مونديال التشيلي: المنتخب المغربي يفرض نفسه كمعادلة كروية قوية لا يمكن قهرها

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

حقق المغرب المغربي لأقل من 20 سنة إنجازا تاريخيا غير مسبوق، ودخل تاريخ كرة القدم من أوسع أبوابه. بعد أن فرض نفسه كبطل للعالم بتتويجه بلقب كأس العالم للشباب للمرة الأولى في تاريخه. إثر فوزه المقنع أداء ونتيجة على “المنتخب الأرجنتيني” بنتيجة هدفين دون رد، (2-0). في المباراة النهائية التي جمعت المنتخبين على أرضية “ملعب ناسيونال” في “سانتياغو” ب”تشيلي”.

وبهذا التتويج، دخل المغرب سجل كرة القدم العالمية من أوسع أبوابه، ليصبح أول منتخب عربي وثاني منتخب إفريقي يرفع الكأس العالمية بعد “منتخب غانا” عام 2009.

سيطرة تكتيكية وتألق فردي يحسما تفاصيل المواجهة

حسم “أشبال الأطلس” المواجهة القوية التي جمعتهم ب”منتخب الأرجنتين” بفضل هدفي النجم “ياسر زاييري” في الدقيقتين 12 و29 من الشوط الأول. مع أداء دفاعي منضبط  ومليء بالثقة.

وعلى الرغم من الضغط الأرجنتيني خلال الجولة الثانية بنسبة استحواذ تجاوزت 68% و11 ضربة زاوية مقابل واحدة للمنتخب المغربي. إلا أن صلابة الدفاع المغربي وحضور الحارس ساهما في تحصين الشباك حتى صافرة النهاية.

محاولات “التانغو” اصطدمت بتنظيم مغربي نموذجي وقراءة تكتيكية متقنة من الطاقم التقني. رغم لجوء المنافس إلى تقنية “الفار” مرتين لكن دون جدوى.  

صلابة دفاعية ونضج تكتيكي مع نرفزة واضحة، مع نرفزة واضحة على اللاعبين الأرجنتينيين. وهو ما تجلى في القذف من بعيد خارج أسوار المرمى المغربي وعدد البطاقات الصفراء التي حصدوها. وأيضا كانت واضحة على الطاقم التقني الذي سعى بكل الوسائل للرجوع في النتيجة والمباراة عبر استخدام الورقة الخضراء والرجوع لتفنية “الفار” لفترتين لكن بلا فائدة.

تجدر الإشارة إلى أن “منتخب الأرجنتين” حاز هذا اللقب العالمي ست مرات، خلال فترات سابقة.

ويعتبر هذا التتويج إنجازا تاريخيا غير مسبوق للكرة المغربية. وهو ما يجعل “المغرب” أول منتخب عربي وثاني منتخب إفريقي يحصد لقب كأس العالم لأقل من 20 سنة بعد منتخب غانا” عام 2009.

وبهذا الفوز والتتويج يرسم “المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة” طريقه إلى العالمية وبقوة. ليؤكد التألق والصحوة التي عرفتها الكرة المغربية في مختلف الفئات العمرية والأصناف.

وكان المنتخب المغربي قد تأهل للدور النهائي من هاته الكأس على حساب “المنتخب الفرنسي” بالركلات الترجيحية بحصة خمسة مقابل أربعة، “5ـ4″بعد أن انتهى الوقت الرسمي للمباراة والشوطان الإضافيان بالتعادل الإيجابي “1-1″، مساء الأربعاء.

قراءة تكتيكية: من الصلابة الدفاعية إلى النجاعة الهجومية

اعتمد المنتخب المغربي تكتيكيا على خطة 4-3-3 مرنة. تقوم على الضغط العالي والهجمات المرتدة السريعة. مع قوة دفاعية وفاعلية هجومية. الأمر الذي عزاه محللون إلى عمل تكويني عميق على مستوى الأندية وأكاديميات الفئات الصغرى. خاصة “أكاديمية محمد السادس”.

وقد لاقى تتويج “المنتخب المغربي” وأداؤه خلال كافة أطوار هاته الكأس اهتماما واسعا بين عشاق الكرة المستديرة في العالم العربي. الذين اعتبروا “المغرب” مرجعا للقوة العربية في كرة القدم الشابة على الصعيد العالمي. مبرزين أن هاته اللحظة ستبقى فارقة ولن تنسى من الذاكرة.

