المحلي لدى الأجيال الناشئة وخلق فرص اقتصادية مرتبطة بالتراث. مع حفظ المهارات التقليدية من الاندثار. كل ذلك عبر إشراك كافة الفاعلين في عملية النقل المعرفي، من حرفيين، أكاديميين وطلبة وجمعيات محلية وسلطات إقليمية ومصالح ممركزة. فالتعليم هو السلاح الأقوى لتغيير العالم. والتنمية لا يمكن تحقيقها بدون تعليم جيد، ولا تعليم حقيقي بدون ارتباط بالهوية. فالحفاظ على التراث مسؤولية جماعية تبدأ من المدرسة قبل المجتمع.

الخطارة: من التراث إلى المنجز التنموي

يعتبر اعتماد “مشروع الخطارة الوطنية”، كبرنامج تنموي متكامل، يدمج بين الحفاظ على التراث وتحقيق العدالة المجالية. قنطرة أساسية للدفاع عن هذا الكنز المحلي والوطني والكوني .وهو ما يفرض تخصيص استثمارات عمومية وخاصة لتثمينه وإمداده بأوكسيجين الحياة. مع إشراك “مؤسسة مفتاح السعد لتراث اللامادي للمغرب” كجهة منسقة.

ومن هنا أهمية إنشاء “المرصد الوطني للخطارات” ورقمنة 100 منظومة تقليدية مع إطلاق برنامج “الحكّام الجدد” لتكوين 200 شاب في تقنيات إدارة الخطارات. فضلا عن تطوير علامة “منتجات الواحات المستدامة” المرتبطة بالخطارات. مع إدراج 50 خطارة في برنامج السياحة البيئية الجهوية.

خطوات تتماشى مع التوجيهات الملكية السامية التي أعلن عنها جلالته، حفظه الله. في خطاب افتتاح الدورة الخامسة من السنة التشريعية. المشدد على أولوية تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية والاهتمام بالعالم القروي والمناطق الهشة. فضلا عن تحويل المشاريع إلى منجزات ملموسة.

جهد كبير بدلته “مؤسسة مفتاح السعد” مكن من تحقيق اعتراف منظمة الإيسيسكو، (المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة) و”الألكسو”، (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم) بالخطارة كتراث لامادي محمي. إضافة لوضع الملف على الصعيد العالمي كتراث إنساني لامادي.

كل ذلك من أجل المساهمة في مكافحة التصحر عبر الحفاظ على النظم البيئية الواحية وضمان التكيف مع التغيرات المناخية. فضلا عن الحفاظ على التنوع البيولوجي. إضافة لمحاربة الهجرة القروية، عبر خلق فرص شغل محلية والحفاظ على الذاكرة الجماعية والمهارات التقليدية من الاندثار. مع تحسين ظروف عيش الساكنة المحلية التي تعتبر الخطارة إحدى مواردها الاقتصادية الأساسية وقنظرة استقرارها الاجتماعي. على اعتبار أن هاته القواعد تعتبر أساسية لتحقيق التنمية المستدامة. والمدخل إلى ذلك الحفاظ على هاته النظم التي تعتبر شاهدا على حكمة أجدادنا في تدبير الندرة.

ورقة تقنية حول الخطارة من الاعتماد إلى الاستعمال

تعتبر الخطارة، أو القنوات المائية تحت الأرضية، تقنية هندسية معقدة طورها المغاربة منذ القرن الحادي عشر. تمتد لمسافات تصل إلى 20 كيلومتراً تحت الأرض، وتستخرج المياه الجوفية عبر الجاذبية دون استخدام طاقة. حيث ظهرت أولى الخطارات، خلال القرن 11. ب”منطقة سوس”. لتنتشر لاحقا في “تافيلالت” و”درعة”. وتصل لذروة تطورها التقني خلال القرن 17. إلا أن دورها تراجع خلال القرن 20 بسبب المضخات الحديثة.

وتتكون الخطارة من “شبكة ثلاثية الأبعاد” محكمة تتضمن “البئر الأم، (أم اڭريس)” بعمق يصل إلى 200 مترز إضافة لقناة للنقل، (ساقية أرضية)، مع ميلان ثابت ما بين 0.5% و1%. فضلا عن آبار للتهوية، (أڭراب)، للمتابعة والصيانة ومنبع الظهور، (المسقى)، أي نقطة خروج المياه.

ويصل طول الخطارات ما بين 2 إلى 20 كيلومتر. فيما يصل عمق البئر الأم، ما بين 20 إلى 200 مترا. أما سرعة التدفق فتصل ما بين 2 إلى 50 لتر في الثانية. كما ان العمر الافتراضي للخطارة يصل ما بين 100 إلى 400 سنة.

أهمية الخطارات في ضمان الاستدامة وحماية البيئة

تمثل الخطارات حلاً مستداماً للتكيف مع التغيرات المناخية، وذلك لكونها صديقة للبيئة، حيث تحتوي على صفر من الانبعاثات الكربونية. كما أنها تلعب دورا هاما في الحفاظ على التوازن المائي الجوفي. مع منع تداخل مياه البحر في المناطق الساحلية.

الأبعاد المجتمعية والاقتصادية للخطارات

تعتمد الخطارات على نظام حكامة تقليدية قائم على نظام اجتماعي متكامل لإدارتها. يتضمن “الحكّام”، أو مسؤولو التوزيع. “الجبّاية”، أو مسؤولو التحصيل. “الكنّافة”، أو مسؤولو الصيانة وأخيرا “الجماعة، أي مالكو الخطارة.

وعلى الرغم من قدم الخطارات إلا إنها لا تزال تعتبر نظاما أساسيا للري بالواحات. إضافة لتوفير مياه الشرب. مساهمة بالتالي في الحفاظ على التنوع البيولوجي في الواحات.

وتعيش الخطارات على وقع تحديات تهدد استدامتها. ضمنها نقص اليد العاملة المؤهلة فضلا عن حصول تداخل مع الآبار الحديثة. إضافة لتكاليف الصيانة المرتفعة. دون إغفال التهديدات البيئية، ضمنها انخفاض منسوب المياه الجوفية وأثر التغيرات المناخية. فضلا عن زحف الرمال.

واقع يفرض الحفاظ على استمرار نظام الخطارات باعتباره شهادة على حكمة شعب تعلم العيش في وئام مع الطبيعة. وبالتالي فإن فقدانها يعني فقدان ذاكرة مائية عمرها ألف عام. وتهديدا لنظام يقدم حلولا لمشاكل الماء في القرن الحادي والعشرين. لأن زوال الحضارة مرتبط بإهمال أنظمتها المائية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.