وبهذا التتويج تواصل الكرة المغربية تألقها راسمة مسارا تصاعديا بعدما قهر منتخبات قوية، ضمنها “إسبانيا”، “البرازيل”، “فرنسا” ليأتي الدور على المنتخب الأرجنتيني خلال اللقاء النهائي. بعد أن رسموا قصة فخر كروية عالمية، من مونديال 2022 إلى نهائي مونديال الشباب 2025. حيث رفع شباب المغرب سقف الطموح ووضعوا الكرة المغربية في دائرة الضوء الدولي.

ردود الفعل: فرحة وطنية ورسائل ملكية

مباشرة بعد صافرة النهاية، خرجت مسيرات فرح في شوارع “الرباط”، “الدار البيضاء”، “مراكش”، “طنجة”، “سلا وباقي المدن المغربية. وتم تسيير مواكب سيارات ودراجات احتفاء بهذا الإنجاز التاريخي الذي وقع عليه “أشبال الأطلس” في تحديهم وقهرهم لعمالقة الكرة العالمية. وبأبطال العالم الجدد. ليتبث “منتخب الشباب المغربي” أن الانضباط والروح الجماعية تخلقان الفارق وتقهران التاريخ والنجوم.

كما تلقى المنتخب المغربي تهنئة ملكية سامية من جلالة الملك “محمد السادس”، نصره الله. عبر فيها جلالته عن اعتزازه الكبير بهذا الإنجاز الرياضي التاريخي الذي يعكس الروح الوطنية العالية والإصرار على رفع راية المغرب خفاقة في المحافل الدولية.

حيث قال جلالته أعزه الله: “فقد تتبعنا بابتهاج بالغ واعتزاز عميق مساركم البطولي الذي توجتموه بظفركم عن جدارة واستحقاق بكأس العالم لأقل من 20 سنة، (نسخة الشيلي 2025). وإنه لمن دواعي سرورنا وفخرنا أن نتوجه إليكم بأحر التهاني على هذا الإنجاز العالمي الجديد، الأول من نوعه في تاريخ كرة القدم المغربية”.

كما تفاعل الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) على حسابه الرسمي قائلا: “من المغرب إلى العالم، جيل يكتب التاريخ ويعيد تعريف كرة القدم الإفريقية”. 

من مونديال 2022 إلى مونديال 2025 مسار تصاعدي

منذ تألق “أسود الأطلس” في “مونديال قطر 2022” وبلوغهم نصف النهائي. تشهد الكرة المغربية طفرة نوعية في مختلف الفئات العمرية. حيث قدم “أشبال الأطلس”، خلال البطولة. أداء مذهلا، أطاحوا فيه بمنتخبات عملاقة. قبل أن يختتموا المسار بتفوق واضح أمام “الأرجنتين”، صاحبة ستة ألقاب عالمية. ليؤكد “أسبال الأطلس” بهاته النتائج والتتويج باللقب العالمي أن جيلا أفريقيا جديدا قادما ليصنع التاريخ ويقهر العمالقة والنجوم.

تتويج يكرس صورة المغرب كقوة ناعمة رياضية عالمية. ويؤكد نجاح سياسة رياضية يرعاها العاهل المغربي “محمد السادس”، حفظه الله. تربط التطور الرياضي بتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق التماسك الاجتماعي. وهو ما أكدته النتائج المحققة بفضل نجاح النموذج الرياضي المغربي القائم على الاستثمار في التكوين المحلي والبنيات التحتية. ضمنه “مركب محمد السادس لكرة القدم” ب”المعمورة”، الذي يعتبر أحد أحدث المراكز الإفريقية. 

وسيفتح هذا التتويج الباب أمام جيل ذهبي جديد قد يشكل نواة منتخب الكبار في أفق كأس العالم 2030. التي ستقام ب”المغرب” بشراكة مع “إسبانيا” و”البرتغال”. كما سيضع “الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم” أمام مسؤولية مواصلة الإصلاحات الهيكلية في تسويق المنتوج الكروي المغربي دوليا. فضلا عن توسيع برامج الدعم للفئات الصغرى وتحسين الحكامة الرياضية.

وهكذا فقد انتقل المغرب من مرحلة تمثيل مشرف إلى مرحلة الريادة الكروية العالمية. وذلك بفضل تخطيط استراتيجي ورؤية وطنية شاملة. فالإنجاز الذي تم تحقيقه لم يكن وليد الصدفة أو ضربة حظ كما هللت بذلك الأبواق المعادية للمغرب. بل نتيجة عقدين من الإصلاح الرياضي، تخللتهما مشاريع مهيكلة، قوانين مؤطرة، واستثمار وطني في الإنسان قبل البنية. وبهذا الإنجاز لم يرفع “أشبال الأطلس” الكأس فقط. بل رفعوا سقف الطموح القاري والعربي بأكمله.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.